مع بداية كل صيف تثير العقارب السامة في ورقلة مخاوف الأهالي ويزداد توترهم كلما ارتفعت درجة الحرارة وهي الفترة التي ينتشر فيها هذا النوع من الكائنات القاتلة، وتعد هذه المنطقة الجنوبية من مجموع 28 ولاية متضررة بهذه الحشرات كما تحتل المرتبة الثانية وطنيا بعد بسكرة من حيث ارتفاع عدد المصابين بلدغات العقارب التي حصدت أرواح أزيد من 100 شخص في أقل من 5 سنوات وإصابة أكثر من 12980 مواطن تتراوح أعمارهم بين السنتين والتسعين سنة. وأفادت الملتقيات العلمية بأن ما بين 25 و 50 ألف شخص يصابون بلدغات العقارب سنويا في الولايات المذكورة فيما يتراوح عدد الوفيات بين 100 و 200 شخص، ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية في الجزائر إلى ارتفاع عدد المصابين باللدغات من سنة 1991 إلى 2006 فيما تراجعت أعداد الوفيات كما هو الحال بعاصمة الواحات ورقلة. عائلات تبحث عن أعداء العقارب تعتبر مناطق البور وأفران وأم الرانب وبور الهيشة وسيدي خويلد، وهي مواقع نائية خارج الإقليم الحضري للمدينة التي زارتها "الشروق اليومي"، من الجهات الأكثر معاناة جراء التسمم العقربي، وأمام بعد المسافة عن المرافق الصحية ونقص المواصلات إليها وضعف أداءها تلجأ غالبية العائلات المعوزة إلى تربية ما يسمى بأعداء العقارب كالقطط والدجاج والفنك للقضاء عليها وفي مقدمة هذه الحيوانات القنفذ – هذا الحيوان، ذو الجلد الشوكي والجسم المعقد الذي يركن للراحة في النهار ويتحرك كالآلة في الليل، يعد في نظر المواطنين من الحيوانات "البطلة" في محاربة العقرب وتلاحقها حتى في جحورها، لذا فإن الكثير من الأسر تقود حملة واسعة لتربية القنافذ بغية الحد من أخطار الإصابة بلدغات الأفاعي و العقارب من منطق اعتمادها على الزواحف كغذاء يومي لها. وفي هذا السياق، يروي "الحاج الشيخ"، أحد سكان منطقة البور "للشروق اليومي"، أن القنافذ أنقذت حياة أحد أبنائه الصغار الذي لم يتجاوز السنتين من الموت المحقق، بعد أن تمكنت من مهاجمة عقرب من الحجم الكبير عثر على ذيلها في صبيحة اليوم الموالي بالقرب من فراشه، ويضيف محدثنا أنه لو أصابته لكان في أعداد الموتى، و هو ما حدث مع أخته الصغرى خديجة التي توفيت بعد إصابتها بلدغة عقرب قبل ثلاثة سنوات حيث كانت نائمة إلى جنب والدتها وأمام صعوبة نقلها إلى المستشفى غادرت الحياة متأثرة بالسم القاتل. ويعد القنفذ طويل الأذنين من أصغر القنافذ العربية ويتواجد في المناطق شبه الصحراوية ويبلغ متوسط طوله 19سم وطول ذيله 2.5 سم، وشوكه أسود من أصله وينتهي باللون الأبيض، أما الوجه فيغطيه شعر أصله أبيض وأذناه الطويلتان تساعدانه على تبديد حرارة جسمه وتزيد من حساسيتهما للأصوات البعيدة وله حاسة شم قوية تساعده في تحديد فرائسه. حليب الناقة والشاي و الحجرة السوداء هم الملاذ حدثنا عمي "قادة" أن الإصابة بلدغة العقرب لا تقلقهم في الصحراء، معتقدا أن المصاب يشفى بمجرد تناوله لأكواب من حليب الناقة خصوصا "الشايلة " وهي التي تضع حملها حديثا، مشيرا إلى أن أقرانه عاشوا لأكثر من نصف قرن لا يعرفون للمستشفى طريقا كما أن هذه التجربة أثبتت نجاعتها إذ أصبح الكثير من أهالي المصابين يتنقلون مسافات كبيرة للاتصال بنا بحثا عن حليب النوق. ويحتوي حسب رأيه على مواد طبيعية مرتبطة بتغذية الجمال تسهل في شل حركة السم بجسم المصاب يصاحبه تقيؤ ومن ثم بداية التعافي، كما يحتم على المصاب احتساء كميات من الشاي المركز ممزوج بمادة الدهان المستخلصة من الحليب على فترات ومنعه من الحركة وشرب الماء ليوم واحد على الأقل على أن تسبق كل هذه العمليات ربط مكان العضو بدقة وامتصاص كميات من الدم. ويختلف الرحل في علاجهم لسموم الحيات والعقارب من الرقية إلى استخدام الحجرة السوداء ظنا منهم أنها تجمد السم في العروق. وأوضح ذات المتحدث الذي يصف نفسه بالخبير أن العقرب السوداء هي الأخطر، أو ما يعرف علميا )بالأندركتنوس أستراليس، يبلغ طولها 10 سم وتحمل ملاقط والحلاقات الأخيرة من جسمها داكنة، ذيلها سميك يمتد أحيانا إلى الحلقة الرابعة. والغريب من أن القنافذ تفضلها عن بقية الزواحف. وتؤكد الأرقام المسجلة أن نسبة الإصابة في المناطق النائية تصل إلى 68 بالمائة بينما 23 بالمائة يصابون في مواقع ثانية بوسط المدينة ومحيطها. أما النقاط المعزولة فيفضل أهلها الاستعانة بالحيوانات كوسيلة للتقليل من ارتفاع نسبة الوفيات و كذا المحافظة على التوازن البيولوجي. حكيم عزي