تلتقي الحكومة يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين، شركاءها الاقتصاديين والاجتماعيين، حول ملف واحد يتعلق بخطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي الذي رصدت لأجله الحكومة مبدئيا حوالي 20 مليار دولار، في انتظار استكمال ضبط المخطط الوطني المتعلق بتحقيق الإنعاش وإرساء اقتصاد منتج كفيل بإحداث القطيعة النهائية مع زمن الريع. بعد أن أعلنت الوزارة الأولى في وقت سابق عقد اللقاء الخاص بمناقشة المخطط الوطني المتعلق بالإنعاش الاقتصادي والاجتماعي يومي 16 و17 أوت القادمين، عادت السبت ودحرجت هذا التاريخ لتبرمج اللقاء يومي 18 و19 من الشهر الجاري، واحتفظت الحكومة بجدول الأعمال الذي يضم ملفا واحدا يتعلق بخطة الإنعاش الاقتصادي الذي يتفرع عنه العديد من الملفات ويخص جميع القطاعات والهيآت ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي فرض توجيه الدعوة لشركاء الحكومة الاقتصاديين والاجتماعيين. اللقاء الذي سيجمع بالمركز الدولي للصحافة، عبد اللطيف رحال، هذا الثلاثاء أعضاء الحكومة المكلفين بالتنمية والإنعاش الاقتصادي، والمتعاملين الاقتصاديين، والبنوك والمؤسسات المالية، والشركاء الاجتماعيين، من خلال المنظمات النقابية للعمال، ورغم أنه يجمع أطراف الثلاثية، إلا أن الوزارة الأولى رفضت وصفه وتسميته في بيانها الصادر منتصف الشهر الماضي بلقاء الثلاثية، رغم أنه يعتبر بمثابة الثلاثية "المكتملة الأركان"، ويبدو أن الحكومة أرادت أن تبعد كل أثر سلبي على لقاء الثلاثاء، وتبعده عن ظلال لقاءات الثلاثيات السابقة المخيبة لآمال الجزائريين، والتي كان آخرها أي الرقم 20 منذ قرابة الثلاث سنوات. اجتماع الثلاثاء القادم، سيحضره حوالي 10 وزراء من حكومة عبد العزيز جراد، ويتعلق الأمر بوزراء الداخلية، والطاقة، والصناعة، والمناجم، والتجارة، والفلاحة والتنمية الريفية، والوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالاستشراف، يتقدمهم وزير المالية، ذلك لأن التخصيصات المالية تمثل قاعدة إقلاع المشروع الجديد، وضبط المخطط الوطني للإنعاش الاجتماعي الإقتصادي، لضمان بناء اقتصاد وطني جديد مدعوما بتنويع مصادر النمو، واقتصاد المعرفة، والانتقال الطاقوي والتسيير العقلاني للثروات الوطنية، كما سيحضره رجال الأعمال الذين يعتبرون رقما مهما في معادلة النهوض بالاقتصاد، وسبق لرئيس الجمهورية وأن أكد في أحد تصريحاته أنه يعول على رجال الأعمال الشرفاء لإرساء اقتصاد حقيقي قادر على تحقيق معدلات نمو عالية، وقادر على خلق الثروة. لقاء "الثلاثية" الذي يعتبر أول اجتماع من هذا النوع منذ وصول الرئيس تبون إلى سدة الحكم، والأول كذلك بالنسبة لحكومة الوزير الأول عبد العزيز جراد سيناقش الخطة الأولية التي شكلت منذ إعلان الرئيس عن المشروع وعقده اول اجتماع بخصوصه في 7 جويلية الماضي، نقطة دائمة في جدول أعمال مجلس مجلس الوزراء الذي سبق وأن أعلن في أحد بياناته أن الحكومة تستعد لضخ ألف مليار دينار لتطوير الاستثمار وتنشيط الاقتصاد، أي حوالي 9 ملايير دولار، كتخصيص تكميلي لمبلغ 10 ملايير دولار المتوفرة حاليا، أي أن الحكومة رصدت في خطوة أولية حوالي 20 مليار دولار للانطلاقة. كما تعمل الحكومة على جبهة أخرى لضمان تمويل خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، وذلك من خلال استقطاب أموال السوق الموازية وإعادة إدماجها في المعاملات الرسمية، واستعادة احتياطات الذهب الوطنية من الأموال المجمدة منذ عشرات السنين على مستوى الجمارك والمحجوزة بالموانئ والمطارات وإدراجها ضمن الاحتياطات الوطنية، على اعتبار أن الإجراءات كفيلة بأن تمكن الجزائر قبل نهاية السنة الجارية من اقتصاد حوالي 20 مليار دولار. كما تعمل الحكومة كذلك على جبهة إصلاح قطاع المالية، لاسيما فيما يتعلق بإصلاح النظام المصرفي، واعتماد الرقمنة في قطاعات الضرائب ومسح الأراضي والجمارك وعصرنتها أهمية خاصة، وذلك لوقف التسربات الحاصلة في عمليات التحصيل الضريبي مع تسريع وتيرة اعتماد الصيرفة الإسلامية لاستقطاب أموال الراغبين في التوفير واستحداث منتجات مالية جديدة، أي القروض، وهو ما تم تجسيده عمليا مع إطلاق البنك الوطني الجزائري 8 منتجات إسلامية في انتظار اعتماد باقي البنوك العمومية هذه الصيغة، إلى جانب وضع حد لتضخيم الفواتير واسترجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية. بالتئام الثلاثية بمكوناتها الرئيسية الحكومة وأرباب العمل والمركزية النقابية، يضاف إليها ممثلو البنوك والمؤسسات، تكون خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي تدنو من جاهزيتها، ويرجح أن تكون عملية بداية من الدخول الاجتماعي القادم. اجتماع الثلاثاء للفصل في خطة الإنعاش الاقتصادي، التي مهد الرئيس تبون لإطلاقها بتغيير وزاري نهاية جوان الماضي، يأتي بعد أقل من أسبوع من لقاء الحكومة – الولاة الأربعاء الماضي، وفي وقت كانت منظمة أرباب العمل والمركزية النقابية ونقابات مستقلة أخرى قد شرعت في بلورة تصورات ومقترحات لهذا اللقاء الذي يأتي في ظرف خاص واستثنائي رمت فيه الأزمة الصحية وتبعاتها بظلالها على القطاعات الاقتصادية، ناهيك عن تداعيات تراجع أسعار المحروقات وتراجع إيرادات الدولة.