قال الخبير الاقتصادي ونائب الجالية السابق محمد قحش، إن السلطات مطالبة اليوم بإعادة النظر في بعض الأدوات والأسهم المتداولة في بورصة الجزائر للأوراق المالية، حتى تكون أكثر توافقا مع الشريعة الإسلامية، لإعطاء دفعة وإحياء بورصة الجزائر الميتة منذ أكثر من عقدين على إطلاقها. وأفاد الخبير الاقتصادي محمد قحش ل"الشروق" بأن الوضع الاقتصادي الجزائري يستوجب التعاون والتنسيق مع أسواق الأوراق المالية الإسلامية وخلق نموذج البورصة الإسلامية المنافسة للبورصات العالمية، كما نرى المنافسة قائمة بين الصيرفة الإسلامية والمعاملات البنكية الكلاسيكية (الربوية). وأوضح نائب الجالية الأسبق، أن إيجاد البدائل الإسلامية للسندات ضرورة اقتصادية في مجتمعنا الجزائري لجذب الأموال الفائضة عند الرافضين والمحجمين عن التعامل بالسندات الكلاسيكية (التقليدية)، والتي قد تكون ناتجة من بنوك ربوية، وهذا ما شهدناه في الإقبال اللافت للجزائريين على البنوك المحلية عند إقرار الصيرفة الإسلامية ومنتجاتها المتنوعة التمويلية أو الادخارية. من أجل ذلك يقول محمد قحش إن الأمر يستدعي وجود هيئة رقابية شرعية لتطوير سوق الأوراق المالية الإسلامية (البورصة الإسلامية)، وذلك بتطهير أي معاملات مالية قائمة من الشوائب المخالفة للأحكام الشرعية، وإسقاط الفائدة الربوية من تداول الأوراق المالية، وأن تكون أسهم الشركة معروفة ومعلومة النشاط الذي تمارسه ورفع الثقة بين المستثمرين الذين يفضلون المعاملات الإسلامية. ومن بين الحلول والبدائل في ظل ظهور الصيرفة الإسلامية يوضح محدثنا، تشجيع المجمعات والمؤسسات والشركات الاقتصادية على التحول إلى شركات ذات أسهم (SPA)، التي نص عليها القانون الجزائري، لأن أغلبية الشركات الخاصة هي عبارة عن شركات تضامن "EURL" أو ذات مسؤولية محدودة (SARL)، وذلك بطرح نسبة من أسهمها في البورصة للبيع للمستثمرين والجمهور وللأفراد الراغبين في شراء أسهم. وتشجع الصيرفة الإسلامية حسب محمد قحش صغار المدخرين في استثمار أموالهم في شراء أسهم في الشركات ذات الأسهم تمكنهم من الحصول على عائد مادي كبير، لأن المساهم في هذا النوع من الشركات محدودة المسؤولية، لا يلزم صاحبه بالقيد في السجل التجاري أو مسك الدفاتر التجارية أو التصريح الشهري للضرائب، ولا يؤدي إفلاس شركة المساهمة إلى إفلاسه إلا بقدر حصته من أسهم، ولن تمس أمواله الشخصية أو حصصه وأسهمه في شركات أخرى، كما يستطيع المساهم الخروج من الشركة بسهولة وذلك ببيع أسهمه في الأسواق المالية (البورصة). ويعتقد المتحدث أن الصيرفة الإسلامية ستنوع أدوات الاستثمار وتوفر خيارات متعددة للمدخرين، وتمكن من خوصصة شركات القطاع العام أو انتقال جزء من أسهمها (أصولها) إلى الأفراد قد تسمح بالنمو والتوسع، وترفع مستوى الوعي الادخاري والاستثماري للأفراد والمؤسسات، وذلك بجذب رأس المال غير الموظف وتحويله من مال عاطل خامل إلى رأسمال موظف وفعال. ويشدد نائب الجالية الأسبق على أن الإرادة السياسية تلعب دورا مهما في إزالة العراقيل وسن القوانين المحفزة والرقابة لمنع الاحتكار والنصب والاحتيال، وتعميم ثقافة البورصة لدى الأفراد والمؤسسات للاستثمار في هذا المجال الحيوي وتكييفها مع أحكام الشريعة الإسلامية والمتماشية مع رغبة الكثير من المستثمرين الجزائريين والأجانب، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تطوير بورصة الأوراق المالية في الجزائر وتحقيق معدلات مرتفعة في النمو الاقتصادي. ودعا الخبير السلطات إلى معالجة هذه المعوقات في إطار برنامج إصلاح شامل على المستوى الاقتصاد الوطني والقطاع المالي خصوصا، وهذا من شأنه التأثير الإيجابي على بورصة الجزائر وتنشيطها، رغم أن البورصة الإسلامية عموما تبقى محدودة مقارنة بسوق البورصة التقليدية. ومن عوامل ضعف بورصة الجزائر التي أطلقت عام 1997، وجود اقتصاد مواز بحسب اعتقاد الخبير الذي يؤكد أنه نشاط العديد من المستثمرين الخواص في بيئة خارج الإطار الرقابي للدولة والذي يحقق لهم أرباحا أكبر وأسرع من الاستثمار في البورصة، إضافة إلى عامل الشفافية وغياب ثقافة الاستثمار في سوق الأوراق المالية والخوف من المغامرة، كما أن القروض الكلاسيكية (الربوية) أدت لضعف البورصة، حيث إن أسهم الملكية والمديونية والتي هي في الأصل قروض كلاسيكية (ربوية) من بنوك تجارية كلاسيكية (ربوية). واعتبر المتحدث أن بورصة الجزائر ضعيفة أيضا لنقص الفعالية في تسيير البورصة، فهي في حالة انعزال عدم مسايرة للتطور العالمي مما انعكس سلبا على نتيجة الأداء والكفاءة.