تلعب البورصة دورا كبيرا في تمويل اقتصاديات معظم الدول في العالم لما لها من أهمية كبيرة في تمويل الأنشطة الاقتصادية وتحقيق التنمية الدائمة، غير أن واقع هذه الأخيرة في الجزائر يعكس أشياء أخرى في ظل حالة الركود والجمود التي لا تزال تلاحقها بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة لإعادة بعث دور هذا القطاع في إنعاش الاقتصاد الوطني كوسيلة وأداة أساسية لدعم الاقتصاد خاصة في الوقت الراهن. ثقافة الادخار والاستثمار لدى العون الاقتصادي غائبة شدد الخبير في النقد، عبد الرحمن عية، على الدور الكبير الذي يجب أن تلعبه بورصة الجزائر في الدفع بالاقتصاد باعتبارها مصدر تمويل مهم للاقتصاد الوطني. وأرجع عبد الرحمن عية في حديث ل "الحوار"، أمس، أسباب عدم انتعاش بورصة الجزائر إلى الإيديولوجية الاقتصادية، باعتبار أن السوق المالي يعبر عن حركية واتجاه رأس مالي، وكون بورصة الجزائر أنشئت في بداياتها ضمن نظام اشتراكي لم تتخلص إلى حد الآن من تبعية هذا النظام –يضيف عبد الرحمن عية-. كما أكد الخبير في النقد أن بورصة الجزائر لم تبلغ درجة تطور كبيرة تسمح لها بالقيام بدورها كما هو معروف لدى دول العالم، بسبب نقص ثقافة البورصة لدى المتعاملين الاقتصاديين والمواطنين، وهو ما أثر بشكل كبير على نشاط البورصة في الجزائر على عكس دول العالم، مضيفا أن ثقافة الجزائري كعون اقتصادي للادخار والاستثمار سواء أفرادا أو مؤسسات لا تزال محدودة. كما اعتبر عية غياب الإرادة الحقيقية ومشكل التسيير وإهمال مبادرة التحسيس والتوعية بأهمية قطاع البورصة أحد الأسباب الأخرى التي ساهمت بشكل كبير في جمود البورصة، مشددا على ضرورة التحسيس والتقرب من المواطن لكسب ثقته بغية تفعيل دور البورصة في المنظومة المالية، زيادة على ذلك العمل على تنويع المنتجات المالية وتنويع المعاملات من خلال إدراج معاملات مالية إسلامية، مشيرا إلى أن هناك مؤسسات عديدة من شأنها استثمار أموالها في هذا المجال على غرار شركة "جيزي" و"موبيليس" و"نجمة" وغيرها، مشددا على ضرورة أن تكون هناك إرادة حقيقية لتطوير القطاع بالإضافة إلى الاعتماد على الشراكة التسييرية لتطوير نظام التسيير وتغيير الإيديولوجيات. القطاع الخاص بين أيدي مؤسسات عائلية تتحفظ على فتح رأس مالها اعتبر الخبير الاقتصادي، كمال رزيق، أن غياب ثقافة البنك والتعامل بالحساب من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى حالة الجمود التي لا تزال تلاحق بورصة الجزائر. وقال كمال رزيق، في اتصال هاتفي مع "الحوار"، أمس، إن الأسهم الصغيرة للأفراد تلعب دورا كبيرا في إنعاش البورصات العالمية، على عكس ما يحدث في الجزائر، مؤكدا أن عدم الدخول إلى البورصة وفتح رأس المال، ناتج كون أن القطاع الخاص ببلادنا بين أيدي مؤسسات عائلية تتحفظ على فتح رأس مالها في البورصة، مضيفا أن الأمر لا يبدو سهلا لإقناع المستثمرين وأصحاب المؤسسات بفتح رأسمالهم لشركاء جدد، مؤكدا أن أكثر من 90 بالمائة هي شركات عائلية تغيب فيها ثقافة رأس المال، مما يساهم بشكل كبير في صعوبة العملية على اعتبار أن ديناميكية البورصة في العالم يصنعها الخواص. كما أفاد ذات المتحدث، أن التعامل بالسندات لا يلقى إقبالا كبيرا باعتباره تعاملات ربوية، مشيرا إلى تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى خلال مناقشته لمخطط عمل الحكومة، والذي اعتبر من خلاله البورصة في الجزائر سوقا ميتة، مشددا على دور الحكومة في تشجيع ثقافة الشيك والتمويل، مؤكدا في السياق أن السوق المالي وفتح رؤوس الأموال هي مشروع مجتمع. كما اعتبر، كمال رزيق، أن التعويل على البورصة حاليا لإنعاش الاقتصاد سابق لأوانه، مؤكدا أن الوقت الراهن يتطلب تسليط الضوء على تنويع المنتجات خاصة الحلال منها وذلك من خلال عمل قاعدي يضمن التمويل الحلال في ظل الطلب المتزايد كل سنة على مثل هذه التعاملات، مشددا على ضرورة بذل الجهود للنهوض بالمنظومة المالية. كما صرح ذات المتحدث، أن المنظومة المالية والمصرفية لا تتطلع لمتطلبات المرحلة الراهنة، مضيفا بالقول "حتى البنوك الإسلامية عجزت عن استقطاب أموال الجزائريين المكدسة في منازلهم"، يضيف رزيق أن الوضعية الحالية بحاجة إلى ثقافة مجتمعية لإعادة بناء إستراتيجية اقتصادية على المتوسط وذلك من خلال تعزيز سبل التشاور والحوار مع الخبراء الاقتصاديين، لإعادة بعث بورصة الجزائر وتفعيل دورها في الاقتصاد الوطني في ظل الأزمة المالية التي تعيش فيها البلاد. سمية شبيطة