كان المتهم في قضية الحال، وهو مترشح بكالوريا يبلغ من العمر حاليا 28 سنة، وينحدر من بلدية بن عزوز، أقصى شرق ولاية سكيكدة، تلميذا نجيبا، لكن كانت تنتابه وساوس بين الفينة والأخرى، بدليل أنه كان يقوم بتصرفات غريبة جدا، خاصة، لما كان يحضر لاجتياز امتحان شهادة البكالوريا، حيث أقدم على محاولة الانتحار 11 مرة، وذلك بربط يده بالسلك ورميه إلى الكهرباء ذي توتر عال وهذا في خمس مناسبات، كما كان يفكر بالانتحار دهسا تحت عجلة شاحنة، كما تنقل إلى قسنطينة 3 مرات، بغرض رمي نفسه من على جسري سيدي راشد وقنطرة سيدي مسيد، وحاول الانتحار مرة بمنزله ببن عزوز وأخرى بشاطئ كاف مراد. وللتخلص من هذه الوساوس، قرر التوجه إلى بيت مشعوذ بالمنطقة من أجل إنقاذ نفسه، وفعلا كان المشعوذ يكتب له حروزا وطلاسم بواسطة الحبر، ثم ينقعها في قارورة ماء ويناوله إياه، موهما إياه أن هذا سيحسن مردوده الدراسي وينال شهادة البكالوريا، وينفّره من فتاة تدرس برفقته، غير أن الأمر تحول إلى العكس حسب الشاب، إذ تصور بأن الحروز سببت له أذى في حياته الدراسية والاجتماعية، وعند حلول تاريخ إجراء امتحان شهادة البكالوريا انتابه هلع ووسواس، بأنه سيعذب أكبر من عذاب جهنم، ولم يتمم اجتياز الامتحان بسبب الوساوس التي انتابته، وبعدها راودته فكرة إزهاق روح المشعوذ، خلال شهر جوان لسنة 2011 بعد اقتناعه بأنه يقوم بسحره، وأصيب على إثرها بمرض عصبي وهو يعالج عند طبيب مختص في أمراض وجراحة الأعصاب بعنابة. وقرر حينها إزهاق روح المشعوذ، حيث توجه إلى بيته عدة مرات بغرض قتله، آخرها بتاريخ الثاني والعشرين من شهر أكتوبر لسنة 2012، وعند وصوله دخل بيت الضحية، حيث أخبره بان وساوس راودته، وقلق وهلع وخوف ودوران الرأس وانعدام الإحساس وشعور بالوحدة والألم، حينها قام المشعوذ بتهدئته مما جعله يعدل عن فكرته. وبقي في أخذ ورد وبعدها بيومين اتجه إلى بيته مرة أخرى، وعند وصوله وجد بمكتبه بنتين وامرأة ترتدين جلبابا أسود، فأخبر المشعوذ بأنه يريد الحديث معه على انفراد، ثم طلب من المشعوذ، إحضار قارورة ماء، فتوجه الضحية ناحية الباب مستديرا بظهره، فاستل الشاب السكين من محفظته وانهال عليه طعنا حتى قتله، وترك السكين عند مغروزا في رقبته، وفر هاربا، وأثناء المحاكمة برر سبب إزهاق روحه بشعوره بالقلق، كلما ناوله ماء نقعت به ورقة مكتوبة بالحبر، لا سيما انه عوده على مثل هذه التمائم منذ ما يقارب السنتين، وأنه ليس نادما على قتله، لأن شعوذة الضحية أغرقته في عالم الميتافيزيقيا – كما قال – وأصبح يخشى العذاب الأليم، لذا قرر قتله لكي يتخلص منه ويتعذب بدلا منه، حيث كان في كل حصة شعوذة يعده بأنه يحرر له طلسما ليجعل منه تلميذا ناجحا وينسيه الفتاة التي كان يحبها، لكن النتائج كانت عكس ذلك. من جهتهم، الشهود أكدوا خلال جلسة المحاكمة بمحكمة الجنايات الاستئنافية لدى مجلس قضاء سكيكدة، يوم الخميس، بأنهم سمعوا ضجيجا في بيت المشعوذ ولحظتها شاهدوا المتهم وهو يخرج من البيت، فأكد لهم احد الجيران أن المشعوذ قد قتل، فهبوا مسرعين ليجدوا الضحية جثة هامدة. من جهتها النيابة العامة طالبت بتطبيق الحكم، في حين طالب الدفاع بانتفاء وجه الدعوى بدليل المرض العقلي الذي يعاني منه موكله، وبأن الشهادات الطبية تثبت ذلك بالإضافة إلى الخبرتين العقليتين، وبعد فترة المداولة، برّأت محكمة الجنايات الاستئنافية لدى مجلس قضاء سكيكدة المتهم في قضية الحال من جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد بسبب مرضه، وإبقائه بمستشفى الأمراض العقلية بالحروش بذات الولاية للعلاج.