أكد وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقادوم، أن هشاشة الوضع الامني في منطقة الساحل ودول الجوار وتنامي العمليات الارهابية وجماعات الجريمة المنظمة في المنطقة "يفرض علينا مضاعفة الجهود لمواجهة مثل هذه التحديات والنأي ببلادنا عن أي تهديد يمس استقرارها ومصالحها العليا". وأجرى بوقادوم حوارا مع مجلة الجيش نشرته في عددها الاخير، تطرق فيه الى أهم مرتكزات ومرجعيات السياسة الخارجية للجزائر ومواقف الديبلوماسية الجزائرية ازاء عدد من القضايا الاقليمية وفي مقدمتها الوضع بالساحل وليبيا ومالي. وقال وزير الشؤون الخارجية "أن هشاشة الوضع الامني في منطقة الساحل ودول الجوار وتنامي العمليات الارهابية وجماعات الجريمة المنظمة في المنطقة يفرض علينا مضاعفة الجهود من اجل صون الامن الوطني في اطار سياسة وطنية شاملة تكرس الارتباط الوثيق بين السياسة الدفاعية للبلاد وسياستها الخارجية لمواجهة مثل هذه التحديات والنأي ببلادنا عن اي تهديد يمس استقرارها ومصالحها العليا". وأكد أن السياسة الخارجية للجزائر "ترتكز على ثلاثية السيادة، الأمن والتنمية" وقال أن "الجزائر التي دفعت ثمنا باهضا من أجل إنتزاع حريتها وإستقلالها، تستلهم مبادئ سياستها الخارجية من ثورتها المجيدة وبيان أول نوفمبر المتمثلة أساسا في إحترام سيادة الدولة وإستقلالها وسلامتها الترابية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام قواعد حسن الجوار والتسوية السلمية للنزاعات ونصرة القضايا العادلة". وشدد على ان "الديبلوماسية الجزائرية بتاريخها الحافل بالإنجازات ستواصل عملها الدؤوب على تجسيد التوجهات الكبرى وأولويات السياسة الخارجية مع ايلاء أهمية خاصة لإفريقيا وتعزيز وجودها وتأثيرها في منطقة الساحل والمغرب الكبير". رئيس الديبلوماسية الجزائرية أوضح في حواره للمجلة ان "تنامي تهديد الارهاب في منطقة الساحل يقوض بشكل كبير جهود دول المنطقة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي تعزيز السلم والاستقرار" وهو ما يحتم – كما أضاف- مضاعفة الجهود من أجل اجتثات هذه الافة وتحرير المنطقة من انعكاساتها السلبية. واستطرد بالقول أن "التهديد الارهابي بلغ ذروته في بداية الازمة في مالي مما جعل الجزائر ترافع من أجل حل سياسي في هذا البلد لاستعادة الاستقرار وسلطة الدولة على كل ربوع هذا البلد الجار الذي تردى فيه الوضع بصفة خطيرة جراء تداعيات حالة الالاستقرار التي عمت في ليبيا وتدفق الاسلحة منها الى الساحل والصحراء". وعن التطورات الاخيرة في مالي، أوضح بوقادوم ان الجزائر دعت جميع الاطراف الى التعقل واحترام النظام الدستوري من أجل الخروج سريعا من الازمة، مضيفا أن "الجزائر ستعمل دون هوادة من أجل تخطي الصعوبات التي يواجهها تطبيق اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر". واعتبر الوزير ان اتفاق السلم والمصالحة "يمثل الاطار الوحيد الذي يحظى بقبول مجموع القوى والطراف السياسية بمالي لاسترجاع الاستقرار وبناء مؤسسات وطنية قوية بصفتها شرطا اساسيا لمكافحة الارهاب بنحو فعال ووقف تمدده الى الدول المجاورة والى عموم القارة الافريقية". نبذ كل التدخلات الاجنبية الخارجية بليبيا ولدى تناوله للملف الليبي أعرب بوقادوم مجددا عن حرص الجزائر -كما عملت منذ بداية الازمة في هذا البلد – على حث الفرقاء الليبيين على الانخراط في حوار شامل ترعاه الاممالمتحدة ويرافقه الاتحاد الافريقي ودول الجوار من أجل طي صفحة الازمة بما يحفظ أمن واستقرار ليبيا ووحدتها وسياستها وبما يوافق وطموحات الشعب الليبي في الامن والاستقرار والتنمية. وانطلاقا من روح التضامن مع الشعب الليبي الشقيق – يضيف رئيس الديبلوماسية الجزائري-"شاركت الجزائر بفعالية وعلى مختلف المستويات في كل الجهود الهادفة الى التوصل الى حل سياسي لا سيما قمة برلين شهر يناير الماضي وهي تواصل حاليا بالتنسيق مع جميع الاطراف الليبية الجوار مساعيها الرامية الى لم شمل الفرقاء الليبيين وتقريب مواقفهم للدخول في حوار شامل يفضي في النهاية الى حل سياسي توافقي". واشار الى انه حرص خلال الجولات التي قادته الى ليبيا حيث التقى مع مختلف فرقاء الازمة وجولاته الى عدد من العواصم، على "عرض المقاربة الجزائرية لمسار الحل السياسي القائم على وقف اطلاق النار والتخلي عن الحسابات الظرفية من أجل ارساء وتعزيز الثقة بين الاشقاء الليبي و"الابتعاد عن الاستقواء بأطراف خارجية ونبذ كل التدخلات الاجنبية الخارجية مهم كان مصدرها وشكلها والتي قال انها تبقى العامل الرئيسي في اطالة الازمة في هذا البلد". وبعد أن ابرز مواصلة الجزائر المحافظة على قنوات اتصال مستمرة مع مختلف الاطراف الليبية بغية الدفع الى تغليب المصلحة العليا ولغة الحوار، اعتبر بوقادوم، الاعلانين الاخيرين لكل من رئيس المجلس الاعلى لحكومة الوفاق الوطني ورئيس مجلس النواب، "خطوة ايجابية" تتماشى ومقتضيات الحل السياسي الذي تنادي به الجزائر.