يجتاز، الأحد، مترشحون في مختلف أنحاء الجزائر شهادة البكالوريا في ظروف استثنائية، بعد تأجيلها لنحو 3 أشهر كاملة، بسبب تهديدات فيروس كورونا، الذي أخلط حسابات كثير من الأولياء والتلاميذ، وهو ما ضاعف من حجم القلق والتوتر الذي لطالما ارتبط بهذه الشهادة المصيرية. وإضافة إلى التحضيرات المعهودة لاجتياز هذه الشهادة العلمية، بادر الأولياء باقتناء المطهرات الكحولية والمناديل المبللة المعقمة وكذا الكمامات لأبنائهم، حماية لهم من عدوى الفيروس "كوفيد 19″، حيث يحرص أغلب الآباء على توفير أجواء الأمن والسلامة النفسية والجسدية لأبنائهم. وعبر بعض المترشحين الذين سيعودون إلى أقسام الدراسة بعد قرابة نصف عام من الانقطاع، عن خوفهم وقلقهم، خاصة مع إلزامية ارتداء الكمامة التي تتسبب للبعض في ضيق تنفس يصاحب عادة حالات توترهم، كما طرح مرتدو النظارات مشكل ضبابية الرؤية بسبب البخار المتراكم في الزجاج، الأمر الذي قالوا بأنهم لا يتحملونه طوال ساعات الامتحان، فيما عبر آخرون عن تفهمهم لها، مؤكدين أنها تندرج في صالحهم وعليهم التأقلم معها. استقبال بسيكولوجي لطمأنة التلاميذ وتهدئتهم وأكد البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام" أنّ بكالوريا 2020 خاصة واستثنائية في ظل المستجدات الصحية العالمية والوطنية، غير أنّ تلاميذ البكالوريا سيبدون، حسبه، تفهما للبروتوكول الصحي الذي وجد خصيصا لسلامتهم، داعيا المؤطرين إلى التساهل مع بعض الحالات التي قد لا تتحمل ارتداء الكمامة طوال فترة اجتياز الامتحان والسماح لهم بإنزالها قليلا من حين إلى آخر. ودعا خياطي المشرفين على المؤسسات التربوية ومراكز الامتحان إلى تهوية القاعات وفتح النوافذ، مؤكدا خضوع الأقسام للتعقيم قبل كل امتحان وفق ما يمليه البروتوكول الصحي المعتمد بين وزارة التربية ووزارة الصحة. ويرى خياطي بأنه كان من المفترض لو أن إمكانيات الجزائر تسمح إخضاع كافة المترشحين إلى تحليل بيولوجي للكشف عن الإصابة بكوفيد 19 غير أن قلة الإمكانيات حالت دون ذلك وتم الاكتفاء بالكشف الحراري عند الدخول وتخصيص قاعة احتياطية للحالات المشكوك فيها أو المرتفعة حرارتها. وأضاف المختص أنّ شهادة البكالوريا بالأساس فيها قلق وتوتر وخوف، وزادها قلق أكبر الخوف من كوفيد 19 وتطبيق البروتوكول بصرامة مطالبا بنوع من الليونة في الإجراءات والحرص على استقبال بسيكولوجي لتهدئة الطلبة وبث الأمان والراحة في نفوسهم. غياب الثقافة الصّحية عمّق الخوف والقلق من جهته، أكد الدكتور بن حليمة مسعود، أخصائي في علم النفس العيادي، أن انعدام ثقافة صحية لدى الجزائريين هو الذي أحدث هذا الاضطراب في غياب تعايش مع الوباء، الأمر الذي لو توفر لمكننا من تجنب كل هذه الأوضاع والقلق. وأوضح بن حليمة أن البكالوريا في حد ذاتها تشكل صدمة نفسية للتلاميذ حيث تتملكهم المخاوف المسبقة في الحصول عليها أو الفشل فيها ويصبح القلق هائما طليقا، ما قد يؤثر على التحضير الدراسي والمكتسبات العلمية المخزنة. ونصح بن حليمة بأهمية التحضير النفسي في البيت وعبر وسائل الإعلام والابتعاد عن كل أشكال المؤثرات النفسية الخارجية وتقبل الإجراءات المندرجة في إطار البروتوكول الصحي، لان الاهتمام بها يشتت التركيز والتفكير وينعكس بذلك سلبا على نوعية الإجابة حتى وإن كان المترشح محضرا جيدا. ونبه الدكتور في علم النفس العيادي الأولياء إلى الابتعاد عن ممارسة الضغوطات النفسية التي قد تؤدي إلى الانتحار في حال الفشل، داعيا إلى أهمية بث الطاقة الايجابية في نفوس أبنائهم من خلال الاسترخاء والأكل الصحي والنوم المتوازن، كما نصح التلاميذ باغتنام المدة الزمنية للامتحان كاملة وعدم التسرع في تقديم ورقة الامتحان لأن الدقائق الأخيرة قد تجلب بعض الإجابات المفقودة.