تحوّل إنجاب طفل لدى عديد الأزواج الجزائريين إلى حلم صعب المنال، نظرا للصعوبات والمشاكل الصحية التي يواجهها الزوجان في بداية حياتهما، وقد أدّى استفحال الوضع عبر عديد البلدان إلى اعتراف دولي من قبل المنظمة العالمية للصحة، حيث أقرت في ال 14 سبتمبر الفارط التأخر في الإنجاب مرضا يستوجب المرافقة وتوفير العلاج. وكشفت شاهيناز حاج سليمان ميرالي، رئيسة جمعية طب الإنجاب، خلال ندوة افتراضية نظّمها مخبر ميرك تحت رعاية وزارة الصحة، تحت عنوان "كل ما يجب أن تعرفه عن العقم"، أنّ 20 بالمائة من الأزواج في الجزائر يعانون من التأخر في الإنجاب. وأكدت حاج سليمان أن العقم أو التأخر في الإنجاب يعد مشكلا متشعبا في الجزائر ويشكل عبئا اجتماعيا واقتصاديا، فهو بالأساس مشكل بسيكولوجي واجتماعي ومالي، حيث لا يتوقف المجتمع والأهل عن الاستفسار عن وجود حمل بمجرد مرور بضعة أشهر على الزواج.. وهو أمر يقلق ويزعج المرأة التي تجد نفسها محرجة وعاجزة عن المواجهة، ناهيك عن العجز المالي نظرا لارتفاع تكاليف العلاج في الجزائر، حيث يجد الأزواج أنفسهم لوحدهم في مواجهة مختلف التدخلات الطبية في غياب تكفل من قبل مصالح الضمان الاجتماعي، خاصة بالنسبة للتلقيح الاصطناعي لمن يثبت لديهم وجود مشاكل صحية تعيق الحمل العادي. وركّزت المختصة على ضرورة التوجه للفحص الطبي بعد انقضاء العام الأول من الزواج إذا لم يحدث هنالك حمل، ويخص الفحص، برأي حاج سليمان، الزوجين معا ولا يجب اتهام طرف دون الآخر. وربطت المختصة مشكل نقص الخصوبة لدى الأزواج بعدة عوامل في مقدمتها تأخّر سنّ الزواج، خاصة لدى المرأة إذ يتراوح حاليا حسب أرقام رسمية بين سن 29-30 عاما نظرا للأولويات المتعلقة بإتمام المسار الدراسي بالإضافة إلى تغيّر النمط المعيشي والغذائي وارتفاع معدّلات القلق والتوتر وكذا السّمنة والتدخين والإدمان والكحول، منبهة إلى أن العقم مشكل الزوجين معا ولا يحق أبدا اتهام طرف على حساب الآخر. وتحقّق مراكز الإنجاب الجزائرية نسبة نجاح تعادل النسب العالمية في حدود 30 بالمائة، حسب استعدادات كل زوج، كما أن سن المرأة تلعب دورا مهما في النجاح أين تقل حظوظ المرأة بشكل كبير بعد سن 43 عاما بسبب تراجع الرصيد البويضي. 55 بالمائة من الجزائريات لا يقمن بالفحص المبكر ودعت المختصة في السياق الأزواج إلى الكشف والفحص بعد مرور عام واحد على الزواج، وتشير الإحصائيات إلى أن 55 بالمائة من الجزائريات لا يتقدمن إلى الفحص إلا بعد سن 35 عاما. ويمكن تكرار عملية التلقيح الاصطناعي في حال فشلها عدة مرات، غير أن تكاليفها الباهظة وغير المعوضة من قبل مصالح التأمين الاجتماعي تحول دون ذلك، واغتنمت المختصة الندوة لتوجيه نداء إلى مصالح الضمان الاجتماعي لمرافقة هؤلاء الأزواج، وتعويض التدخل الطبي ومساعدتهم في تحقيق حلمهم، حيث يقتصر الأمر حاليا على تعويض تكاليف العلاج لمرتين فقط، باستثناء السلك العسكري الذي تعوض له كافة العملية ثلاث مرات. بدورها، أفادت شافية بولفول، المديرة التنفيذية للجمعية الجزائرية للتخطيط العائلي، خلال الندوة الافتراضية التي اعتبرتها فرصة مناسبة لطرح انشغال عميق في المجتمع، أن جمعيتها تسعى لترسيخ ثقافة الكشف المبكر عن العقم أو الصعوبة في الإنجاب لإمكانية ذلك علميا ما يجعل التدخل الطبي أكثر نجاعة. وتقوم الجمعية حسب بولفول بأيام تحسيسية وتوعوية للنساء والرجال وكذا الشباب قبل الزواج لتغيير النظرة الاجتماعية الخاطئة عن الموضوع. بدوره، أكد الدكتور منصف مكلاتي، المدير العام ل "ميرك" لشمال وغرب إفريقيا، أن العقم موضوع حساس لمعظم الأزواج، وأن مؤسسته الرائدة في مجال اضطرابات الخصوبة لأكثر من 100 عام، تلتزم بتعهداتها بتوفير حلول علاجية وتعمل على نشر الوعي لدى عامة الناس، مع التكوين الطبي المستمر للأخصائيين في مجال الصحة.