تحولت جلسة اليوم الأول من محاكمة الفصل الثاني لملف "الزفت والطرقات"، المتابع فيها رجل الأعمال والرئيس السابق ل"الأفسيو" علي حداد، والوزيران الأولان السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال ومن معهم من وزراء وولاة وإطارات الدولة، إلى مناظرة حادة بين النيابة العامة وهيئة الدفاع التي حاولت إسقاط الأحكام الصادرة عن محكمة الدرجة الأولى لسيدي أمحمد برمتها، واعتبرتها خرقا واضحا للدستور، كما أكدت أن وقائع قضية الحال مسها "التقادم"، فيما شدد النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، أن نيابة محكمة سيدي أمحمد حركت الدعوى طبقا للقانون واعتمدت على الهرم القضائي المتوفر حاليا، واعتبر أن معركة فساد الحال هي بمثابة معركة المجتمع برمته، وأن الدفوعات الشكلية التي قدمها المحامون غير مؤسسة قانونا ولذا طالب باستبعادها. انطلقت الأحد، في حدود الساعة الثالثة مساء، محاكمة الفصل الثاني لرجل الأعمال والرئيس السابق ل"الأفسيو" علي حداد، في ملف "الزفت والطرقات"، والوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال ووزراء النقل والأشغال العمومية السابقين عمار غول، بوجمعة طلعي، عبد الغني زعلان وعبد القادر قاضي، وكذا وزراء الصناعة السابقين، عبد السلام بوشوارب الفار من العدالة، يوسف يوسفي، محجوب بدة وعمارة بن يونس، المتابعين بتهم ثقيلة تنوعت بين منح امتيازات غير مبررة للغير، سوء استغلال الوظيفة، تبديد أموال عمومية، وتعارض المصالح طبقا لنص المواد 26/1، 29، 33 و34 من القانون 06 01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته طبقا للمادة 164 من قانون الإجراءات الجزائية. إلى جانب الوزراء يتابع في قضية الحال الوالي السابق للجزائر العاصمة عبد القادر زوخ، الذي تم إحالة ملفه على محكمة الجنح تيبازة عن تهمتي منح الامتيازات غير المبررة للغير وإساءة استغلال الوظيفة طبقا لنص المادتين، 26/1 و33 من القانون 06 01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، بالإضافة إلى متهمين آخرين على غرار أمناء عاملين بوزارة الصناعة وجهت لهم تهم تتعلق بمنح مزايا غير مستحقة وتهمة تضارب المصالح وتهمة إساءة استغلال الوظيفة. وبالمقابل، استفاد كل من الوزراء السابقين كريم جودي،عمار تو، بوعزقي عبد القادر، إلى جانب الوالي السابق محمد جمال خنفار من انتفاء وجه الدعوى في قضية الحال. رجال بوتفليقة منهارون وفي حدود الساعة التاسعة صباحا، تم فتح قاعة الجلسات رقم واحد المزودة بشاشة العرض الموصولة مباشرة بسجني "تازولت" بباتنة، و"عبادلة" ببشار، والمتواجد فيهما كل من رجل الأعمال علي حداد والوزير الأول السابق أحمد اويحيى، والملاحظ أنه لا توجد إجراءات استثنائية في محيط المجلس، وفي حدود الساعة التاسعة و30 دقيقة صباحا دخلت هيئة المجلس برئاسة القاضي يوسف قادري والذي باشر في تأجيل قضايا الجنح العادية لتهيئة القاعة من أجل قضية حداد ومن معه، وبعد نحو 4 ساعات وبمجرد الانتهاء من تأجيل الملفات المبرمجة، تم تشغيل جهاز البث الذي أظهر كلا من أحمد أويحيى الذي كان يرتدي لباسا أسود ويحتفظ بنظارته الطبية كعادته، وكان يتبادل الحديث مع أحد أعوان السجن، فيما بدا حداد يائسا محطما وهو جالس في مقعده يتوسط حارسي السجن، ليشرع القاضي في المناداة على أطراف القضية رقم 9360 بعدما تم إدخال الموقوفين يتقدمهم الوزير الأول السابق عبد المالك سلال الذي بدا متعبا جدا وعيناه منتفخان، بعد أن سرقت زنزانة السجن والمحاكمات المتتالية ابتسامته، ثم يليه كل من بوجمعة طلعي، قاضي عبد القادر، يوسف يوسفي، عمارة بن يونس، فيما دخل الوزير السابق للنقل والأشغال العمومية إلى القاعة مرهقا وعلامات السواد بادية على وجهه من كثرة التعب، بعد 3 أيام الأخيرة من محاكمته في قضية "مدام" مايا بمحكمة الشراقة، أين التمس في حقه وكيل الجمهورية 15 سنة. وبالمقابل، الوزير السابق ورئيس حزب عمار غول تاج ظهر هذه المرة بوجه شاحب جدا هو يلتفت يمينا وشمالا، فيما دخل الولاة المتهمون في قضية الحال إلى قاعة الجلسات تباعا وعلامات الخوف بادية عليهم بسبب المصير المجهول الذي ينتظرهم بعد أن سلطت محكمة سيدي أمحمد في حقهم أحكاما قاسية، يليهم المتهم ربوح حداد، وبقية المتهمين وكذا الشركات المتهمة وبعد المناداة على المتهمين قرر القاضي رفع الجلسة، على أن تستمر بعد ساعة من الزمن. "التقادم" وخرق المادة 177 من الدستور يبطلان الأحكام الابتدائية طالبت هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية علي حداد، ومن معه من وزراء وولاة وإطارات الدولة، خلال تقديم دفوعاتها الشكلية، بإلغاء الأحكام الصادرة عن محكمة الدرجة الأولى لسيدي أمحمد، برمتها، حيث أثارت ثلاث نقاط، تتعلق الأولى ب"حيلة التقادم"، في وقائع قضية الحال، الثانية تخص خرق المادة 177 من الدستور بالنسبة لمحاكمة الوزيرين الأولين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، أما النقطة الثالثة فهي خاصة بتقارير الخبرة الصادرة عن المفتشية المالية والمحررة باللغة الفرنسية وهو ما يعتبر خرقا واضحا للدستور. في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال، أعلن القاضي يوسف قادري عن مواصلة المحاكمة، بعد أن ذكر المتهمين بالجنح المتابعين فيها والتي تضمنها قانون 01 /06 المتعلق بمكافحة الفساد والوقاية منه، كما تلا على مسامع المتهمين والحضور الأحكام الصادرة عن محكمة الدرجة الأولى وطلب المحامي محمد فادن هلال تقديمه الدفع الشكلي، إلغاء الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية لسيدي أمحمد التي اعتمدت في إدانتها لجميع المتهمين في قضية الحال، على تقرير الخبرة المنجز من طرف المفتشية العامة للمالية محرر باللغة الفرنسية وهو مخالف لنص المادة 3 من الدستور الذي ينص أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية، كما أن خبراء المفتشية العامة لم يؤدوا اليمين وتعيينهم مخالف لقانون الإجراءات الجزائية. أما بالنسبة للنقطة الثانية يقول الأستاذ فادن فهي تتعلق ب"التقادم"، حيث إن وقائع الحال مر عليها أكثر من 3 سنوات ولا تقع تحت طائلة "الاستثناء" المنصوص عليها في المادتين 54 و37 من قانون مكافحة الفساد اللتين تنصان على التوالي على أنه لا تقادم في جرائم الإثراء غير المشروع، وتقادم 10 سنوات في قضايا الاختلاس. وبالمقابل، فإن هيئة الدفاع عن الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، عادوا إلى قضية خرق الدستور وفقا لمادته 177 ف من الدستور الحالي وتم الاحتفاظ عليها في مشروع الدستور الجديد الذي سيعرض للاستفتاء في الفاتح نوفمبر الداخل بخصوص محاكمة موكليهما في المحكمة العادية، بدلا من محاكمتهما في المحكمة العليا للدولة، وعلى هذا الأساس التمسوا من القاضي الإقرار بعدم الاختصاص في قضية الحال، حتى لا يقع في نفس الأخطاء التي وقع فيها قاضي الدرجة الأولى وبالتالي فإن القضاء عموما وقع في "الدوس" على الدستور. أما دفاع عمارة بن يونس، الأستاذة مسلم، فقد أكدت أن موكلها لم يتابع بتهمة تحويل الأموال إلى الخارج، كما أن الأفعال المنسوبة إليه تعود إلى 2013، ومنه فإنه بالرجوع إلى القاعدة العامة المتعلقة بتطبيق المادة 4 و6 من قانون الإجراءات الجزائية، فإن المتابعة تسقط بقوة القانون. وبعد الإفراغ من الدفوع الشكلية، منح القاضي الكلمة للنائب العام للرد عن الدفوعات الشكلية، حيث أكد بخصوص المادة 177 من الدستور، أن نيابة محكمة سيدي أمحمد، حركت الدعوى طبقا للقانون واعتمدت على الهرم القضائي المتوفر حاليا، إلا أن معركة الحال هي بمثابة معركة المجتمع برمته، فيما أوضح أن الدفوعات الشكلية التي قدمها المحامون غير مؤسسة قانونا ولذا طالب باستبعادها.