يعرف وباء كورونا في الجزائر انحصارا وتراجعا يوميا من حيث مناطق الانتشار وعدد المصابين، وتعكس الأرقام المقدمة من قبل اللجنة الوطنية لمتابعة ورصد تفشي الفيروس هذا الواقع الذي تؤكده عديد المصالح الاستشفائية المخصصة للتكفل بمرضى "كوفيد19″، التي أوصدت أبوابها واستأنفت نشاطاتها الطبية والجراحية المعهودة. وألقى كوفيد19 بظلاله وانعكاساته السلبية على كثير من المرضى والمصالح التي شلّ أو تعطل نشاطها ما حال دون التكفل بالمرضى الذين وجدوا أنفسهم تائهين في ظل قلّة الخدمات في القطاع الخاص وغلائها، ناهيك عن تعطل التكوينات للطلبة المقيمين. وكشف البروفيسور رشيد بلحاج، مدير الشؤون الطبية وشبه الطبية على مستوى مستشفى مصطفى باشا الجامعي في تصريح للشروق أنّ مؤسسته الاستشفائية خصصت خلال أزمة وباء كورونا 12 مصلحة، بالإضافة إلى وحدتين للإنعاش الطبي المكثّف. وتطرّق المختص إلى تعامل المستشفى مع الأزمة منذ بدايتها باعتباره أعرق وأكبر مستشفى جامعي ويعد قبلة عديد المواطنين من مختلف الولايات، معرجا إلى حالة الهلع والخوف التي كانت سائدة أنذاك وبروز عديد المشاكل في التسيير، خاصة مع انتشار الإصابات في الأوساط الصحية، وهو ما دفع إلى خيار آخر من خلال ما أسماه البروفيسور بلحاج "المستشفى الافتراضي" الذي تتم فيه المتابعة الخارجية للحالات المتعرضة للفيروس بنسبة تقل عن 20 بالمائة، وهو ما خفّف الضغط عن المستشفيات وقلّل من الشحنة الفيروسية وانتشار العدوى في الوسط الاستشفائي صونا لأرواح مهنيي الصحة. وذكر المتحدث بأنّ المستشفى كان يستقبل 130 حالة استشفاء و25 حالة في الإنعاش عبر 14 وحدة، بينما سجل تراجع طفيف في الأعداد التي تراجعت إلى 120 حالة استشفاء تضاف إلى حوالي 15 حالة في العناية المركزة تدخل يوميا وتضاف هذه الحالات إلى حوالي 25-35 حالة تعالج خارجيا، لأن نسبة تعرضها للفيروس تقل عن 50 بالمائة. وتقلّص بدوره عدد الوحدات المخصصة لعلاج كوفيد19 إلى 9 حالات، بعد غلق 5 مصالح واستئناف نشاطها ويتعلق الأمر بمصلحة جراحة الصدر وطب الجلد والجهاز الهضمي ومصلحة الأنف والأذن والحنجرة. وبشكل عام، أفاد بلحاج أنّ شراسة الفيروس قلّت وضعفت ما جعل أغلب الإصابات بسيطة، غير أنّ كل هذه المعطيات لا تعني نهاية الوباء، لأن تهديدات الفيروس لا تزال قائمة والمخاوف متزايدة، خاصة مع تسجيل إصابات يومية في الأوساط المهنية الصحية بين 5 إلى 7 حالات يوميا وكذا الخوف من موجة ثانية مع انطلاق الدخول المدرسي والجامعي. ودعا المختص إلى رؤية جديدة في تسيير أزمة كورونا من خلال تحديد مستشفيات عبر كل ولاية يستمر فيها انتشار الوباء تختص في التكفل بالفيروس قصد تجاوز الأزمة والعودة إلى المهام الأساسية للقطاع الصحي من خلال التكفل بالمرضى الذين تطول قوائم انتظارهم في شتى التخصصات لاسيما اصحاب المرض المزمن ومرضى السرطان الذين يعانون بشكل كبير، وكذا التفرغ لمواصلة التكوين الجامعي للطلبة في تخصص الطب، حيث توقف الأمر بسبب الانغماس في الوباء الذي لا ندري كم سيطول عمره مجددا. واقترح المختص خيارا آخر وهو بناء مستشفيات جاهزة لاستيعاب حالات كوفيد19، في حال عدم إمكانية تجسيد الحل الأول عبر جميع المناطق. وأفاد بدوره مدير مستشفى رويبة السيد مشاط السعيد غلق مصلحة الاستعجالات التي كانت مخصصة للكوفيد والإبقاء فقط على الطب الداخلي ومصلحة طب الصدر. وأوضح المدير أن الخاصية التي تميز مستشفى رويبة هي الإبقاء على نشاط كافة المصالح وعدم توقفها رغم الاستقبال المعتبر لحالات كورونا وتخصيص 50 بالمائة من الطاقة الاستيعابية لهذه الإصابات وذلك وفق برنامج عمل جنّد له المستخدمون الأطباء والممرضون وأثبت نجاعته بفضل جهود الجميع. وأردف المختص نلاحظ في الفترة الأخيرة تراجعا كبيرا في عدد حالات الاستشفاء التي انتقلت من 100 مريض يوميا إلى 15 مريضا أحيانا. ولفت المتحدث الانتباه إلى تراجع نشاط بعض المصالح بسبب تخوف المواطنين من التردد على المستشفيات في ظل وباء كورونا، وهو ما يستلزم العمل أكثر للتكفل بكل تلك التراكمات العلاجية. وفي المؤسسة الاستشفائية العمومية جيلالي بلخنشير ببئر طرارية بالعاصمة أغلقت وحدة كورونا على مستوى الجراحة العامة، وفق ما أكده رئيس المصلحة البروفيسور سيد ادريس نسيم، أبوابها الأحد الماضي بعد مغادرة آخر مريضين وتعافيهما من الوباء ليتم الإبقاء على وحدة الطب الداخلي فقط لاستقبال ضحايا كوفيد19. وأضاف المختص أن المؤسسة الاستشفائية التي كانت تستقبل مئات المرضى لم تعد كذلك، وأصبح العدد لا يتجاوز 10 إلى 15 حالة مؤكدة.