يتحدث عصماني في الحلقة الأخيرة عن التزامه الديني، وعن لحيته اللافتة للانتباه وعلاقته بالجبهة الإسلامية للإنقاذ، وكلمته الشهيرة التي قالها قبل الصعود إلى منصة التتويج عند الفوز بكأس إفريقيا بالإضافة إلى قناعاته وقضية تخييره من طرف كرمالي بين الصلاة والكرة وتعامله مع الشيعة في السعودية. وكذا نجاته من الموت بعد تلقيه لطعنتين خطيرتين بقسنطينة... . تعد مثالا. للحديث عن الأخلاق الإسلامية وكرة القدم، هل تعتقد بأنه يوجد تصادم بين الكرة والالتزام بالدين؟ لا أعتقد أن هناك أي تصادم بين الالتزام وكرة القدم، بل العكس، الإسلام حث على الرياضة وأعطاها أهميتها في حياتنا وهي مفيدة للجسم والعقل وللجانب النفسي. والتنافس يسمح بتكوين شخصية الفرد. . متى أرخيت اللحية يا عنتر وهل كان ذلك بنية السنة أم مجرد مظهر؟ أرخيت اللحية في سنة 1979 بنية تطبيق السنة والالتزام بدين الله، وكان ذلك عن قناعة والحمد لله أنا مرتاح بهذا الشكل ولا يحق لأي شخص أن يفرض علي أمرا آخر، وأنا لا ألزم أحدا بأي شيء ولكل واحد أن يفكر وفق قناعاته. . هل قمت بحلقها ولو لمرة وهل واجهت مشاكل بسبب اللحية؟ لم أقم بحلقها أبدا ولم أفكر إطلاقا في حلقها، ولا أعتقد أنني سأحلقها يوما، والحمد لله لم أتلق أي مشاكل حتى في سنوات الإرهاب، كنت أتنقل بين سطيفوالجزائر العاصمة وبالرغم من نقاط المراقبة الكثيرة إلا أنني لم أواجه أي مشكلة بسبب اللحية. . ما هي علاقتك مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟ أنا كنت متعاطفا مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، لكنني كنت ملتزما قبل مجيء الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وقبل تلك الفترة عرفت الجزائر صحوة إسلامية استقطبت الكثير من الشباب، وأنا واحد منهم وهذا ليس عيبا، بل شي جميل أن يعود الناس إلى دينهم. . لما فزت بكأس إفريقيا رفقة المنتخب الوطني سنة 1990 صرحت للتلفزيون قبل الصعود إلى منصة التتويج، بأنك تهدي هذه الكأس للجبهة الإسلامية للإنقاذ، ماذا كنت تقصد من وراء هذا التصريح؟ بالفعل قلت هذا الكلام، ولست نادما عليه، لكنني ذكرته دون حسابات ولا خلفية ونطقت به بعفوية تامة، فكل الشباب كانوا حينها متحمسين للصحوة الإسلامية وليس لحزب في حد ذاته، وبالتالي ركبت الموجة بتلقائية دون أي حسابات ولا أي غيض ضد جهة معينة. . لكن تصريح مثل هذا أمام التلفزيون يعد موقفا؟ عند البعض فقط، أنا قلت هذا الكلام بتلقائية، ومن أراد أن يؤوله فلا أتحمل مسؤولية أي تأويل. وقد قلت هذا الكلام لأنني اعتبر نفسي من أبناء الصحوة الإسلامية. . هل كنت منخرطا في الفيس ومن الناشطين في الحزب؟ لا، لم أكن منخرطا، ولا أملك أي بطاقة وكل ما في الأمر أني كنت متعاطفا مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي كانت الحزب الأكثر شعبية في تلك الفترة. وإني أتساءل لماذا أعطوها الاعتماد ثم قاموا بحلّها. . بعد الأحداث التي عرفتها البلاد، هل أنت نادم على هذا التعاطف؟ لا يمكن أن أقول أنني كنت نادما، لأن اعتقادي كان يصب في دعم الصحوة الإسلامية وليس فقط حزب معين . . هل تعتقد أن قادة الفيس أخطؤوا في التعامل مع الأزمة التي عرفتها البلد؟ في اعتقادي، أن خطأهم كان في المشاركة في الانتخابات، والأفضل لو أنهم لم يدخلوا هذه الاستحقاقات، وفي رأيي كان الأجدر أن تواصل الحركة الإسلامية عملها التربوي وتهتم بالتكوين وتعليم تعاليم الدين الحنيف خاصة وسط الشباب، فالمجتمع بحاجة إلى تربية إسلامية صحيحة أكثر من أي شيء آخر. . وحاليا هل أنت مع حزب ما؟ لا، أنا لست منخرطا في أي حزب، ولا أساند أي جهة، وليس لي أي انتماء حزبي بل لم أعد أهتم أصلا بالسياسة ولست متعاطفا مع أحد سوى أهلي وعائلتي. . هل مازلت تؤمن بقيام دولة إسلامية في الجزائر؟ في الوقت الحالي لا أظن بأن هذا الأمر ممكن، خاصة أن الأحزاب الإسلامية فشلت في مهمتها وكانت وراء تكسير الصحوة الإسلامية. . هل صحيح أن كرمالي خيّرك بين صلاة الجمعة واللعب مع الوفاق؟ بالفعل، فقد كنا نلعب يوم الجمعة وكنت حريصا على أداء صلاة الجمعة في المسجد قبل الالتحاق بزملائي بالملعب، لكن الشيخ كرمالي قالها لي صراحة عليك أن تختار بين لعب كرة القدم أو صلاة الجمعة، فقلت له اختار صلاة الجمعة وغادرت بعدها مباشرة الوفاق وتنقلت إلى اتحاد بلعباس. . أنت إذن ضد فكرة برمجة مقابلات البطولة يوم الجمعة؟ من المفروض الجمعة يوم عبادة يتفرغ فيه الناس لأداء الصلاة ويذرون كل شيء حتى تقضى الصلاة. . عملت في السعودية كمدرب للحراس، حدثنا عن التجربة ولماذا اخترت السعودية بالذات؟ نعم، كان ذلك سنة 1998 بوساطة من صديق يدعى حسان صحراوي، يعمل في السعودية والذي عرض علي فكرة الالتحاق بفريق سيهات بمنطقة الدمام بالسعودية، فقبلت وخضت التجربة لكنني بقيت هناك لمدة عام فقط ثم عدت إلى الجزائر. . المعروف عن الدمام، أنها منطقة للشيعة، كيف تعاملت معهم وأنت من أهل السنة؟ نعم، المنطقة يسكنها أهل الشيعة، وكان من المفروض أن أتنقل رفقة المدرب بوزيد شنيتي لكن المسؤولين عن النادي تراجعوا عن استقدام شنيتي لأن اسمه بوزيد فهم ينفرون من أسماء كبوزيد واليزيد المشابهة لاسم اليزيد بن معاوية، ولذلك انتقلت بمفردي وقد رحبوا بي وعملت معهم بصفة عادية. والمعروف عن هذه المنطقة أنها كانت قبلة للاعبي ومدربي كرة اليد الجزائريين من بينهم درواز الذي سبق له أن عمل هناك. كما عمل معهم أيضا المدرب عبد الكريم بيرة. . لكن في ممارسة العبادات هناك اختلاف، كيف كنت تتصرف أثناء الصلاة مثلا؟ كنا لا نصلي معهم بل نذهب إلى مسجد خاص بأهل السنة كما تعلم حتى في مناطق الشيعة، هناك مساجد خاصة بأهل السنة، وكنت في هذا النادي رفقة مدرب تونسي يدعى احمد العزلاني فكنا نصلي مع بعضنا، ونصحني بعدم الاندماج مع الشيعة، والاهتمام فقط بعملي كمدرب للحراس. . و لماذا عجلت بالعودة هل خشيت التشيع؟ لا، كان ذلك بسبب بعدي عن أهلي، فقد تركت العائلة في سطيف ولم يكن بإمكاني البقاء لمدة طويلة، ضف إلى ذلك عامل الحرارة، فالمنطقة حارة جدا وهو الجو الذي لم أتعود عليه ولذلك قررت العودة. وأما عن الشيعة فقد تعاملت معهم لكنني لم أتأثر بهم. . لنعود إلى الجزائر. لقد تعرضت لإصابة خطيرة في المقابلة الاعتزالية لكرمالي وتطلب الأمر إجراء عملية ويبدو أنك لم تجد أي مساندة؟ بالفعل، تعرضت لإصابة في المقابلة الاعتزالية للشيخ كرمالي، ولما تلقيت العلاج تعفن الجرح، وازدادت خطورة الإصابة واقترح علي الأطباء التنقل إلى الخارج لإجراء عملية جراحية دقيقة، لكن تكلفة العملية قدرت بحوالي 300 مليون سنتيم وهو المبلغ الذي لم يكن بحوزتي، وكانت وضعيتي معقدة وتستدعي مساندة من مختلف الجهات لكن للأسف الأغلبية خيبوا ظني. . من هي هذه الجهات التي لم تقف إلى جانبك؟ مثلا الفدرالية وكذلك ودادية اللاعبين القدامى، فقد تحدثت مع رئيسها فرڤاني، لكن رده كان سلبيا. والحمد لله أن جمعية المثقفين والإعلاميين بسطيف وقفت بجانبي وقد تنقلت إلى فرنسا، ومن حسن حظي أني كنت أقيم عند أخي وقد كلفتني العملية لوحدها 130 مليون سنتيم، بعدما وضعوا لي مثبتا في الحوض ومكثت في فرنسا مدة ستة أشهر حيث تابعت العلاج إلى أن بلغت التكاليف 300 مليون والحمد لله على كل حال. . هل أنت ناقم على الجهات التي لم تقف بجانبك؟ الأمر مؤسف للغاية، فبعد هذا المسار وما قدمته للكرة في بلدي، وفي نهاية المطاف لا أجد من يقف بجانبي، الأمر يبدو محيرا وأتمنى أن لا يتكرر هذا السيناريو مع لاعب آخر. وانظر ماذا يحدث الآن مع الشيخ كرمالي فهو الآخر طريح الفراش، والعديد من الجهات لم تتحرك لمساعدته بالرغم ما قدمه للجزائر وربما لولا الإشاعة التي انتشرت حول وفاته لما تذكره أحد، فما بالك بالوقوف بجانبه. وأود هنا أن أشير بأن في تونس هناك جمعية تعتني باللاعبين القدامى وتقدم لهم خدمات عديدة وتعتبرهم من الأعيان الذين خدموا الوطن. . لما كنت لاعبا مع الوفاق، تعرضت أيضا لإصابة خطيرة بقسنطينة عندما اجتاح الجمهور أرضية الميدان وقام أحد المناصرين بطعنك بمظلة، انغمس رأسها في ظهرك، حدثنا عن هذه الحادثة ؟ كان ذلك على ما أذكر سنة 1989 لما كنا في القسم الثاني وكنا نلعب من أجل الصعود، فلعبنا مقابلة مثيرة بقسنطينة ضد الشباب المحلي، الذي كان متقدما بهدف لكننا عدلنا وسجلنا هدفا ثانيا، فثار الجمهور واجتاح بعضهم أرضية الميدان واختلط الحابل بالنابل، فكنا نركض في كل الاتجاهات ليفاجئني مناصر بطعنة في الظهر بمظلة وفعلا انغمس رأسها الحاد في ظهري، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل طعنني مناصر آخر بخنجر في البطن، وتم نقلي إلى المستشفى لتلقي العلاج. حيث كانت حالتي خطيرة ونجوت من الموت بأعجوبة ومن حسن الحظ أن الطعنتين لم تمتدا إلى أعضائي الداخلية وقد تمت خياطة الجرحين وعدنا إلى سطيف وزملائي أيضا لم ينجوا من الضرب خاصة بولحجيلات الذي تعرض هو الآخر لإصابة خطيرة. . هل تعلم أن المتهمين اللذين طعناك قد ألقي عليهما القبض وأحيلا على العدالة؟ نعم، لقد تلقيت استدعاء من العدالة للامتثال كضحية أمام محكمة قسنطينة لكنني سامحتهما ولم أذهب إلى المحكمة ولم أحضر الجلسة. . لو تلتق بهما الآن كيف سيكون موقفك؟ عادي جدا، لقد سامحتهما في الدنيا والآخرة سواء تعلق الأمر بصاحب المظلة أو صاحب الخنجر. فأنا شخصيا لم أحقد عليهما بدليل أنني تنازلت عن حقي في المتابعة القضائية.
نعود إلى بيتك عرفنا بأولادك، وهل يمارسون كرة القدم؟ عندي 3 أولاد ذكور أكبرهم محمد لطفي عمره 16 سنة وهو حارس مرمى في صنف الأشبال مع وفاق سطيف والثاني نوفل عمره 15 سنة، وهو مهاجم مع وفاق سطيف والثالث اسمه همام عمره 10 سنوات هو الآن في مدرسة الوفاق ويلعب جناح أيسر ويملك مهارات لا بأس بها، وقد قال لي البعض بأن مستقبله زاهر.
بالنسبة لمحمد لطفي هل أنت من شجعه كي يكون حارس مرمى مثلك؟ أبدا لقد اختار ذلك بنفسه، وأنا شخصيا كنت أشجعه على الدراسة فقط لكن بما أنه يميل لهذا الجانب فقد سمحت له بالدخول إلى الوفاق وصدقني لم أشاهده أبدا وهو يلعب ولم أتحدث مع مدربه ولا أذهب إلى الملعب عندما يشارك في المقابلات، وهذا حتى لا يقال بأن ابنه يحظى بمعاملة خاصة لأن والده عنتر عصماني، ونفس الشيء بالنسبة لنوفل وهمام مع العلم أن هذا الأخير موهوب وطريقة لعبه تشبه طريقة عمه النوري عصماني الذي يعمل بالنادي السياحي والذي كان لاعبا ماهرا مع الوفاق ولولا تعرضه لإصابة أبعدته عن الميدان لكان لاعبا كبيرا.
و هل تتمنى أن تكون لك بنت؟ لا، صدقني أنا بصراحة أفضل الذكور. . في الأخير هل تحس بأنك مهمش بعد هذا المشوار الحافل؟ الحمد لله على كل حال، أنا شخصيا مستقبلي ورائي وقد حققت كل شيء في حياتي لأنني لعبت مع فريق كبير اسمه وفاق سطيف ولعبت في المنتخب الوطني وفزت معه بالكأس الإفريقية الوحيدة للجزائر، فلا يسعني إلا أن أقول الحمد لله. . بماذا نختم الحوار؟ أتمنى الاستقرار لبلادنا الجزائر وأتمنى أن تسود الأخوة والمحبة وسط الشعب الجزائري الذي يستحق كل الخير.