يؤكد سفير فنزويلا بالجزائر، خوسي دوخيسوس روخو ريس، رفض بلاده للعمل العسكري المغربي ضد المدنيين الصحراويين في المنفذ غير الشرعي بالكركرات، واستمرار القمع والظلم والحيف الذي يطال الصحراويين، ويقول إن كاراكاس كانت ولا تزال تدعم حق الصحراويين في إقامة دولتهم. ويتحدث الدبلوماسي الفنزويلي في هذا الحوار مع الشروق، عن نتائج الانتخابات النيابية التي جرت بداية الشهر، والتطورات التي خلفتها، كما يدين استمرار العقوبات الأمريكية ضد بلاده، ولا يستبعد أن يقوم دونالد ترامب بما أسماه "حماقة" و"تهور" قبل انتهاء فترته الانتخابية. استعاد التحالف بزعامة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو السيطرة على البرلمان في البلاد، لكن العلمية الانتخابية هنالك اعتراض عليها، من الداخل ونقصد غوايدو، من واشنطن، من الاتحاد الأوروبي؟ بلغت نسبة المشاركة 30.5 بالمئة، الانتخابات النيابية معقدة نوعا ما مقارنة بالانتخابات الرئاسية، التحالف الحزبي الذي يضم الحزب الاشتراكي الموحد حصل على أزيد من 4.2 ملايين صوت، أما تحالف أحزاب المعارضة حصل على مليون و95 ألف صوت، وتحالف آخر للمعارضة تحصل على 295 ألف صوت، المعارضة كلها حصلت على مليونين فقط، أما أحزاب السلطة منها الحزب الحاكم فتحصلت على أكثر من 4 ملايين صوت، وحصلت على 70 بالمئة أي 174 مقعد في البرلمان. الانتخابات عرفت مشاركة أحزاب معارضة منها حديثة وأخرى تقليدية حكمت البلاد لأكثر من 50 سنة، ورغم مشاركة المعارضة في الانتخابات، لكن لا يتم الإشارة إلى هذا في الصحافة العالمية، التي لا ترى في المعارضة سوى شخصية غوايدو كرئيس بالنيابة، أو ليوبولدو لوبيز كزعيم للمعارضة، المعارضة لا تنحصر في هذين الشخصين، المعارضة شاركت ونالت عددا من المقاعد. يجب الاعتراف أن القطب الوطني بما فيه الحزب الحاكم، هو أكبر قوة حزبية في البلد، أما ما يحوم حول غوايدو وشركائه فإنهم ليسوا أكبر قوة حزبية في البلاد، ولا يملكون الغالبية. الانتخابات جرت في ظل مقاطعة للمعارضة، أليس هذا إنقاص لشرعية العملية الانتخابية؟ إذا حصل وأن جزءا من المعارضة لم تود المشاركة فإن غرضها عدم إعطاء الشرعية للانتخابات، لنأخذ تصريحات ليوبولدو لوبيز عشية الانتخابات، تحدث كأنه يمثل 90 بالمئة من الانتخابات، إذا كان حقيقة يملك الشعبية لماذا لم يشارك؟ ولماذا تندد بالتزوير بعدها؟ شارك واكشف مواطن التزوير إن حصلت. الحقيقة أنهم منشقون ولا يستطيعون التوافق على شخصية واحدة، هذه خطيئة المعارضة الأولى، كان هدفهم الحصول على السلطة عبر التدخل الأجنبي، وعندما أيقنوا أن هذا الأمر لن يحصل، يقاطعون الانتخابات، لأنها تكشف ضعفهم. أما عن شرعية الانتخابات، من الناحية القانونية فإن الانتخاب حق وليس ملزما، الذي لا ينتخب يعطي مجالا للشخص الذي ينتخب، لأن السيادة تأتي عبر التصويت حسب نصوص الدستور، والانتخابات لها المشروعية في هذا الإطار. العملية الانتخابية بين الأحزاب التي شاركت، أما المقاطعة فهي على الهامش، والادعاء أنها تمثل عدم المشاركين فهذا مجانب للصواب، كما أن المقاطعين لا يمكن الجزم أنهم ضد الانتخابات بصفة عامة. الطعن في شرعية الانتخابات والقول بأنها مزورة، ليس محصورا في فنزويلا، ولكن في غالب الانتخابات التي تجرى بدول العالم الثالث، والمفارقة هذه المرة أنه حتى في أمريكا، يتحدث دونالد ترامب عن تزوير طاله لصالح المرشح جو باين، لهذا يتم التشكيك في نزاهة انتخابات بلدكم؟ الطعن في الانتخابات لم يكن وليد الانتخابات، ولكن منذ أشهر، وهذا ما عبَرت عنه الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، والزعم أن الانتخابات لا تخضع للمعايير الدنيا للنزاهة والديمقراطية والشفافية، والمفارقة أن كل مسارات الانتخابات في فنزويلا طُعن فيها، خاصة من واشنطن. لا يجب إغفال حصول حملة دولية قبلية على الانتخابات وتم تخويف الناس، وتقديم سيناريوهات عن حصول انهيار فوري للدولة، نحن نقول إن نسبة 31 بالمئة هي نفس نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية برومانيا، ولكن ولا دولة أوروبية قالت إنها انتخابات مزورة، في عديد الدول الانتخابات البرلمانية تجرى مع الانتخابات الرئاسية ما يرفع نسبة المشاركة، هنالك تبادل للأدوار بين أمريكا والدول الأوروبية، الأولى تشكك قبل إجراء الانتخابات، والثانية تطعن في نتائجها، دون إغفال العمل الجبان لمجموعة "ليما". هنالك عمل نفسي على الناخب، وتخويفه في حالة الانتخابات، فإن العقوبات ستطالك وستُحرم من الغذاء والدواء والبنزين. ورغم الضغوطات، فإن قوة سياسية تحصلت على أزيد من 4 ملايين صوت، هذا تعبير على وجود انتخابات، مع مشاركة جزء من المعارضة، التي أرادت مواجهة السلطة في عملية انتخابية، واقتناع تام بضرورة حل مشاكل البلاد دون تدخل أجنبي. أما عن ترامب، فهو يود فرض إرادته على بلده وعلى الآخرين، إذا كان هو يقوم بهذه التحركات كلها في بلده، فماذا ننتظر منه في بلدان أخرى وفي فنزويلا خاصة؟ لكن مؤسسات قوية في بلده وحتى الصحافة كذَبت ادعاءاته. أعلن الرئيس نيكولاس مادورو أنه يرغب في فتح قنوات "تواصل وحوار" مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بعد التوترات التي شهدتها علاقات البلدين في عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، لماذا هذه الرغبة وأنتم تتهمون أمريكا بالعمل على تدمير بلدكم؟ نحن نرى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي القوة الضاربة في فنزويلا، والتي تدعم غوايدو، وهي القوة التي خلقت هذه المشاكل الاقتصادية والفوضى منذ سنوات، إذا انسحبت الضغوطات الأمريكية فإن غوايدو لن يقوم بأي شيء، ولن يكون له وجود أصلا. نرى أن ما يحدث في فنزويلا وتحديدا غوايدو، الذي كان في وقت سابق يُشخص ويُوحد المعارضة، لكن شخصنته للمعارضة امتدت لثلاثة أشهر فقط وسقطت، ولم يعد يُمثل المعارضة وفقد من كان يتحالف معهم، أما الادعاء أنه رئيس بالنيابة والتي امتدت ل24 شهرا فهذا يمكن وصفه بالهراء، المسار السياسي في بلدنا يمر على تجاهل ونسيان هذه الشخصية. نأمل أن تكون لبايدن الشجاعة من أجل مراجعة تلك القرارات السابقة، وأن لا يعتمد على التقارير المغلوطة لكتابة الدولة أو وزارة الدفاع، وأن يقوم بمراجعة السياسات القائمة، وأن يرى الحقيقة بأعين الواقع، وبأعين الإنسانية وما يعانيه الشعب الفنزويلي جراء هذا الحصار والعقوبات وتجميد الأصول، الإدارة السابقة كانت تعتمد على وعود غوايدو الذي كان يقول مرارا وتكرارا إن سقوط مادورو سيكون في أيام وثم في أشهر ولكن هذا لم يحصل. لقد رأينا كيف أخفق غوايدو وليوبولدو لوبيز، في محاولة انقلابية سنة 2019، ونأمل أن يكون هنالك حوار بين الحكومة الأمريكية والحكومة الشرعية في فنزويلا الممثلة في الرئيس مادورو، وأن يكون للرئيس الأمريكي زعامة لمحاورة الرئيس مادورو، الحقيقة نتمنى أن تخرج أمريكا من هيمنتها وسيطرتها وظلمها لفنزويلا. الذي يحلل منطقيا نتائج الانتخابات، يدرك أن في فنزويلا لا توجد قوة أكبر من الحزب الاشتراكي الموحد، لا يوجد بلد في أمريكا اللاتينية عانى وقاسى كما حصل في فنزويلا في السنوات الست الأخيرة، لا توجد حكومة قاست مثل هذه العقوبات وقاومتها، كان الهدف أن يتخلى الشعب عن الثورة البوليفارية وحكومته وهذا لم يحصل. رئيس الوزراء الإسباني السابق لويس رودريغيث ثباتيرو، قال إنه على الاتحاد الأوروبي أن يراجع سياسته، مؤكدا أنه لا يجب إنكار وجود قوة حزبية في فنزويلا، أيضا رئيس الأورغواي السابق بي بي موخيكا، قال لقد تحولت الحركة التشافية في فنزويلا إلى حركة دائمة، حركة لا تستطيع إنكارها، الحركة التشافية إن نجحت أو أخفقت في الانتخاب ولكن لا يمكن تجاهلها، وبالتالي الهدف محو الحركة التشافية وهو هدف لا يمكن حصوله. كرر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو دعمه لما يسميه "الرئيس المؤقت خوان غوايدو" من أجل "استعادة الديمقراطية"، هل يمكن حصول أشياء أخرى لحين انتهاء عهدة ترامب، ضد الرئيس مادورو؟ الرئيس مادورو رد على أسئلة في هذا الخصوص، قال إنه مستعد لجميع السيناريوهات، ونتمنى أن لا يتهور ترامب ويقوم بحماقات، أو سياسات انتحارية، البارحة قال غوايدو إن كل الاحتمالات على الطاولة، هذه التهديدات تشخص في إدارة ترامب وغوايدو الذي كرر هذا الكلام، غوايدو يحاول ولا يزال يسعى ويتوسل لأمريكا بأن تتدخل في فنزويلا. بعد هزيمة غوايدو وفوز الحركة التشافية في انتخابات المجلس التأسيسي، رأينا أحد أقطاب المعارضة وهو خوليو بورخيس، الذي يُعد الممثل الدولي لغوايدو، رأيناه يبكي، يتوسل في مقابلة إذاعية أنهم فعلوا كل ما في طاقتهم بأن تتدخل الإدارة الأمريكية في فنزويلا، أنا متأكد أن غوايدو يفكر في نفس السيناريوهات وبحصول تدخلات الأجنبية. ونرى هروب ليوبولدو لوبيز من فنزويلا بعد ما كان لاجئا في السفارة الاسبانية بكاراكاس، هذا دليل على ضعف المعارضة، وهو يقدم نفسه انه بطل، والأبطال لا يهربون، ما حصل في إخفاق قطب غوايدو في الانتخابات سوف يعمق من جروح المعارضة وانقسامها. مجموعة الأحزاب الأربعة الداعمة لغوايدو، تشهد انقسامات داخلية عميقة لم تحصل سابقا، نرى الأحزاب الكبرى في المعارضة تحصلت على أزيد من مليون صوت، وحزب العدالة أولا والإرادة الشعبية تحصلا على 250 ألف، صوت هذا يدل على أن أحزاب المجموعة الأربعة انقسمت، ونرى أن أفضل حل سياسي هو الانسحاب عن غوايدو، وهذا الأخير لم يأت بحل سياسي للبلاد. ما هي الإجراءات التي تواصل اعتمادها أمريكا ضد فنزويلا في سبيل الإطاحة بالرئيس مادورو؟ تجميد الأصول ونقصد به الاستحواذ على أصولنا البنكية وأصولنا كشركات، نحن نرى أن تجميد الأصول له أضرار كبيرة جدا، لو أخذنا عينة لمؤسسة لها تواجد في البورصة ولديها تصنيف مرتفع من صنف "أ" تنشط في مجال الاتصالات والخدمات، وقمت بإعطاء أوامر للبنوك بتجميد أصولها فإن الشركة ستسقط أو تذهب إلى الإفلاس. وإذا قمت بإرساء عقوبات على مؤسسة لتصنيع الهواتف، وأخرى لنقل البضائع، ومنعت النقل البحري، فإن المؤسسة لا تستطيع أن تنتج أو توزع، إذا قطعت النقل والأموال على الشركات والأصول البنكية والمبيعات، فإنك تدفعها للإفلاس، هذا ما أرادته أمريكا بالتواطؤ مع الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأمريكية معها، تم استعمال طرق جهنمية لتركيع بلد اسمه فنزويلا. نرى أنه بعد إرساء تلك العقبات والحصار، الوقاحة الأكبر أن نتهم حكومة مادورو بالعجز حتى عن توزيع الخبز والدواء على شعبه، لقد قاموا بالاستحواذ على أصول بنكية قيمتها 5 مليارات كانت في بنوك أمريكية وأوروبية، وهذه الأموال كانت مخصصة لاستيراد المواد الأولية ذات الاستهلاك الواسع والمواد الطبية، وليست موجهة للمستشفيات العمومية، بل حتى للمستشفيات الخاصة، علما أن المؤسسات العمومية لا تمثل سوى 25 بالمئة فقط من النسيج العام. يقولون إن الاشتراكية الفنزويلية أخفقت، لكن بعد سنوات نؤكد أنهم هم من أخفقوا في تركيعنا، رغم عقاب عصب الاقتصاد وهو البترول، حيث تقلص إنتاج النفط من 2 مليون يوميا إلى 600 ألف فقط. المغرب نفذ عملا عسكريا ضد مدنيين صحراويين في معبر الكركرات غير الشرعي، وجبهة البوليزاريو أعلنت تحللها من اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991، وبعدها تعلن واشنطن دعمها للمغرب في احتلاله للصحراء الغربية، كيف تتابعون التطورات الحاصلة، وما موقف كاراكاس منها؟ بعد تنفيذ تلك العمليات العسكرية من الجيش المغربي، الحكومة الفنزويلية ألحت على تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة في الصحراء الغربية، وأن يقوم بمهامه، وألحت حكومتنا على الأممالمتحدة بأن تقوم بمهامها، وأن يقوم الشعب الصحراوي بممارسة حقوقه بحق تقرير المصير عبر الاستفتاء. نحن نعترف بالجمهورية الصحراوية منذ 38 سنة، ليس اليوم فقط، بل منذ 38 سنة، أي قبل مجيء الرئيس تشافيز، حكومتنا تلح على إجراء استفتاء تقرير المصير، والاعتراف الدولي بالجمهورية الصحراوية كدولة مستقلة. على الأممالمتحدة أن تقوم بمهامها لضمان حل سياسي سلمي، ولن نقبل أن يكون الشعب الصحراوي ضحية للمضايقات والقمع والعنف، هذا موقفنا وهو ثابت ومستمر ولن يحيد عنه الرئيس مادورو.