يقول سفير فنزويلا بالجزائر، خوسي دوخيسوس روخو ريس، إن المشاكل التي تعرفها بلاده بدأت عندما لم يتم الاعتراف بالمسار الديمقراطي والشفاف، الذي أوصل مادورو إلى السلطة.. ويذكر في هذا الحوار مع "الشروق" في مكتبه، أن أمريكا وبسبب نزوات ترامب، تود تحطيم بلد وتجويع شعبه والإتيان بدمية يتحكمون بها. ويعتقد السفير أن الرئيس الأمريكي القادم سيكون أقل سوءا من ترامب. ويشجب المعني ما يعتبره تبعية أوروبا لواشنطن، ويدين الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، ويتحدث كذلك عن الإجراءات المتخذة في بلاده لمواجهة فيروس كورونا، ويرفض تماما تصريحات ترامب بأن الفيروس قد صنّع في مختبرات صينية. أزمة صحية كبيرة تمر بها البشرية، نتحدث عن جائحة كورونا، سجلت بلادكم إلى غاية الأسبوع الماضي، إصابة 1510، 24 وفاة، 478 حالة تعاف.. الأرقام تشير إلى أنكم بعيدون جدا عن العدد الكبير من الضحايا، الذي سجل في دول توصف بالمتقدمة في أوروبا وأمريكا، كيف تعاملتم مع الجائحة؟ الحكومة، مع ظهور بوادر انتشار الفيروس، قامت باتخاذ قرارات استعجالية، منها وقف الرحلات الجوية، وبعدها غلق الحدود الجوية. وظهر أن بؤرة الفيروس في أوروبا وآسيا، ما سمح لنا باتخاذ قرارات مبنية على نصائح وإرشادات منظمة الصحة العالمية، وبناء على النتائج المستخلصة من دول كإيطاليا والصين، وهذا سمح لنا باتخاذ قرارات مصيرية. قمنا بتقليص التنقل بين الولايات، وتقليص وسائل النقل الجماعي، وحجر بعض الولايات التي سجلت فيها إصابات أكبر من غيرها.. وبعد الانتشار السريع للفيروس في مدن كميراندا وجزيرة مارغريتا، منع الدخول والخروج من المدينتين. أغلب الحالات التي ظهرت في بداية الجائحة كانت بسبب عدم التزام الأشخاص بالتعليمات والإرشادات، في جزيرة روكاس مثلا، كانت هنالك حفلة غنائية لفنانين من الدومينيكان، واختلط الناس.. وهكذا، ظهرت بؤرة لكورونا. الطريقة التي انتهجناها هي التحاليل الواسعة، الأمر الذي جنب الانتشار، وغالبية المرضى تعافوا، وقمنا بنفس الشيء في جزيرة مارغريتا. على اعتبار أن البيزبول رياضة شعبية في بلدنا، وهنالك أكاديمية لتحضير النخب التي تتلقي بدوري المحترفين في الولاياتالمتحدةالأمريكية، هنالك 50 منتسبا متربصا تأثروا بكورونا، بسبب الاختلاط مع أشخاص قدموا من الدومينيكان، ووصول غرباء قدموا من إسبانيا، انتشر المرض. في الأشهر الثلاثة الأخيرة، كانت الإصابات قليلة، لكن العدد ازداد في الأسابيع الثلاثة الماضية، بسبب عودة رعايانا من دول الجوار، لاحظنا عودة جماعية من البيرو والإكوادور والتشيلي، وقامت السلطات بالتحقيق مع العائدين في الحدود، وأجبرت الناس على الدخول في حجر صحي لأسبوعين. السلطات احترزت، وقامت بالمعالجة الصحية لحامل الفيروس، ومن له أعراض خفيفة، عبر إنهاء المخالطة بينهم وبين عائلاتهم. في فنزويلا، نتعاون مع الأصدقاء في كوبا في المجال الصحي، هنالك 10 آلاف طبيب كوبي في بلدنا، ومن قبل وصل العدد إلى 20 ألف طبيب، وهذا التعاون سمح لنا بتطبيق آلية، وهي أننا عندما نسجل حالة إصابة، نقوم بعزل الشخص واستدعاء جميع من كان قريبا منه، للوصل إلى حالات أخرى ممكنة، إضافة إلى إجراء التحاليل الواسعة. وإلى اليوم، قمنا بأكثر من مليون تحليل. نعلم أن عملية المعاينة السريعة محدودة، لذلك نقوم بالتحليل العميق، لتأكيد الحالات من عدمها. عدد التحايل تظهر أن هنالك معدلا مقدرا ب 34 ألف تحليل على مستوى مليون نسمة، وهذا أكبر معدل على مستوى القارة الأمريكية، والمقلق الآن، الارتفاع في الأيام الأخيرة، خاصة أن دول الجيران لها عدد إصابات كبير، خاصة في البرازيل التي تخطت حاجز 850 ألف إصابة، والعديد من الفنزويليين يعبرون الحدود، وللأسف، هنالك من دخل بطريقة غير شرعية، ناقلين العدوى كما سُجل في مدينة بوليفار، والعدد الأكبر سُجل في المدن على الحدود الكولومبية، ممن عبروا الحدود بطريقة غير قانونية، فواحد من 30 شخصا ممن عبروا الحدود حامل للفيروس، لكن ما يدهشنا أن كولومبيا تتحدث عن واحد من أصل 1000 شخص عبر الحدود حامل للفيروس، وما هو مؤكد أن ما بين 80 إلى 90 بالمئة من الإصابات هي لأشخاص قادمين من الخارج، المعاينة المجانية ساهمت في تقليل الإصابات، ومجانية التحليل، عكس دول الجوار التي حدد سعره ما بين 100 و200 دولار. النتائج الطيبة المحصلة، تعود كذلك إلى دعم الدول الصديقة ككوبا، إضافة إلى الصين التي بعثت بوفد طبي من ووهان، وروسيا وتركيا وإيران. أزمة اقتصادية كبيرة تعاني منها فنزويلا، كيف وازنتم بين التبعات الاقتصادية وتوفير الحق في العلاج وتخفيف الأعباء عن المواطنين؟ في2007، قامت أمريكا بعمليات خفية لحصار اقتصادي علينا، والإنتاج البترولي على وجه التحديد تأثر كثيرا، وبعدها الحصار المالي الخانق، منذ 3 سنوات، ورغم نداءات الأممالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية، التي ألحت على الدول بتخفيف النزاعات، للسماح بوصول المساعدات الإنسانية والطبية، وعلى العكس من ذلك، قامت أمريكا بمضاعفة إجراءاتها ومضايقاتها لفنزويلا، ومنذ سنة تقريبا سُجلت محاولتان انقلابيتان في فيفري وأفريل 2019، آخرهما محاولة دخول البلاد بحرا من مرتزقة عبر كولومبيا لاغتيال الرئيس مادورو والسيطرة على البلاد، ولكن أجهضت العملية وتم توقيف الجناة. أمريكا تقدم خطابا متناقضا، إذا كانت حقا تود تقديم المساعدات، فلتقم بذلك عبر قنوات الأممالمتحدة، وهذا أعلناه بشكل صريح، نذكر أنه حينما سيرت الصين طائرات مساعدات إلى فنزويلا، قال ترامب إنه غير معجب بما حصل، فنزويلا تحت نارين، أمريكا تمنع الدول من مساعدتها، ولا تريد أن تصل إلينا المساعدات الطبية لمواجهة كورونا. مؤخرا، قامت المكسيك ببيعنا مواد استهلاكية مقابل النفط، لكن أمريكا سارعت إلى معاقبة الشركة المكسيكية، واشنطن تمنع شركاتها أن تبيع لفنزويلا الآلات والمواد الكيماوية لتكرير النفط، كما تمنع الشركات العالمية من توريد سلع وخدمات خاصة بتكرير النفط الفنزويلي، وهذا ما عطل مركبين لتكرير النفط، وهما الأكبر في أمريكا اللاتينية. مؤخرا، قامت إيران بتزويدنا بخمس ناقلات نفط، وقطع غيار لازمة لتشغيل المحطتين المتوقفتين، هدفنا ليس استيراد المحروقات فقط، ولكن الاعتماد على النفس، لكن أمريكا قامت بمعاقبة كل مؤسسة تستورد بترولنا، وبلغت حدة المضايفات أن بعض الناقلات النفطية كانت في طريقها إلى فنزويلا، ولكنها عادت أدراجها خشية العقوبات الأمريكية. أمريكا تكذب على الناس، لما يتحدث ممثلها في الأممالمتحدة بأن العقوبات لا تطال مشتريات فنزويلا من المواد الاستهلاكية والطبية، فهذا مجانب للحقيقة، الآن أبسط عملية تقوم بها شركة النفط الوطنية "بيديفيسا"، تعترض عليها أمريكا وتعاقب الشركات التي تتعامل معنا، هذه الشركة حُجز لها أزيد من 1.7 مليار أورو، عمليات تحويل الأموال غير ممكنة، والأموال المحتجزة الآن لفنزويلا تخطت 5 ملايير أورو، في عدد من البنوك الأوروبية والأمريكية، البنك المركزي البريطاني جمد لنا أزيد من مليار أورو من الذهب، وحجة هذه البلدان، أنها لا تعترف بشرعية مادورو، ولهذا لن تمنح له الحرية في التصرف في العوائد البنكية لفنزويلا، كما عرقلت أمريكا عملية النفط مقابل النفط والدواء والغذاء، كما حصل في العراق. أمريكا تدّعي أن الحصار ينحصر في العقوبات على الحكومة، لكن ما حصل أثر على جميع المواطنين، بسبب نزوات ترامب، يودون تحطيم بلد وتجويع شعبه، والإتيان بدمية يتحكمون فيها، واستطلاعات الرأي تقول إن 79% من الفنزويليين يؤكدون أنهم تأثروا بالعقوبات الأمريكية. الكثير من التحاليل والقراءات قيلت بشأن مصدر الفيروس، ما موقف بلادكم من الادعاءات التي تتهم الصين بتصنيع هذا الفيروس؟ نحن نؤمن بالعلم، ولم نصدق ما يقال بأن فيروس "كوفيد 19" تم تصنيعه في مختبر. نحن في القرن 21، والدول يجب أن تصغي لما يقول العلم وليس للاعتبارات السياسية الأخرى، وبخصوص اللقاح الذي يجري البحث عنه في المختبرات، يجب أن يكون متاحا لجميع الإنسانية، وليس سرا يباع، ويجب ألا يخضع لقاعدة الملكية الفكرية، نحن نحيي جهود وتعاون الصين في هذه الجائحة مع دول العالم، نأسف لتعامل حكومة ترامب وبولسونارو. هذا الأخير، رفض نشر إحصائيات الوفيات والإصابات، لكن المحكمة العليا البرازيلية ألزمته بذلك. إدارة ترامب تتغافل عن العدد المهول من الإصابات والوفيات، وينصب اهتمامها على فنزويلا، ما يقال عن الإدارة الأمريكية، يقال كذلك عن الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية لويس ألماغرو، الذي لم يقل كلمة واحدة عما تعانيه فنزويلا جراء الحصار الأمريكي، وسكت عن انتهاكات حقوق الإنسان في الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي زعمت بعد مقتل جورج فلويد، أن فنزيلا ستكون بؤرة لانتشار كورونا والخطر على الأمريكيتين. تتحدث عن محاولة أمريكية لاغتيال الرئيس مادورو، هذا الأمر كذبه الرئيس ترامب ووزيره للخارجية مايك بومبيو؟ أمريكا قامت بعملية اجتياح "غيديون"، وشارك فيها عملاء من فنزويلا تدربوا في كولومبيا، والتمويل أمريكي، وألقينا القبض عليهم، منهم من فنزيلا وأمريكيان اثنان من القوات الخاصة، وأقروا بأن نيتهم كانت الدخول عبر منطقة بحرية، وأخرى من كراكاس، وكان هدفهم الوصول إلى الرئيس مادورو، كان قائد العملية الجنرال كليفار الكالا كوردونس، الذي له سوابق في تهريب المخدرات، ثم استبدل بشخص أمريكي، هذا مثبت في وثائق وقع عليها غوايدو. هذا الأخير، يحلم بقيادة البلاد عبر دعم أمريكي، وهو عاجز حتى عن قيادة أحزاب المعارضة التي انسحبت من حوله، هذا الشخص نجح في شيء واحد، هو تقسيم العارضة، غوايدو هو المفرق للشعب الفنزويلي وليس الجامع لهم. رغم مشاركة عدد من المعارضين في الحوار مع الحكومة، تصر واشنطن على خلق مشكلة عنف في بلادنا، والاستطلاعات تقول إن 80 بالمائة من الشعب راض عن التسيير الحكومي لمادورو في جائحة كورونا. هنالك مسؤولية يتحملها الاتحاد الأوروبي، في الأزمة التي تعيشها فنزويلا، على أوروبا أن تتخلص من التبعية لقرارات ترامب، وأن تتخلص من نظرية كون أمريكا اللاتينية هي الحديقة الخلفية للولايات المتحدةالأمريكية، على أوروبا أن تستقل في قراراتها. كما نطالب المجتمع الدولي باحترام خيارات الشعب الفنزويلي، لأن الأزمة بدأت عندما لم يتم الاعتراف بالمسار الديمقراطي والشفاف الذي أوصل مادورو إلى السلطة. تشهد أمريكا انتخابات رئاسية نوفمبر المقبل، هل من احتمال بتغيير واشنطن سياستها تجاه بلدكم، في حال تغير الرئيس، أم إن المواقف نفسها أيا كان الرجل الذي يحكم البلاد؟ المضايقات بدأت مع أوباما، هو من سن قانونا جعل فنزويلا خطرا على الأمن القومي الأمريكي، هذا القانون أعطى الدعامة القانونية لتوقيع العقوبات على فنزويلا، عندنا تفاؤل بأن الأمور لن تكون أكثر سوءا مما هي عليه فترة حكم ترامب. رأينا تعامل ترامب على المستوى الدولي والداخلي، هو يتوعد برد قاس على الاحتجاجات الحاصلة، خرجت المؤسسات التشريعية للحد من تصرفاته، وهذا الأمر يغيب عندما يفرض عقوبات على دول بما في ذلك فنزويلا، لقد وصل الأمر بالإدارة الأمريكية إلى وضع مواطن فنزويلي في قائمة المطلوبين وكأنه مجرم أو إرهابي، لا لشيء سوى كونه وضع العملة الافتراضية التي مكنت فنزويلا من القيام بتعاملات تجارية دولية، نتهم كذلك بتهريب المخدرات، ونحن لسنا بلدا منتجا ولا بلد عبور ولا مستهلكا، أين هي المؤسسات التشريعية للحد من تهور الرئيس الذي يحرم 30 مليون فنزويلي من الأكل والدواء؟ هل تشكل كراكاس وطهران وموسكو حلفا يخيف واشنطن؟ أمريكا وحدها ترى أننا نشكل خطرا عليها، الذي قمنا به مع روسياوإيران هو تعاون إنساني فقط، أمريكا هددت بمنع وصول البواخر الإيرانية، ولولا شجاعة القبطان وطاقم السفينة ما كان لتلك الحمولة أن تصل، نفد البنزين حتى صار المواطن عاجزا عن نقل المريض إلى المستشفى في السيارة. المغرب أعلنت بشكل صريح اعترافها بغوايدو، هل خطوة المغرب نكاية في مواقف كراكاس من الأزمة الصحراء الغربية؟ ما حدث صفقة مخزية حقا، غوايدو أراد أن يضيف إلى قائمته اعتراف المغرب به، مقابل عدم اعترافه بالجمهورية الصحراوية واستقلالها. نحن، قبل مجيء تشافيز للحكم، كانت الحكومات اليمينية الفنزويلية، وهي الآن في المعارضة، تعترف باستقلال الصحراء الغربية، وما قام به غوايدو شيء مخز، نحن نعترف بالصحراء الغربية ونعترف باستقلال جمهورية الصحراء الغربية. نحن نحلم باليوم الذي نسبح في شواطئ الصحراء الغربية المستقلة، ونحلم باليوم الذي يتمكن فيه الصحراويون من الاستفادة من الثورات الطبيعية لبلدهم.