رغم أن ديننا الإسلامي الحنيف، يحرم الاحتفالات الماجنة التي تصاحب رأس السنة الميلادية، وهذا بإجماع السواد الأعظم من الفقهاء والأئمة، إلا أن فئات من المُجتمع، لا تزال تصر على ممارسة طقوس هذا الاحتفال، دونما اكتراث لفتاوى العلماء والفقهاء والأئمة، والادعاء بأن ما تقوم به يمثل شكلا من أشكال التحضر والتمدن، وهو الموقف الذي ردّ عليه أحد الأئمة بوهران، الذي أكد للشروق، بأن ممارسة هذه الطقوس الغريبة عن ديننا، تكشف مدى الانسلاخ الذي وصلنا إليه، جراء اتباعنا لأسلوب النّسخ الغبي، لبعض الممارسات التي لا علاقة لها بالتمدن والتحضر، بل تُشكّل مغالاة في الجهل المُطبق، الذي يوهم أصحابه بأنهم يسيرون في الطريق الصحيح، وهم بعكس ذلك يتجهون إلى الهاوية، لأنهم لا ينقلون ولا ينسخون من حضارة الغرب سوى مظاهر التفسخ والانحلال لا غير. في سياق التهافت المجنون على إحياء رأس السنة الميلادية، تعرف عملية كراء المنازل الفردية والفيلات من فئة "ستاندار" ببلديات الكورنيش الوهراني انتعاشا نسبيا في آخر أسبوع من العام الجاري، تحسبا لحلول العام الجديد 2021، وارتباط ذلك بالتحضير للاحتفالات التقليدية لنهاية السنة، التي كانت عاصمة الغرب في السنوات الفائتة، تنفرد وتتميز بها على المستوى الوطني، من حيث عدد الوافدين الذي يلامس أرقاما خيالية، ما يدر أموالا طائلة على ملاك قاعات الحفلات والحظيرة الفندقية التي تحصي المائة وخمسين فندقا. يشهد قطاع السياحة في وهران، الذي يدر على الاقتصاد المحلي أموالا طائلة، حالة من الشلل شبه الكامل، ما يعرض الولاية لخسائر فادحة بسبب الانخفاض، إن لم نقل الغياب التام للسياح، حيث أدخلت الأزمة الصحية التي تعيشها البلاد جراء جائحة كورونا، سيما في الأيام الأخيرة من العام الجاري التي تختلف كليا عن سابقاتها من أواخر شهر ديسمبر من الأعوام الفارطة، أدخلت الدائبين على إحياء احتفالات نهاية السنة في سباق مع الزمن بحثا عن مسكن بالكورنيش الوهراني، على خلفية انعكاسات الوباء، خصوصا بعد أن قامت السلطات منتصف العام الجاري بغلق قاعات الحفلات والمراقص والفنادق بجميع أصنافها، كإجراء احترازي من انتشار العدوى، الأمر الذي غيب جانبا كبيرا من السياحة بغرب الولاية. هذا العامل لم يثن عزيمة مرتادي الكورنيش للاحتفال بال"الرفيون" والاستنجاد بكراء الشقق المفروشة والمنازل وبأسعار متفاوتة، ظاهرة عاشتها عين الترك ربما خلال أزمات الإيواء في مواسم الاصطياف للسنوات المنصرمة، بعد أن كانت حجوزات الفنادق تسجل اكتظاظا في سعتها السريرية، بالمقابل لم يسبق وأن عرفت عملية كراء المنازل انتعاشا مماثلا بالتزامن مع نهاية رأس السنة. ما يعني بأن عشاق وهران، وبعيدا عن تهديدات جائحة كورونا، باتوا يستحسنون الشقق بدل الفنادق لتفادي الإصابة بالفيروس وهروبا من التضييق الذي تفرضه إجراءات الوقاية منه. فرق أمنية خاصة لفرض الحجر نهاية السنة ساعات فقط قبل حلول العام الجديد2021، ترفع مختلف المصالح الأمنية بالولاية من درجة تأهبها لتطبيق قانون الحجر الصحي المعمول به حاليا، والذي يفرض حظر التجوال من الثامنة مساء إلى غاية الخامسة صباحا، حيث ستعمل فرق متخصصة على تطبيق برنامج حماية خاص ليلة نهاية رأس السنة، وهو ما أكده للشروق رئيس خلية الاتصال والعلاقات العامة، سليم عريوة الذي أكد بأن مديرية الأمن الولائي تضبط حاليا عقارب ساعتها على موعد الريفيون، لضمان سلامة الجميع، وردع مخالفي توقيت الحجر المعمول حاليا قائلا: "كل شيء سيتوقف على الساعة الثامنة مساء"، مردفا بأن عناصر الشرطة سيتحركون بالزي الرسمي والمدني للقيام بدوريات ليلية إلى غاية صباح الفاتح جانفي لتأمين الساحات العمومية والأحياء، لمحاربة الجريمة بمختلف أصنافها، كاشفا عن تجنيد كذلك عناصر أمن الحواضر والدوائر الثمانية الموزعة عبر إقليم ولاية وهران. وفي حديثه عن منطقة الكورنيش بؤرة الاحتفال بعيد نهاية السنة قال: "نحن سنعمل على عدم السماح لأي كان بمخالفة توقيت الحجر الصحي، حتى الفنادق المرخص لها يجب عليها رسم حدود تستثني هذه الليلة، لأنها هي أيضا معنية بتطبيق القانون. مدير الأندلسيات: "400 مليون سنتيم خسائر ليلة واحدة" بلغة الأرقام كشف مدير المركب السياحي الأندلسيات السيد بهلولي حجم الخسائر الناجمة عن عدم الاحتفال بعيد رأس السنة بالمركب، هو 400 مليون سنتيم، تمثل عائدات كراء ال"البانقالوهات" والغرف ووجبات الفطور والعشاء، مع بعض الخدمات السياحية الأخرى، وهو رقم أعمال سنوي هام وضروري لسد نسبة معتبرة من عجز محتمل حسب محدثنا، الذي أضاف بأن مصالحه استقبلت، أول أمس، تعليمة رسمية من وزارة السياحة، تلح على إلغاء أي شكل من أشكال الاحتفال وعدم السماح لأي كان بمخالفة قانون الحجر للحفاظ على النظام العام. وفي سياق ذي صلة، وفي حديثنا مع مالك فندق بعين الترك الساحلية، قال هذا الأخير، بأن الريفيون لعام 2020 يعتبر لا حدث، وعلى جميع المقاييس، مستدلا في حديثه بانعدام الحجوزات "القبلية" من خارج ولاية وهران، على غير العادة، حيث كان يتهافت الزوار 20 يوما قبل الموعد، لضمان قضاء عيد نهاية العام في راحة تامة، الأمر الذي، حسبه، غاب وبشكل كلي هذا العام، فيما يفسر صاحب فندق آخر هذا الغياب بأمرين اثنين، غياب السيولة المالية الناتج عن إسقاطات الوباء على الحركية الاقتصادية بالجزائر، وخوفا من الفيروس في حد ذاته الذي لا تزال وهران تتصدر أحيانا قائمة الإصابات به.