احتفل العديد من الجزائريين، أول أمس، بعيد رأس السنة. وحملت هذه الاحتفالات الكثير من مفارقات الوضع الاقتصادي في البلاد، فالاحتفالات لم تخل عند الأغنياء من البذخ الفاضح، والتكاليف الباهظة لحجوزات الفنادق والمطاعم، والسوق السوداء لشراء تذاكر وبطاقات حضور حفلات فنية نظمت بالمناسبة. بدأت مظاهر الاحتفال بشكل مبكر، حيث توجه مواطنون، منذ ساعات الصباح الباكر، لشراء مستلزمات الاحتفال والاستعداد لاستقبال العام الجديد بين الأهل والعائلة والأصدقاء، سواء في البيت أو خارجه، واكتست متاجر وفنادق ومطاعم العاصمة بمظاهر استقبال السنة الجديدة. ويسعى المحتفلون بليلة رأس السنة إلى قضاء هذه الليلة في أجواء احتفالية مختلفة، قبل أن يجري تصفير عداد الأيام مرة جديدة، في هذه الليلة ثمة مشاهد احتفال متناقضة، سهرات بذخ وترف، مقابل سهرات متواضعة وفقيرة. واحتفالا بالمناسبة بمنازلهم اكتفى الكثير من الجزائريين، سواء لعدم إيمانهم بهذه الاحتفالات، أو لأن مداخيلهم لا تسمح لهم بالاحتفال، بمتابعة ولادة السنة الجديدة عبر القنوات الفضائية التي نقلت احتفالات دول العالم مع فارق توقيتها، كما أن أجواء البرد القارس لهذا العام منعت شريحة أخرى من الخروج للسمر والسهر في الأماكن العامة المفتوحة، ولا يبقى أمامهم سوى البقاء في البيوت. حتى مضاعفات السوق قد تزيد من تكاليف الاحتفال في البيت أيضا، فكل المستلزمات ارتفعت أسعارها بشكل مفاجىء، مثلما هو الحال بالنسبة للحوم الحمراء والبيضاء، والحلويات بمختلف أنواعها. الهروب إلى تونس من فتاوى التحريم وحسب نفس الأرقام، فإنه لوحظ ارتفاع حركة العبور في منتصف ديسمبر المنصرم، وذلك تزامنا مع العطلة الشتوية، إذ سجل عبور ألفي شخص في الثلاثة أيام الأولى، ليرتفع العدد يوما بعد يوم مع العد العكس لرأس السنة من 3 آلاف شخص في اليوم ثم إلى 5 ألف شخص ويقفز إلى 9500 شخص يوم 30 ديسمبر، وبلغ ذروته يوم 31 ديسمبر إلى 11200 شخص بمركز أم الطبول، وأقل حدة بكثير في مركز العيون. حدث كل هذا رغم سيل الفتاوى الصادرة عن أئمة وخطباء المساجد، الذي أفتوا بحرمان الاحتفال برأس السنة الميلادية، لأنها من ''عادات'' الكفار، وهو ما حصل في المسجد الكبير بسيدي موسى بالبليدة، ومسجدي وادي الرمان في بلدية العاشور والورتيلاني بالعاصمة. وفي غرب البلاد، اختفت في وهران المظاهر الخارجية التي كانت تصاحب الاحتفال بهذا اليوم، باستثناء شارع الصومام بوسط مدينة وهران، الذي تزين للمناسبة بحكم احتوائه على فندق ''الروايال''، الذي تميز منذ إعادة فتحه بعد الترميم بتنظيم سهرة لزبائنه. ولوحظ غياب مظاهر تزيين واجهات المحلات التجارية بشعارات ''سنة حلوة'' بمختلف اللغات، كما اختفى التهافت على ''الكعكات'' و''لابيش'' التي بلغ سعرها عند محلات الحلويات القليلة التي حضرتها لزبائنها سعر 3000 دينار. في حين ظهرت ملصقات لم تكن تعلق في شوارع المدينة في السنوات السابقة دعت المواطنين ''المسلمين إلى عدم تقليد الكفار''، وهي الملصقات التي فتحت مصالح الأمن تحقيقات في هوية الأشخاص الذين علقوها.واختار عدد كبير من المحتفلين منتجعات تونس لإحياء رأس السنة الميلادية، حيث نظمت وكالات أسفار عديدة، من مختلف ولايات غرب البلاد، رحلات على متن الحافلات مدتها ثلاثة أيام تونس بمبلغ 30 ألف دينار للفرد. ولقيت هذه الصيغة إقبالا حتى من طرف العديد من العائلات، نظرا لتصادف حلول السنة الجديدة مع نهاية العطلة الدراسية. ومع ذلك نظمت المطاعم والملاهي، خاصة تلك الواقعة في الكورنيش الوهراني، سهرات غنائية، جلبت المحتفلين من مختلف مدن وأرياف غرب البلاد. فرصة لا تعوض وفي النشاط الأمني بالمناسبة، حاصر ثلاثة آلاف دركي كل أوكار الفساد والجريمة بالجزائر العاصمة، ليلة رأس السنة، لوضع حد للاعتداءات والجرائم التي ترتكب في مثل هذه المناسبات، وتم غلق حانتين ومرقص ومطعم بالمركب السياحي الرمال الذهبية في زرالدة. لم تكن ليلة رأس السنة عادية في العاصمة وتيبازة، اللتان تشهدان توافد أعداد من المحتفلين على الملاهي والمطاعم والفنادق بهذه المناسبة، ورافقت ''الخبر'' عناصر الدرك الوطني في الميدان. حيث كانت الانطلاقة من ولاية تيبازة في حدود الساعة التاسعة ليلا، وبدأ التوافد على المركبات السياحية التي تجلب إليها المواطنين، رغم ضعف الخدمة. وأوضح قائد المجموعة الولائية للدرك الوطني بتيبازة، المقدم رماتي أحمد، أن ''رأس السنة الميلادية هذا العام تزامن مع آخر عطلة أسبوع والعطلة الشتوية، ولهذا تم تدعيم التشكيل الأمني في الميدان والإبقاء عليه إلى غاية اليوم (أمس)''. وتم خلال المداهمات توقيف شخص على متن مركبة بها 9 قناطير من الكوابل النحاسية المسروقة في الدواودة، حيث تبيّن أنه ينشط في مجال تهريب النحاس نحو المغرب. ويستغل تجار المخدرات نهاية رأس السنة لإغراق السوق بالسموم، وللتصدي لذلك، تمكنت نفس المصالح من حجز 30 كلغ من الكيف المعالج في شاطئ فوكة. من جهة أخرى، تمكنت نفس مصالح الأمن من توقيف شخص يحترف النصب والاحتيال، حيث كان يوهم ضحاياه أنه ضابط شرطة، ويوقعهم في شباكه من خلال الاستيلاء على مبالغ مالية منهم، يتم تسديدها كحصة أولى لاقتناء السيارات. كما تم توقيف مجرم خطير بالعاصمة، حيث كان متجها إلى تيبازة على متن سيارة أجرة، وتم التأكد من هويته، حيث أنه مبحوث عنه منذ .2002وفي حدود الساعة الحادية عشر ليلا، سلكنا الطريق باتجاه العاصمة وتحديدا نحو زرالدة وسيدي فرج، ولأن الجو كان مناسبا، كانت حركة المرور كثيفة، وتم غلق، ليلة 30 ديسمبر بالمركب السياحي الرمال الذهبية في زرالدة بالعاصمة، حانتين ومطعما بالإضافة إلى مرقص، بسبب الإخلال بالنظام العام والسكينة. وحسب ما أفاد به رئيس خلية الاتصال بالقيادة العامة للدرك، المقدم كرود عبد الحميد، فإنه تم الاعتماد في كل الولايات، خصوصا الساحلية والجنوبية، على مخطط أمني لضمان تنقل الأشخاص وحماية الممتلكات. و عرف اليوم الأخير من سنة 2011 تدفق أكثر 11 ألف شخص على مركز أم الطبول و3500 شخص على مركز العيون في الطارف، ليصل العدد الإجمالي لحركة العبور الحدودي في الاتجاهين بكل من المركزين الحدوديين خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر إلى أكثر من 80 ألف شخص، حسب حصيلة مستقاة من مصالح شرطة الحدود والجمارك الجزائرية.