يبدو أن الزيارة المرتقبة للوزير الأول الفرنسي، جان كاستاكس، إلى الجزائر، ليست في أجندة السلطات الجزائرية على الأقل في الوقت الراهن. فرغم الضغط الذي مارسته التسريبات الإعلامية في باريس وحتى هنا في الجزائر من أجل جس النبض، إلا أن تاريخ ال18 من الشهر الجاري، سوف لن يكون موعدها. زيارة كاستاكس إلى الجزائر، التي كانت مقررة حسب التسريبات الإعلامية قبل انقضاء السنة الماضية، سوف لن تبرمج في موعدها (18 جانفي الجاري)، هذا ما أورده الموقع الفرنسي "أفريكا أنتليجنس"، الذي لم يشر إن كانت الزيارة أجلت أم أنها ألغيت. ومنذ أسابيع والتسريبات "غير البريئة" تتحدث عن نزول وفد فرنسي هام يقوده الوزير الأول بالجزائر في زيارة تنهي حالة البرودة التي تطبع العلاقات الثنائية منذ نحو سنتين، لكن سرعان ما تعود تلك التسريبات لتكذب بعضها بعضا، ما يرجح فرضية سعي الطرف الفرنسي إلى جس نبض السلطات الجزائرية، ومدى استعدادها لاستقبال هذا الوفد، ومن ثم إعادة تطبيع هذه العلاقات. المصدر الذي قال إن كاستاكس كان سيتنقل إلى الجزائر رفقة كل من وزير الشؤون الخارجية، جون إيف لودريان، ووزيرة الجيوش فلورونس بارلي، ووزير الداخلية، جيرالد دارمانان، ووزير الاقتصاد برينو لومير.. برر عدم إقامة الزيارة في موعدها المحدد، باعتبارات تتعلق ب"الأجندة"، لكنه لم يشر إن كانت هذه الأجندة جزائرية أم فرنسية. ويأتي هذا التأجيل، في الوقت الذي تشهد فيه الجزائر حركية دبلوماسية لافتة، طبعها زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، دايفد شينكر، على رأس وفد كبير، نهاية الأسبوع المنصرم، وزيارة قائد الجيوش الموريتانية، محمد بمبا مقيت، وكذا المكالمة الهاتفية التي جرت بين الوزير الأول، عبد العزيز جراد ونظيره التونسي، هشام المشيشي، تحضيرا لزيارة الرئيس عبد المجيد تبون، إلى الجارة الشرقية، الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال حول الأسباب التي تقف خلف عدم التعجيل بزيارة كاستاكس، التي تمت برمجتها منذ أشهر. صمت الطرف الجزائري عن زيارة المسؤول الفرنسي، يؤشر على أن الجزائر غير جاهزة لاستقبال كاستاكس في الوقت الراهن على الأقل، وهذا يعني من بين ما يعنيه أن هناك ما يعرقل هذه الزيارة التي تسعى باريس إلى تجسيدها في أقرب وقت ممكن لترميم العلاقات الثنائية، التي تضررت كثيرا خلال السنتين الماضيتين، بسبب امتعاض السلطات الجزائرية مما اعتبرته استفزازات سياسية وإعلامية فرنسية متكررة. وتوجد هناك العديد من المسائل العالقة بين الجزائروباريس، وعلى رأسها ملف الذاكرة، الذي كان ولا يزال يسمم العلاقات الثنائية، بسبب تهرب الطرف الفرنسي من التزاماته التاريخية (الاعتذار عن جرائم الاستعمار)، وحتى المبادرة التي أقدم عليها الرجل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالعمل من أجل المصالحة على صعيد الذاكرة مع المستعمرة السابقة، يبدو أنها تفتقد إلى الجدية والإرادة، وقد أظهر ذلك عدم قدرة ماكرون على مواجهة اللوبيات المعادية لإقامة علاقات مستقرة وندية مع الجزائر.