اختتام الطبعة الأولى لأولمبياد المهن    تبّون يرافع لتعبئة عامة من أجل فلسطين    الخبير تيغرسي: دور الجزائر مهم    إنشاء 10 آلاف مؤسّسة ناشئة في ظرف وجيز    عرقاب يشارك في مؤتمر الرياض    أوكرانيا في مرمى العاصفة الأمريكية    اليوم التالي بنسخته الأمريكية    مشاريع جديدة للتكفّل بآثار التقلّبات الجوية    تساقط للثلوج على ولايات بشرق البلاد    قرعة الحج تصنع أفراح آلاف العائلات    تخصيص 100 ألف يورو مساعدات للاجئين الصحراويين    الرئيس يقرر رفع الحدّ الأدنى للأجور وتحسين منحة البطالة    نخطّط لتجهيز مؤسسات الشباب بالعتاد والوسائل الحديثة    خنشلة : توقيف رجل و امرأة وحجز 20 كلغ مخدرات    ربات البيوت يتسابقن على تخليل الزيتون    ضرورة "مراقبة أجهزة التدفئة وسخانات المياه "    هل يكفي رفع الأجور..؟!    أسعار القهوة تتراجع عالمياً    أولمبيك أقبو يقفز للوصافة    نجحنا بنموذج تنموي خاص    قوائم الأفلان للانتخابات المقبلة مفتوحة أمام جميع المناضلين    حان الوقت لتفعيل النّقابات بمؤسسات القطاع الخاص    جوهانسبورغ تحتضن قمة مجموعة العشرين    القضية الصحراوية في قلب النّقاش بجامعة "لاغونا" الكنارية    ميكانيزمات جديدة لتقييم منتجات البحث والابتكار    ضبط استيراد الأثاث يشجع الإنتاج الوطني    الكفاءات الجزائرية لتجسيد المشروع    الخط المنجمي الغربي مكسب وطني ومشروع لكل الجزائريين    مدرب فينورد يصدم حاج موسى بخصوص خلافة محرز    بركان يؤكد طموحاته العالية في كأس العرب    شخصية مازة تبهر الألمان ونصيحة ألونسو خدمته    باحثون وخبراء يدعون لتسهيل الاستفادة من العقار الصناعي    برنامج سنوي يحمل في طياته رسالة إنسانية    20 دولة في المهرجان الدولي للمنمنمات وفنون الزخرفة    "عيد الميلاد" أداء متفرد    عاصمة الحماديّين تكشف عن موروثها الثري    معرض "من خلال عيوننا".. تعبير عن أحلام كبيرة    سكيكدة.. إحياء الذكرى ال 70 لاستشهاد البطل بشير بوقادوم    رئيس الجمهورية: الجزائر تطلق صناعة صيدلانية حقيقية وتواصل تعزيز التنمية عبر مشاريع استراتيجية    الجزائر تشارك في مؤتمر "قمة الصناعة العالمية" بالرياض لتعزيز حضورها في مسار التنمية الصناعية المستدامة    بوقرة يُقيّم الخيارات المتاحة    مشاركة قياسية منتظرة في سباق الدرب بالشريعة    وزير الصحة يبرز جهود الدولة    الرئيس يترحّم على ابن باديس    ترقية المنظومة الوطنية الصحية في الهضاب العليا والجنوب    توقرت تحيي الذكرى ال68 لاستشهاد البطلين محمد عمران بوليفة ولزهاري تونسي    وردة آمال في ذمّة الله    مشاركون في المهرجان الدولي للفيلم القصير بتيميمون.. دعوة إلى تطوير الصناعة السينمائية وتحسين أدائها    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    وسط ارتفاع المقلق لحالات البتر..التأكيد على الفحص المبكر لحالات مرض القدم السكري    حوارية مع سقراط    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منظمات المجتمع المدني الإلكترونية في الجزائر
نشر في الشروق اليومي يوم 01 - 03 - 2013

لا شك أن الطفرة التي تشهدها الجزائر على غرار كل دول العالم في مجال الاتصالات ألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة ..فمنذ العامين كانت الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي ملجأ لكثير من الشباب العربي التواق إلى الحرية حيث كانت انطلاقة ما اصطلح عليه بالربيع العربي من خلال نشأة عدة مجموعات لا تتشارك نفس الفكر و لكنها تشاركت في نفس الهدف وهو محاربة أنظمة الاستبداد والفساد، التجربة تم استنساخها ولكن على نطاق أوسع في المجالات الاجتماعية و الثقافية و خصوصا الخيرية.

منظمات المجتمع المدني تقليديا تعرف بأنها منظمات غير حكومية تمارس جميع أنواع الأنشطة التطوعية التي تنظمها الجماعة حول مصالح وقيم وأهداف مشتركة بحيث تشمل هذه الأنشطة المتنوعة الغاية التي ينخرط فيها المجتمع المدني من تقديم الخدمات أو دعم مجال محدد بذاته.
المعروف أن تأسيس المنظمات غير الحكومية بالطريقة التقليدية تعوقها الكثير من العراقيل كالبيروقراطية وطول مدة منح الاعتماد وصعوبة الحصول على مقر اجتماعي لها فضلا على تمييع أغلب المنظمات وتذويبها وجعلها لجان مساندة سياسية حينا وفرق عمل مناسباتية حينا آخر الأمر الذي فرض توجه الكثير من الشباب إلى البديل السهل والسريع وهو إنشاء منظمات مجتمع مدني إلكترونية تتخذ من المواقع المشهورة و المنتديات محطة لانطلاقها نحو خدمة الفكرة التي تأسست من أجلها
.
منظمات تقليدية قليلة في مواجهة مشاكل كثيرة
المشاكل الكبيرة التي تواجه الشباب الجزائري لا تجد في مقابلها رعاية من طرف المنظمات المدنية التقليدية الموجودة وهذا ما أكدته التقارير الصادرة عن الشبكة العربية للمنظمات الأهلية الكائن مقرها بالقاهرة، حيث أشارت إلى وجود نقص فادح في عدد المنظمات المدنية في الجزائر مقارنة بمعظم الدول العربية حيث لم يتجاوز الأربعين 40 منظمة سنة 2007 على المستوى الوطني مقارنة مع النسبة الهائلة من الشباب الجزائري حيث يمثل الشباب ما بين 15 و29 سنة فقط نسبة (32.8%) من إجمالي الشعب الجزائري، كما أشار التقرير إلى نسب مخيفة حول
الشباب الذين يريدون الهجرة من الجزائر (43.5%) من مجموع الشباب، هذا ما جعل الشباب يبحث عن فضاءات و أفاق أخرى وجدها عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لسد النقص الموجود ومحاولة معالجة أكبر قدر من المشاكل التي تعترض الشباب ومختلف شرائح المجتمع في مقدمتها مشاكل البطالة والسكن والصحة والرعاية الاجتماعية والنفسية.
.
الفايسبوك وتويتر.. مقرات دائمة
بالكلام على العمل المدني نقف عند استثمار الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة كالفايسبوك والتويتر بما تتيحه من سرعة تنقل المعلومة و تبادل الآراء بشأن المواضيع و المجالات التي تتحرك فيها جماعة الشباب، المطلوب فقط أن يتم عرض حالة ليهب الجميع للمساعدة من كل مكان في العالم وقدر الإمكان وفي الكثير من الأحيان تعرض مساعدات أكبر من التصور، زد على هذا فسرعة التكفل والتجاوب مع حالة معينة تختلف عن الجمعيات التقليدية التي أصبح الكثير منها فاقد لثقة المواطن إن لم نقل لا تحظى أصلا بثقته، الملاحظ أن أكثر المجموعات تنشط في الميادين الخيرية والصحية والتعليمية على وجه الخصوص، من هنا تأسست الكثير من المجموعات التي نزلت لأرض الواقع وانتقلت بأفكارها من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي كمجموعة ناس الخير التي أسست عدة فروع لها في مدن الجزائر و أصبحت تتحرك لغلق الهوة التي نجمت عن غياب جمعيات تقليدية حقيقية ، كذلك مجموعة الغرباء و هو تكتل مجموعة من الشباب من الجنسين فضل التخصص في العمل الخيري وتنظيم حملات لمساعدة المشردين في الشوارع ومدهم بمختلف اللوازم والحاجيات الضرورية خصوصا مع فصل شتاء بارد يضرب البلد منذ عديد السنوات.
.
المنتديات من دعم التعليم إلى المبادرات الخيرية
لئن اختار الكثير من الشباب مواقع التواصل الاجتماعي فإن أعداد معتبرة اتخذت من المنتديات محطة إنطلاق لتطبيق مختلف المبادرات الاجتماعية و الثقافية و الخيرية ، ففي العادة المنتديات دورها تعليمي تثقيفي يتمثل في تقديم دعم كبير لمختلف التخصصات العلمية و لجميع الفئات العمرية أو دور تثقيفي بتبادل الأفكار والمعلومات في مختلف المجالات على تنوعها إلا أن الإقبال الكبير على المنتديات والذي تجاوز مئات الآلاف من الأعضاء جعل منها مقرات حية لممارسة الأعمال الخيرية و مختلف النشاطات المدنية.
منتدى الشروق اونلاين البالغ عدد أعضائه أكثر من 340.000 عضو مثال ساطع حيث استطاع أن ينتقل من العالم الافتراضي إلى واقع التجسيد بتنظيم الكثير من المبادرات والخرجات الميدانية كزيارة أطفال مرضى السرطان ومبادرة أضحية العيد وختان الأطفال، منتديات الجلفة بدورها مثال أخر فهي منتديات رائدة في تقديم تدعيمات كبيرة في الدروس التعليمية لكل المراحل والتخصصات حيث يفوق عدد المسجلين بها 470.000 عضو و هو الأمر الذي إستثمر في عديد من المبادرات العلمية والاجتماعية على أرض الواقع.
والملاحظ أن عمل هاته الجمعيات المدنية الافتراضية والمنتديات ليس منفردا إذ أن الكثير من المبادرات تم تطبيقها بعد تنسيق كبير فيما بينها سواء تعلق الأمر بالمبادرات الخيرية أو بمحاربة الآفات الاجتماعية كمحاربة ظاهرة الانتحار و التوعية بشأنها ومحاربة الولوج للمواقع الإباحية و ما لها ما تأثير سلبي على سلوك الفرد و تقديم برامج توعوية للشباب من اجل المحافظة السليمة على تنشئة الأجيال.
.
طفرة مدنية يقابلها فراغ قانوني
المتتبع لعمل المجموعات الإلكترونية في المجالات المختلفة يدرك أن معظم الشباب و رغم كثرة مبادراتهم خصوصا و قد تم تدعيمها بتقارير حية من مختلف الوسائل الإعلامية مكتوبة كانت أم مقروءة أم مسموعة يدرك مدى حاجة هؤلاء إلى سن قوانين وتشريعات مرنة تتماشى وسرعة التحرك التي تتميز بها المنظمات المدنية الإلكترونية بحيث تتمكن من ممارسة دور على مساحة أوسع بإتاحة فضاءات جديدة لكل الشباب في مجالات أخرى .
إن المجتمع المدني في الدول الغربية احتلّ مكانة رائدة وتجاوز الشكلية والسطحية في العمل، فالأمر تجاوز ذلك وجعل من المنظمات غير الحكومية سواء بمفهومها التقليدي أو بمفهومها الافتراضي المعاصر منابر حقيقية لمواجهة التحديات الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية؛ حتى ساد الاعتقاد اليوم أن هذه المنظمات هي الملجأُ الوحيد في تنفيذ المشاريع الإنسانية الخيرية وغير الخيرية في مواجهة عجْز الدولة ، وشلل أجهزتها بسبب سيطرة البيروقراطية عليها.
بالحديث عن طفرة المنظمات المدنية الافتراضية يرى الأستاذ حنطابلي يوسف أستاذ علم الاجتماع والناشط المدني أن المجتمعات التي تعيش الحداثة وتستحضر في أذهانها نموذج المجتمع التقليدي باتت الآن تعيش مفارقة في حياتها اليومية حيث أصبحت الكلمات و التعابير التي تعبر عن وجودها وتفاعلها مع واقعها هي غير الكلمات التي عهدتها في الماضي فأصبحت كلمة الكمبيوتر والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إحدى التعابير التي فرضت نفسها عليه حتى تحول الرقمي أكثر تمثيلية من الواقعي وأصبح الواقع الافتراضي يعطي للفرد هامش الحرية والتعبير أكثر من الواقع العيني.
ويضيف محدثنا أنه في الوطن العربي فغياب المجتمع المدني ومفهوم المواطن في ظل الإشكالات الاجتماعية والثقافية وضبابية الحياة السياسية ودور الجمعيات في إطار الفعل الاجتماعي جعل الفرد يفقد الثقة في هذه الجمعيات من خلال الانخراط فيها على أساس الأهداف المعلنة والعمل الفعلي فلجأ إلى ذلك الفضاء الذي يتحكم فيه ويعرف كيف يتعامل معه على اعتبار أنه يخضع لعقد اجتماعي مسبق دون خلفية تتجاوز المصالح الإيديولوجية وهذا ما جعل الفعل المواطني الافتراضي يتحول من تمثيل الواقع إلى التأثير فيه.
ختاما الدول التي تبوأت مكانة متقدمة في النظام العالمي الجديد إنما حققت ذلك بقوة منظومتها المدنية التي تشد من أزر الدولة شعبا وسلطة ووحدة أرضها من ناحية وتسهر على تقديم الأفضل للفرد والوطن في جميع المجالات من ناحية أخرى.
إن ظهور ما يعرف بالعمل المدني الافتراضي يتواكب مع مختلف التغيرات العالمية و الإقليمية التي نبحث فيها جميعا عن نوعية حياة أفضل وعدالة اجتماعية وممارسة ديمقراطية حقيقية عمودها الفقري التطوع الإرادي التلقائي وشراكة حقيقية بين كل الإطراف لمواجهة مختلف تحديات التنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.