خرج المتظاهرون للجمعة ال109 من عمر الحراك الشعبي، مؤكدين استمرارهم وثباتهم في الخروج، إلى غاية استئصال بقايا النظام السابق، وتكريس سيادة الشعب ضمانا لاستقرار الوطن، مطالبين بحوار مكتمل الأركان مع مختلف مكونات الشعب، ولكن عقب إطلاق سراح جميع المعتقلين من السياسيين والناشطين الموقوفين في السجون، كما رافعوا مطولا من أجل حرية الصحافة واستقلالية العدالة. وعلى غرار الجمعات السابقة تم تسجيل إجراءات أمنية مشددة، يترجمه الوجود المكثف لقوات الأمن، سواء بالزي الرسمي أو المدني، حيث تم غلق كل المنافذ المؤدية إلى البريد المركزي، وسد العديد من الشوارع والساحات، على غرار محمد الخامس، موريس أودان، مرورا بالجامعة المركزية، وصولا إلى ساحة البريد المركزي، عن طريق عربات نقل ومدرعات الشرطة، التي تم رصها في شكل جدار ضخم، وأمامها أيضا حاجز بشري مكثف من أفراد مكافحة الشغب، وبقي الوضع هادئا إلى غاية الانتهاء من صلاة الجمعة، التي كانت إيذانا بانطلاق المسيرة السلمية، حيث جاب المحتجون ساحات أودان، الشهداء، أول ماي، وشوارع عسلة حسين، عبان رمضان وحسيبة بن بوعلي، لتكون نقطة التلاقي كالعادة ومنذ بداية الحراك الشعبي ساحة البريد المركزي. ورفع المئات من المتظاهرين لافتات في الشوارع عبر مختلف ولايات الوطن، مرددين تلك الشعارات الرافضة للوضع الحالي للمواطن على جميع الأصعدة، مركزين على ارتفاع الأسعار التي استنزفت جيوب المواطنين خاصة في هذه الأيام التي تسبق شهر رمضان، حيث لفت أحد المتظاهرين الأنظار من خلال حملة لصورة كاريكاتورية رسم عليها "قارورة زيت وأمامها عبارة "انتحر ياقليل". وأكد المتظاهرون عزمهم على مواصلة الحراك إلى غاية تحقيق جميع مطالبهم المرفوعة، مع إرساء دعائم الحق والقانون، بالإضافة تكريس دولة الحرية والعدالة الاجتماعية، كما برزت أهازيج جديدة على غرار "الإرادة الشعبية تحترم ولا تداس"، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة التأسيس لدولة القانون والمؤسسات، كما علت هتافات المتظاهرين بشعارات من قبيل "الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو إعطاء الكلمة للشعب". وإلى ذلك ولأول مرة أبدى المواطنون تضامنهم مع الصحافيين ورافعو بقوة من أجل حريتها رافعين شعارات عديدة على شاكلة "لا انتخابات لا تشريعيات دون صحافة حرة ومستقلة"، و"حماية الصحافة واجب علينا"، وكذا "لا دستور ولا برلمان نريد عدالة وصحافة حرة". وما سجلناه في المسيرة، هو تلك المناقشات الحادة بين جموع المتظاهرين الذين شكلوا مجموعات هنا وهناك، بساحة البريد المركزي والجامعة المركزية، وكذا موريس أودان، حيث لا حديث لهم سوى تلك المتعلقة بالانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها يوم 12 جوان المقبل، فبين مؤيد ومعارض التقت الآراء حول نقطة واحدة هي "عدم العودة إلى برلمان الشكارة"، مؤكدين على ضرورة إرجاع تمثيل الشعب للكفاءات وليس لمن هب ودب.