محمد خوان يتحادث مع رئيس الوفد الإيراني    هذه توجيهات الرئيس للحكومة الجديدة    النفقان الأرضيان يوضعان حيز الخدمة    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في إفريقيا    مشاهد مرعبة من قلب جحيم غزّة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    على فرنسا الاعتراف بجرائمها منذ 1830    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    الخضر أبطال إفريقيا    ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    "ترقية حقوق المرأة الريفية" محور يوم دراسي    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)        مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شفرات‮ ‬الحلاقة‮ ‬للسرقة‮ ‬والسيوف‮ ‬ل‮"‬حرب‮ ‬الشوارع‮"‬
"‬الشروق‮" ‬تقتحم‮ ‬ممالك‮ ‬الإجرام‮ ‬بالعاصمة
نشر في الشروق اليومي يوم 17 - 05 - 2013

تعرف ظاهرة العنف في الجزائر تصاعدا كبيرا، خاصة تلك المتعلقة بجرائم الضرب والجرح والتشويه، فقد أصبح المعتدون يتفننون في تعذيب ضحاياهم وذلك باستعمال وسائل خطيرة مثل السيوف والخناجر والألعاب النارية، فتنتهي الجريمة بقتل الضحية أو تشويه جسمه وتخلف له أضرارا بليغة‮ ‬وآثارا‮ ‬مستديمة،‮ ‬وعاهات‮ ‬نفسية‮. ‬
"الشروق"، ورغبة منها في تسليط الضوء على هذه الظاهرة الفتاكة، حطت الرحال ببلدية وادي قريش بأعالي باب الوادي بالعاصمة، حيث تتواجد الكثير من الأحياء المعروفة بخطورتها مثل "الكاريار"، و"مناخ فرنسا" و"بوفريزي"، التي تعتبر بؤر توتر لما تسجله يوميا من مشاحنات وشجارات‮ ‬واعتداءات‮.‬
‬بدأنا‮ ‬رحلتنا‮ ‬من‮ ‬ملعب‮ ‬الوئام،‮ "‬المولى‮" ‬سابقا،‮ ‬المحاذي‮ ‬لمفترق‮ ‬الطرق‮ "‬تريولي‮"‬،‮ ‬والذي‮ ‬كان‮ ‬عبارة‮ ‬عن‮ ‬سوق‮ ‬يومي‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬يتحول‮ ‬إلى‮ ‬ملعب‮ ‬مخصص‮ ‬للشباب‮ ‬بعد‮ ‬الفيضانات‮ ‬التي‮ ‬شهدتها‮ ‬باب‮ ‬الوادي‮.‬
التقينا مجموعة من الشباب كانوا يلعبون "الدومينو"، لاحظنا أن لباسهم متشابه، وهو عبارة عن لباس رياضي من نوع "نايك" و"لاكوست" وأحذية رياضية، وقد علمنا فيما بعد أنها تعتبر اللباس المفضل ل "أصحاب الرجلة" كما يلقبون، فضلا عن غرابة تسريحات شعرهم، المشابهة كثيرا‮ ‬لتلك‮ ‬التي‮ ‬نراها‮ ‬في‮ ‬أفلام‮ ‬المافيا‮ ‬الأمريكية‮.‬
حسين، شاب في العشرينيات من العمر، سألناه عن سبب الإفراط في استعمال العنف عند شباب اليوم، فأجابنا بسرعة أنه هو الآخر كان ضحية لاعتداء بسكين على مستوى الكِلية، ونجا من الموت بأعجوبة، وقال: "لقد تعرضتُ إلى طعنة أسفل بطني، الحمد لله أنني اليوم على قيد الحياة.. لقد تم الغدر بي"، وأعلمنا أنه تعرّف على الشخص الذي طعنه وثأر لنفسه بعد تماثله للشفاء، وأضاف: "لقد ثأرت لنفسي بعد حوالي شهرين من الحادثة، وقمت بتشويه وجهه بسكين حلاقة"، وأكد لنا أنه تعمد توجيه الضربة إلى الوجه "حتى يتذكره كلما نظر إلى المرآة"!
كان يتكلم بلغة الواثق من نفسه، فبالنسبة إليه، الأخذ بالثأر بتلك الطريقة الشنيعة هو الرد المناسب الذي يشفي غليله، فهو لا يعترف بالقانون، ولم يسبق له أن قام برفع دعوى قضائية ضد أحد، وإنما يعيش بمنطق "العين بالعين والبادئ أظلم".
بعدها سألنا مراد، صديق حسين، عن الأدوات التي يستعملها هو ورفاقه في الشجارات والاعتداءات، فأجاب "كل أداة حادة تفي بالغرض"، وكشف لنا أن هناك العديد من الوسائل التي يستعملونها، لكن حسب الظرف الذي يكونون فيه، ففي الشجارات بين الأحياء يستعملون السيوف والخناجر وكذلك الألعاب النارية وحتى الإشارات الضوئية المخصصة لتوجيه السفن والبواخر، بالإضافة إلى كلاب "بيت بول" و"الروت فايلر" الشرسة، أما في حالة السرقة والاعتداء، فيستعملون أدواة أصغر مثل السكين من نوع "كلونداري" وشفرة الحلاقة والغاز المسيل للدموع.
ويلجأ حسين ومراد ومن معهم إلى إخفاء وجوههم وعدم الكشف عنها، لما يتعلق الأمر بشجار أو اعتداء على أحد المارة، لكي لا يتعرف عليهم الضحية، ولا تلتقطهم عدسات الكاميرات الموزعة بين شوارع العاصمة. كما يلجؤون أيضا إلى تعاطي المخدرات والحبوب المهلوسة التي تُضاعف رغبتهم‮ ‬في‮ ‬الإجرام‮. ‬
غادرنا وادي قريش وبدأنا رحلة البحث عن الطرف الآخر، أي الضحية، وبعد عناء طويل، التقينا خالد، وهو شاب في مقتبل العمر يقطن ببلدية الرغاية شرق العاصمة، والذي تعرض لاعتداء خطير على مستوى الوجه بعد انتهاء مباراة فريقه المفضل مولودية الجزائر مع شبيبة القبائل، فآثار‮ ‬الجرح‮ ‬على‮ ‬خده‮ ‬توحي‮ ‬بحجم‮ ‬الضربة‮ ‬التي‮ ‬تلقاها‮. ‬
أخبرنا‮ ‬بقصته،‮ ‬التي‮ ‬بدأت‮ ‬بعد‮ ‬نهاية‮ ‬المباراة‮ ‬لما‮ ‬تعرض‮ ‬هو‮ ‬وأصدقاؤه‮ ‬لاعتداء‮ ‬بالسلاح‮ ‬الأبيض‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬مجموعة‮ ‬من‮ ‬المجهولين‮ ‬في‮ ‬أحد‮ ‬شوارع‮ ‬مدينة‮ ‬تيزي‮ ‬وزو‮ ‬بدون‮ ‬أي‮ ‬سبب‮ ‬يُذكر‮.‬
ومن شدة تأثره بالحادثة، لجأ خالد إلى كتابة معاناته وإرسالها إلى أصدقائه وبعض الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك. يقول فيها: "لقد سئمتُ حياتي ولم تعد لي رغبة في الحياة بعد الذي حدث لنا أو بالأحرى حدث لي في مدينة تيزي وزو.. لم أكن أتوقع أن ابتسامتي التي لا تكاد تفارق وجهي ستختفي.. تصوروا أن المعتدي لم يسلب مني أي شيء، لا هاتفا ولا نقودا ولا شيئا آخر، بل سلب مني أعز ما أملك ألا وهو ابتسامة أمي التي غابت عنها لأول مرة وسالت الدموع على محياها وأي دموع؟ كانت تبكي دما.. نعم يا أصدقائي لقد تعرضتُ لاعتداء وحشي‮ ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬الوجه‮ ‬وأصبحت‮ ‬لا‮ ‬أطيق‮ ‬النظر‮ ‬إلى‮ ‬وجهي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬بالأمس‮ ‬مثل‮ ‬المرآة‮ ‬التي‮ ‬تعكس‮ ‬أشعة‮ ‬الشمس‮.. ‬ما‮ ‬ذنبي‮ ‬أنا؟‮"‬
تركنا‮ ‬خالد‮ ‬والحسرة‮ ‬بادية‮ ‬على‮ ‬وجهه،‮ ‬وقد‮ ‬كشف‮ ‬لنا‮ ‬أنه‮ ‬يحلم‮ ‬بجمع‮ ‬المبلغ‮ ‬اللازم‮ ‬الذي‮ ‬يمكنه‮ ‬من‮ ‬شراء‮ ‬المرهم‮ ‬المزيل‮ ‬لآثار‮ ‬الجروح‮ ‬والذي‮ ‬يفوق‮ ‬سعره‮ ‬مليوني‮ ‬سنتيم‮. ‬

المختصون‮: ‬المخدرات‮ ‬مرادف‮ ‬للإجرام
ولمعرفة رأي المختصين في انتشار هذه الظاهرة المتمثلة في العنف الجسدي، وخاصة ما تعلق بتشويه الضحية وضربه في أماكن حساسة من الجسم، اتصلنا بالأستاذ طاهري عبد الحميد، مختص في علم الاجتماع، والذي أكد لنا أن السبب الرئيس في تفاقم هذه الظاهرة هو المخدرات، فمعظم المجرمين الذين يقومون بتلك الاعتداءات الوحشية هم من مستهلكي المخدرات، أي أنهم يكونون تحت تأثير الحبوب المهلوسة والخمور، ويفقدون وعيهم لحظة الاعتداء. وأضاف محدثنا أن هناك عوامل أخرى تساهم في هذه الظاهرة، مثل الفقر والبطالة وغياب الوعي والتسرب المدرسي.
أما الأستاذة أسماء قاسيمي فترى أن "غياب التربية والرعاية العائلية للفرد يرشحه لأن يكون مجرما في مجتمع مليء بالآفات، فلو نعود إلى ماضي أحد الأشخاص الذين يقومون بتلك الاعتداءات، نجده بدون رعاية وبدون تكوين مدرسي وديني، فعندما يكبر في السن يجد نفسه فقيرا بدون‮ ‬عمل‮ ‬وبدون‮ ‬سكن،‮ ‬ولما‮ ‬يقارن‮ ‬نفسَه‮ ‬مع‮ ‬باقي‮ ‬الشبان‮ ‬الأحسن‮ ‬منه،‮ ‬يزيد‮ ‬ذلك‮ ‬من‮ ‬كراهيته‮ ‬للمجتمع‮ ‬ويُعدم‮ ‬جانبَه‮ ‬العاطفي‮". ‬
وقد اتفق معظم من تحدثنا معهم، على أن المسؤولية تقع على الجميع بدءا بالعائلة، المدرسة، المسجد والدولة، وأكدوا على ضرورة الإسراع في وضع إصلاحات وإجراءات جديدة للقضاء على هذه الظاهرة وذلك بتحسين المعيشة والقضاء على الآفات الاجتماعية.

الأستاذ‮ ‬إبراهيم‮ ‬بهلولي‮ ‬ل‮"‬الشروق‮": ‬"‬محاكم‮ ‬عاقبت‮ ‬حاملي‮ ‬مقلِّم‮ ‬الأظافر‮ ‬وتسامحت‮ ‬مع‮ ‬المعتدين‮ ‬بالسيوف‮"‬
أكد الأستاذ إبراهيم بهلولي، محام معتمد لدى مجلس قضاء الجزائر، أن سياسة اللاعقاب هي من أكثر مسبِّبات التفشي المخيف للجريمة في الجزائر، حيث أصبح المواطن لا يشعر بالأمان في بيته وتنقلاته وحتى في عمله، وهذا ما ساهم في انتشار ظاهرة حمل الأسلحة البيضاء من طرف المواطنين للدفاع عن أنفسهم خاصة بالنسبة إلى التجار المتنقلين وسائقي الحافلات وسيارات الأجرة الذين "يضطرون" إلى حمل مختلف الأسلحة البيضاء لحماية أنفسهم وحماية المسافرين، وهذا ما يجعلهم يتعرضون لعقوبات قاسية في المحاكم بعد تفتيشهم في الحواجز الأمنية.
وأضاف المتحدث أن القانون الجزائري من الناحية النظرية يسلط أقسى أنواع العقوبات على مستعملي الأسلحة البيضاء التي تستعمل في الاعتداء على المواطنين، غير أن سياسة التسامح واللاعقاب في الميدان ساهمت في انتشار الجريمة، خاصة في ظل تطبيق العفو الرئاسي في كل مناسبة والذي يساهم كل مرة في تسريح آلاف المساجين المتورطين في السرقة والاعتداء من السجون وهذا ما يجعلهم أكثر إجراما. وقال بهلولي إن السجون الجزائرية تحوَّلت إلى فنادق خمس نجوم تقدم فيها أشهى الأطعمة والأشربة للمساجين الذين يستفيدون أيضا من نشاطات تربوية وثقافية، مما‮ ‬يجعل‮ ‬السجن‮ ‬في‮ ‬كثير‮ ‬من‮ ‬الأحيان‮ ‬أحسن‮ ‬من‮ ‬البيت‮ ‬وهذا‮ ‬ما‮ ‬جعل‮ ‬السجون‮ ‬في‮ ‬الجزائر‮ ‬أشبه‮ ‬بأماكن‮ ‬للراحة‮ ‬منها‮ ‬إلى‮ ‬مؤسسات‮ ‬عقابية‮.‬
وفيما يتعلق بقانون العقوبات قال المتحدث إن المادة 266 من قانون العقوبات تحدد عقوبة تتراوح من شهرين إلى 05 سنوات سجنا لكل شخص يتورط في الاعتداء باستعمال السلاح الأبيض والذي يسبب عجزا مرضيا يتجاوز 15 يوما، بالإضافة إلى غرامة مالية تتراوح بين 50 ألف و100 ألف دينار، وبالنسبة إلى الاعتداء الذي يسبب بتر أحد الأعضاء فإن العقوبة ترتفع إلى 20 سنة سجنا، وإذا ما كان الاعتداء بالسلاح الأبيض عن سبق إصرار وترصد وأفضى إلى الوفاة فإن العقوبة تصل إلى السجن المؤبد، وبالنسبة إلى عقوبة حمل السلاح الأبيض فإنها تتراوح بين شهرين حبسا‮ ‬غير‮ ‬نافذ‮ ‬إلى‮ ‬سنة‮ ‬حبسا‮ ‬نافذا،‮ ‬حسب‮ ‬الظروف‮ ‬التي‮ ‬رافقت‮ ‬حمل‮ ‬السلاح‮. ‬وهنا‮ ‬يترك‮ ‬الاجتهاد‮ ‬مفتوحا‮ ‬للقاضي‮.‬
ومن خلال تجربته الشخصية في قضايا السلاح الأبيض، أكد المحامي إبراهيم بهلولي أنه عالج قضية عاقب فيها القاضي شخصا كان يحمل "مقلِّم أظافر" يحتوي على سكين صغير حيث سلّط عليه عقوبة شهرين حبسا غير نافذ، كما تعرض تاجر كان يحمل سلاحا أبيض للدفاع عن نفسه فتعرض للتفتيش في حاجز أمني ثم أحيل إلى المحكمة التي حكمت عليه بتسعة أشهر حبسا، وقال المتحدث إن المشكل الكبير هو ظروف التخفيف التي يستفيد منها المجرمون والتي تتعلق بالإفراج المشروط وبعقوبة النفع العام التي يجب أن تُلغى، بالإضافة إلى العفو الرئاسي والسماح بدخول "القفة"‮ ‬إلى‮ ‬السجون‮.‬

مجرمون‮ ‬يحوّلون‮ ‬ثيابهم‮ ‬الداخلية‮ ‬وأجسادهم‮ ‬إلى‮ ‬مخازن‮ ‬للأسلحة
‬أصبحت قضايا حمل السلاح الأبيض المحظور بكافة أنواعه وأحجامه من "موس بوشية"، و"كلونداري"، و"شفرات حلاقة" أو حتى مشارط الجراحة "بيستوري" وهي أحدث الصيحات في عالم الجريمة تعج بها قاعات المحاكم، إنهم مجرمون شبان في عمر الزهور لا يتوانون عن حمل الأسلحة البيضاء تحت مبررات عديدة، بعضهم يستعملونها تحت غطاء "الدفاع عن أنفسهم وحماية ممتلكاتهم"، وآخرون يتخذونها وسيلة لترهيب وترويع ضحاياهم خاصة من الجنس اللطيف، وبين هذا وذاك يبقى المواطن سجين الخوف والفزع وأسير الشعور بعدم الأمن أثناء سيره في الشوارع وحتى داخل منزله.
عندما تتعرض لاعتداء بسلاح أبيض سكين من الحجم الكبير "بوشية" أثناء سيرك في الطريق العام أول سؤال يتبادر إلى ذهنك هو المكان الذي كان السلاح مخبأ فيه، وكيف لم تلاحظه أو تشاهده من قبل؟ ولم تتفطن للأمر إلا بعد فوات الأوان؟ فتترسخ في الذهن سيناريوهات مختلفة وفرضيات،‮ ‬غير‮ ‬أن‮ ‬جلسات‮ ‬المحاكم‮ ‬ومناقشاتها‮ ‬اليومية‮ ‬لقضايا‮ ‬حمل‮ ‬السلاح‮ ‬الأبيض‮ ‬كشفت‮ ‬عن‮ ‬أماكن‮ ‬غريبة‮ ‬تفوق‮ ‬الخيال‮ ‬يتم‮ ‬فيها‮ ‬إخفاء‮ ‬الأسلحة‮. ‬
وتعد فئة الشواذ جنسيا الأكثر عنفا في المجتمع نظير تعرضهم للسخرية والاستفزاز الدائم من تصرفاتهم المخالفة للفطرة الإنسانية والشريعة السماوية، لذا يعمدون كما هو معروف إلى حمل أسلحة بيضاء بذريعة "الدفاع عن أنفسهم". وكانت جلسة محاكمة أحد المثليين ويدعى "س. ر" في الثلاثينات من العمر، ضبط وهو يقوم بمراودة المواطنين في خروبة بحركات وإيحاءات جنسية عن مكان لا يخطر على البال، فقد كان "س. ر" يخفي شفرة حلاقة في داخل الفراغ الموجود بين فمه وأسنانه وغطاها بلسانه، إلا أن مصالح الأمن تفطنت له قبل أن يخرجها ليلقى القبض عليه.
وإذا كانت فئة الشواذ قد اعتادت على إخفاء شفرات الحلاقة داخل أفواههم، فمحترفو الإجرام والمعتادون على الضرب بالسكاكين والسيوف وجدوا سبلا أخرى لإخفائها تتماشى مع حجمها، وأغلب هذه الأماكن هي السراويل الرياضية أو الثياب الداخلية، مثل "ي. ت" وهو شاب في العشرينات من العمر، مسبوق قضائيا، تم القبض عليه في حيه بعين النعجة بعد أن حاول الاعتداء على جاره بالضرب على خلفية شجار بسيط بينهما حول موقع ركن السيارة، ليحتدم الخلاف ويقوم "ي. ت" باعتراض سبيل جاره وهو يهم بالدخول إلى العمارة ويتهجم عليه بسلاح أبيض من نوع "موس بوشية‮" ‬أخرجه‮ ‬من‮ ‬داخل‮ ‬سرواله‮ ‬الرياضي،‮ ‬وبدأ‮ ‬يهدده‮ ‬ويتوعده‮ ‬بالتصفية‮ ‬ليفر‮ ‬الضحية‮ ‬إلى‮ ‬أقرب‮ ‬مركز‮ ‬شرطة‮. ‬
ويعتبر السروال الرياضي الفضفاض في طريقة صنعه الوسيلة الأمثل لإخفاء مختلف الأسلحة من الحجم الكبير كسيوف الساموراي التي تستعمل في شجارات الأحياء الشعبية بلاقلاسيار وباش جراح وباب الوادي، أما السكاكين الصغيرة من نوع "أوكايبي"، و"الكلونداري" والخناجر "البوسعادي‮"‬،‮ ‬وحتى‮ ‬مشارط‮ ‬الجراحة‮ "‬البيستوري‮" ‬فيتم‮ ‬إخفاؤُها‮ ‬في‮ ‬الجوارب‮ ‬نظرا‮ ‬لأن‮ ‬حجمها‮ ‬صغير‮. ‬
ويبقى التفتيش الأمني والرقابة المفروضة على المشجعين الرياضيين داخل الملاعب الهاجس الأول أمام أشباه المناصرين، والذين يستغلون فرصة المواجهات الرياضية للاعتداء على المواطنين، وكانت مباراة نصر حسين داي ورائد القبة قبل سنتين والتي انتهت بمواجهات دامية بين أنصار الفريقين، قد أوضحت أن الجمهور الرياضي لا يزال يستعمل الأسلحة في تنقلاته رغم التحذيرات والعقوبات المفروضة عليهم، وذلك بتعمدهم إزالة بطارية الهاتف النقال ووضع شفرات الحلاقة داخلها ليتمكنوا من إدخالها إلى الملاعب وتنفيذ اعتداءاتهم داخلها وخارجها دون أن يتفطن‮ ‬إليهم‮ ‬أحد‮.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.