لم يتضمن الشريط المسجل الجديد لزعيم "القاعدة"، أسامة بن لادن، أية إشارة سواء بالتلميح أو التصريح، إلى التنظيم الإرهابي المسمى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، التي كانت قد أعلنت في بيان سابق لها، عن تغيير تسميتها إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وذلك حسب ما إعدت "بإذن ومباركة أسامة بن لادن". الزعيم الروحي لتنظيم "القاعدة"، أسامة بن لادن، ظهر في أول شريط سمعي بصري، بعد ثلاث سنوات من الصمت والاختفاء، وقد ركز كعادته على توجيه رسائل الوعيد والتهديد للدول الإستعمارية، دون أن يعترفا بولاء وطاعة "الجماعة السلفية" لتنظيمه أو التحاقها بشبكات "القاعدة"، بالرغم من أن مراقبين كانوا ينتظرون إعلان ذلك من طرف بن لادن في "حوصلته" حول نشاط "القاعدة" عبر دول العالم، غير أن عدم إشارته مطلقا إلى "الجماعة السلفية"، يعطي الانطباع حسب ملاحظين بأن التحاق تنظيم المدعو أبو مصعب عبد الودود بتنظيم بن لادن "دعاية كاذبة" و"تضليل" كان الهدف منه تغليط الرأي العام والبحث عن "شرعية جديدة" لتبرير النشاط المسلح بالجزائر. وركز أسامة بن لادن في شريطه الجديد، على التهديد "بالثأر لما يرتكب بحق المسلمين"، واصفا أميركا بأنها "ضعيفة ومعرضة للخطر رغم قوتها العسكرية والإقتصادية الظاهرة"، وتضمن الشريط الذى نشر لبن لادن قبل أيام قليلة من الذكرى السادسة لهجمات 11 سبتمبر على نيويورك وواشنطن، إنتقاداً للرئيس الأمريكي جورج بوش، وقال بن لادن متوجها إلى الناخبين الأميركيين: "لقد سمحتم لبوش بإنهاء ولايته الأولى والغريب أيضاً أنكم إخترتموه لولاية ثانية ما سمح له بإغتيال شعبنا في العراق وأفغانستان". وترى أوساط مراقبة أن تصريحات بن لادن وخطاباته تتعارض جملة وتفصيلا مع الإديولوجية التي تتبناها "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ففي الوقت الذي يركز بن لادن على العمل المسلح ضد الإستعمار، فإن "الجماعة السلفية" تنتهج أسلوب الإعتداءات الإنتحارية ضد الأنظمة والأبرياء من المواطنين وأفراد الأمن عبر الدول العربية، وهو الغائب-على الأقل ظاهريا- من أسلوب "قاعدة بن لادن". وكان منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية، طعن في تبعية تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" الذي يتزعمه المدعو درودكال (أبو مصعب عبد الودود) للتنظيم الأم الذي يتزعمه أسامة بن لادن، مشيرا إلى أن "الجماعة السلفية" تدرج ضمن الإمتدادات العشوائية لما بعد أحداث أكتوبر 2004، وقال بأن هذه الجماعات "تتأثر ببعض الأشرطة المتلفزة التي تبثها الفضائيات لأن قتل الأبرياء في لندن ومدريد والجزائر والمغرب ليس من عمل القاعدة الأم". وإستند الزيات في تصريحات سابقة أدلى بها "للشروق اليومي"، إلى تفجيرات 11 أفريل بالعاصمة، "التي لم يباركها أيمن الظواهري في الأشرطة المتلفزة التي بثت على الفضائيات، كما إعتاد ذلك، في وقت سابق، وتجاهل هذه التفجيرات في كل تدخلاته التي أعقبت الإعتداءات في الجزائر ولم يعلق عليها"، مشددا على أن تجاهلها هو "عدم رضا أسامة بن لادن عنها وإلا كان ثمّنها وباركها"، وهو ما يؤكد أنه تم إستعمال "القاعدة" غطاء فقط للبحث عن الشرعية، إنطلاقا من أن "القاعدة كسبت شعبية عندما أعلنت التحدي لإسرائيل وأمريكا"، وهو ما سعى لتوظيفه إعلاميا تنظيم "الجماعة السلفية". جمال لعلامي