تبرّأ الدكتور سلمان بن فهد العودة، المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم"، من "أعمال العنف" والعمليات المسلحة التي إنتهجتها "القاعدة" عبر العالم، وقال العودة في رسالة وجهها إلى زعيم التنظيم، أسامة بن لادن: إن أصوات العلماء والدعاة والمخلصين المشفقين تعلن: "اللهم إننا نبرأ إليك مما يصنع أسامة". الشيخ سلمان بن فهد العودة، وهو معارض إسلامي سعودي سابق، وجه في رسالته سؤالا إلى أسامة بن لادن: "ماذا جنينا من تدمير شعب بأكمله، كما جرى في العراق وأفغانستان؟، بل وجرّت هذه الحروب إلى حروب أهلية أخرى تنذر بالشؤم والهلاك على هذه الدول وماجورها، من المستفيد من محاولة تحويل المغرب والجزائر والسعودية وغيرها إلى بلاد خائفة لا يأمن فيها المرء على نفسه؟. وأشاد العودة بجهود بعض المتراجعين عن العمل المسلح، قائلا: "أخي أسامة، إعلم أن إخوانا لك في جماعات مقاتلة كانوا شجعانا وأعلنوا ندمهم وأدركوا خطورة هذا الطريق"، مضيفا: "اللهم إننا نبرأ إليك مما يضع أسامة، وممن يتسمى بإسمه، أو يعمل تحت لوائه". رسالة المعارضة لنهج ومرجعية "القاعدة"، ضمنها العودة بمجموعة من الأسئلة، وجهها إلى بن لادن: "هل الوصول إلى السلطة مقصد؟، وهل هو الحل؟، وهل هناك تصميم على الوصول إلى الحكم ولو على جثث الألاف المؤلفة من المسلمين؟، من المسؤول عن تنشيط أفكار التكفير والقتل حتى تفشت بين الأسرة الواحدة وأدت إلى القطيعة والعقوق والتفكك؟، من المسؤول عن شباب ذهبوا للقتال وتركوا خلفهم أمهات مكلومات وزوجات حزينات، وأطفالا يتامى ينتظرون بذهول عودة أبيهم؟، من المسؤول عن ملاحقة العمل الخيري والشك في كل مشروع إسلامي ومطاردة الدعاة في كل مكان بتهمة العنف والإرهاب؟، ومن المسؤول عن إكتظاظ السجون بالشباب، حتى أصبحت هذه السجون مفرخة لموجة جديدة من التكفير والغلو والعنف والتطرف؟". وجاءت الرسالة التي نشرها موقع "الإسلام اليوم"، بمناسبة الذكرى السادسة لتفجيرات 11 سبتمبر 2001، وقال العودة في أول رسالة من نوعها موجهة لزعيم "القاعدة"، "أخي أسامة، كم من الدماء أريقت؟، وكم من الأبرياء والشيوخ والأطفال قتلوا وشردوا تحت إسم القاعدة؟، أيسرك أن تلقى الله وأنت تحمل عبئ هؤلاء على ظهرك؟، من المسؤول عن شباب وفتيان في مقتبل أعمارهم وفي نشوة حماسهم، ذهبوا في طريق لا يعرفون نهايته؟، وربما ضلت بهم هذه السبل، وغابوا في متاهات لا نهاية لها". وواصل الدكتور العودة حديثه الموجه إلى بن لادن على الهواء مباشرة، ضمن برنامج حجر الزاوية اليومي، فقال: "إن صورة الإسلام اليوم ليست في أفضل حالاتها، لقد تحدث الناس في العالم أن المسلمين يقتلون من لا يدين بدينهم، وتحدثوا أن السلفية تقتل من لا يدينون بها من المسلمين"، وأضاف العودة: "أخي أسامة لقد ترك النبي عليه الصلاة والسلام قتل المنافقين الذين نزل خبرهم في القرآن، خشية أن يقول الناس، إن محمدا يقتل أصحابه". وأضاف العودة في رسالته إلى بن لادن: "أخي أسامة، إن ما جرى في 11 سبتمبر كانت نتيجته قتل بضعة آلاف من البشر، بينما تجد دعاة مغمورين قد لا يعرفهم كثير من الناس هدى الله على أيديهم عشرات بل مئات الألاف الذين إهتدوا إلى الإسلام وإستناروا بنوره". وجاءت الرسالة التي وجهها العودة إلى زعيم تنظيم "القاعدة" وتبرئه بإسم "العلماء والدعاة المخلصين"، بعد أيام فقط من ظهور أسامة بن لادن في شريط مصور، بعد غياب دام لأكثر من عامين، أكد فيه أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، "ترتكب نفس الأخطاء التي أرتكبها الإتحاد السوفياتي قبل إنهياره"، وقال "إن أمريكا معرضة للخطر، ورغم قوتها العسكرية والإقتصادية، إستطاع 19 شابا أن يحرفوا بوصلتها عن إتجاهها". ويعتبر مراقبون رسالة التبرإ التي تبناها الدكتور سلمان بن فهد العودة، ضربة لتنظيم "القاعدة"، في الجانب المرتبط بالمرجعية والشرعية الدينية، وقد تبرأ العودة من "ما يصنع أسامة وممن يتسمى بإسمه أو يعمل تحت لوائه"، في إشارة واضحة إلى كل العمليات المسلحة التي ترتكب بإسم "القاعدة"، وكذا في إشارة أيضا إلى الجماعات المسلحة التي تنشط تحت لواء تنظيم بن لادن، من بينها ما يسمى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، التي أعلنت في وقت سابق عن تغيير إسمها إلى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وذلك مثلما قالت "بإذن أسامة بن لادن". ويرى متابعون للملفات الأمنية، أن خرجة الدكتور العودة، بوسعها أن تثير ثورة أخرى داخل تنظيم "القاعدة" سواء بالنسبة للخلية الأم أم بالنسبة لمختلف التنظيمات التي تنشط ضمن شبكات أسامة بن لادن، وقد أشار العودة بهذا الصدد إلى: "إعلم أن إخوانا لك في جماعات مقاتلة كانوا شجعانا وأعلنوا ندمهم وأدركوا خطورة هذا الطريق"، وهو ما حدث مثلا بالجزائر، عندما فضل مئات التائبين التخلي عن نشاطهم المسلح ضمن تنظيم "القاعدة" والإستفادة من التدابير التي تضمنها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. ج/لعلامي المقال في صفحة الجريدة pdf