حفظ القرآن في الحادية عشرة وتخرّج على يديه 500 حافظ يتربع على عرش القلوب بورعه ووقاره وحلمه الفيّاض، لا اهتمام له إلا بتعليم القرآن الكريم، يبتهج كثيرا كلما دق بابه راغب أو راغبة في حفظ كتاب الله، ختم القرآن الكريم وهو في الحادية عشر من عمره ويشرف الآن وهو متقاعد على إدارة معهد إعداد الدعاة التابع لجمعية الإرشاد والإصلاح بالأغواط. هو خادم القرآن الكريم الشيخ الفاضل أبو أسامة بلقاسم كيرد أحد رموز ولاية الأغواط وصاحب أحدث وأنجع منهجية في تعليم القرآن الكريم، يمكن للطالب الراغب والمتفرغ من خلالها استظهار كتاب الله في 9 أشهر، وقد تتلمذ أبو أسامة في صباه على يد الشيخ الفقيد الحاج الطيب حيرش وختم القرآن الكريم سنة 64 وهو لم يتعد آنذاك سن الحادية عشر، ليستظهره كاملا في العام 76. اشتغل معلما في الطور الابتدائي فأستاذا للتعليم المتوسط قبل أن ينتقل إلى قطاع الشؤون الدينية إماما أستاذا حتى تقاعده سنة 2003 . مارس التعليم القرآني منذ مطلع الثمانينات وتخرّج على يديه حتى الآن ما يزيد عن 500 حافظ لكتاب الله من كلا الجنسين، ويعدّ أول من أدخل سند الإجازة في القرآن الكريم على روايتي ورش وحفص إلى ولاية الأغواط، ذلكم السند- يقول الشيخ كيرد - المتصل إلى رسول الله عن جبريل عليه السلام عن رب العزة جل جلاله. معظم طلبته أئمة مساجد عبر العديد من ولايات الوطن، ويوجد في دائرة قصر الحيران بالأغواط وحدها 06 أئمة من طلبته. تخرّج على يديه 25 طالبا مجازا أغلبهم في رواية ورش، استدعي سنة 2001 من طرف الأستاذ مأمون القاسمي شيخ زاوية الهامل بغرض الاستفادة من منهجيته الجديدة وفي أقل من سنتين تخرج على يديه 42 حافظا لكتاب الله، وعاد إلى الأغواط تاركا خلفه 03 من طلبته يواصلون تدريس القرآن الكريم بمنهجيته، ويتخرج كل صائفة على أياديهم 20 طالبا على الأقل. كان الشيخ الفاضل قد أشرف في رمضان الفائت على حفل تخرج وتكريم 39 طالبة بحضور زهاء 1000 امرأة، اختبرت أمامهن الطالبات اللائي أبدين مستوى راق في استظهار كتاب الله، ومن بين المكرّمات من استظهرت سورة البقرة في 05 أيام وفيهن من استظهرت 40 حزبا في 90 يوما، و حتى من استظهرت 50 حزبا في 03 أشهر و 03 أسابيع (111 يوما). وفي نفس الفترة حازت إحدى طالبات الشيخ على المرتبة الأولى ولائيا في مسابقة أقيمت شهر رمضان الماضي دائما، وهناك طالبتان أخريان نجحتا في المسابقة الوطنية ومثّلتا ولاية الأغواط بالجزائر العاصمة في نفس الفترة. جديد هذه السنة في مذكرات الشيخ أبو أسامة، هو المنهجية الحديثة التي تعتمد على حفظ القرآن الكريم بالموازاة مع المتون، ومنه ( أسهل المسالك في مذهب الإمام مالك من 1100 بيت ) و ( الملحة في القواعد للحريري من 380 بيت ) و (الرحبية في الميراث من 180 بيت ) و ( الدرر اللوامع من 276 بيت للعلامة بن برّي) و (منظومة الجكاني في الرسم القرآني من حوالي 390 بيت ) إلى جانب البيقونية في الحديث، وهي المنهجية التي تمكّن الطالب من استظهار ربع القرآن و 800 بيت من المتون في ظرف 4 أشهر ونصف. يدير الشيخ حاليا معهد إعداد الدعاة ويشرف فيه منذ أوت الماضي على تعليم 40 طالبا (من 18 إلى 25 سنة ) يمثلون 20 ولاية عبر الوطن. وبالموازاة يتابع مهامه في تدريس 150 طالبة (من 12 إلى 50 سنة) بمسجد الإمام مالك، وتخرّجت على يديه قبل فترة وجيزة 11 طالبة استظهرن القرآن الكريم كاملا، ومن المتوقع أن تتخرج على يديه 35 طالبة جديدة مع نهاية شهر رمضان، مع الإشارة إلى أن هناك 20 فتاة ممن تتلمذن على يديه أخذن الإجازة في القرآن الكريم عن رواية ورش. الشيخ أبو أسامة بلقاسم كيرد، هذا العارف بالله والموصوف بخادم القرآن، تقترن يومياته من الفجر إلى المغرب من كل يوم بالقرآن الكريم فهو جليسه ورفيقة ومرجعه في كل الأمور الدنيوية والأخرويّة، فمن الثامنة صباحا إلى غاية منتصف النهار يشرف على تدريس الفتيات بمسجد الإمام مالك، ومن الثالثة بعد الزوال يعكف على إدارة معهد إعداد الدعاة التابع لجمعية الإرشاد والإصلاح بالأغواط إلى المغرب، وهو لا يبغ إلا الأجر الوفير والثواب الحسن. ومن الغريب والشاذ جدا أن يبقى ضيفنا هذا بعيدا عن اهتمامات وتشجيعات الحكومة ممثلة في مديرية الشؤون الدينية التي تستثنيه ككل مرة وتتحاشى دعوته في مختلف المحافل الدينية، سيما في مثل هذا الشهر الفضيل، ولعل ذاك ما يحزّ في نفسه كثيرا وإن لم يفصح لنا عنه صراحة .ليبقى ربع قرن من الزمن شاهدا على أن أبو أسامة خادما خدوما للقرآن الكريم وهل هناك أفضل من ذلك عملا. الشريف داودي