أكد الفنان القدير ونجم السينما الجزائرية سيد علي كويرات، أن غياب "الرقابة" هو السبب الرئيسي في "الرداءة" التي يشهدها الانتاج الوطني، لأنه ليس من المعقول ولا المقبول ان نمنح من هب ودب فرصة الظهور لأشخاص لا علاقة لهم بالفن لا من بعيد ولا من قريب، وانتقد "علي موت واقف" كما يلقب، إحالة أعمدة الفن في بلادنا الى التقاعد المسبق واستبدالهم بفناني "الشارع"، رغم حاجة الساحة الفنية اليهم، كما تحسر "كويرات" على وضعية الفنان الجزائري، مشيرا الى انه من المستحيل ان تبقى وضعيته على ما هي عليه وانه سيأتي يوم وتأخذ منحى آخر.
غبت عنا في السنوات الاخيرة ما سبب ذلك؟ لم اغب، انا هنا، هم من غيبونا وهمشونا وأحالونا الى التقاعد دون مبرر، في زمن الاستعمار الفرنسي ومطلع الاستقلال تمكنا من انتاج روائع السينما الجزائرية ولكن اليوم استقطبوا فنانين من المقاهي ومنحوهم ادوارا مهمة، دون فرض اي نوع من الرقابة عليهم، الامر الذي دفع بالجزائريين الى اقتناء "البرابول" من اجل مشاهدة القنوات الاجنبية.
لكن الجمهور يطلب رؤيتك ومشاهدتك على شاشة التلفزيون الى جانب العديد من نجوم الشاشة الذين غابوا عن الساحة الفنية والشاشة الصغيرة؟ الامر ليس بيدي، اذا جئنا للحديث عن نجوم الشاشة فاعتقد انه من الصعب جدا ان نجد موهبة بحجم الفنان الراحل العربي زكال في هذا الوقت وحتى الاحياء منهم لم يولوهم اي اهتمام والفنان سيد احمد اقومي دليل على ذلك، استغرب كيف يغيب عن المشهد الفني؟
اين الخلل في نظرك، ومن المسؤول عن ذلك في نظرك؟ المسؤولون الذين من المفروض ان يسهروا على الانتاج غائبون، ولا يمكن باي حال من الاحوال ان نمنح من هب ودب فرصة انتاج فيلم او التمثيل فيه، الفن في نظري ليس موهبة فقط ولكنه "تربية" و"اخلاق" كذلك وعلى من اختاره ان يلتزم بهما.
أنجزتم روائع السينما الجزائرية في سنوات الستينيات والسبعينيات وحتى في زمن الاستعمار بامكانات بسيطةو وفشل هذا الجيل في انتاج فيلم واحد بحجمها ما سبب ذلك في نظرك؟ في ذلك الوقت كان اهل الفن "واقفين"، يشرفون على تكوين الفنانين ويراقبون الانتاج سواء في المسرح او السينما على غرار عبد الرحمان كاكي، محيي الدين بشطارزي ومصطفى كاتب وعندما غاب هؤلاء غابت "الصنعة" وغاب "الفن" في بلادنا، ثم اعتقد اننا نجحنا لان همنا الوحيد كان في العمل اما هذا الجيل الفني فيفكر فقط في المال والمقابل الذي سيحصده.
ما تفسيرك للرداءة التي عمت على الانتاج الوطني في السنوات الاخيرة؟ قلت لك ان غياب الرقابة على الانتاج هو سبب الرداءة التي عمت عليه.
هل تقصد التلفزيون الجزائري أم الدولة؟ لالا هذه ليست من مهام الدولة لأنه دورها ينحصر توفير الإمكانات فقط، ولكنني وعلى غرار بقية المشاهدين ألاحظ ان المستوى غاب عن إنتاجاتنا للأسف.
هل تتابع هذه الانتاجات على قلتها وعلى رداءتها؟ لا اشاهدها ولو وجهتي هذا السؤال لاي شخص عادي لرد عليك بنفس ما أجبتك، وأفضل رؤية الفضائيات لأنها تتيح لي حرية الاطلاع والمشاهدة.
كان اخر ظهور لك في فيلم "المفتش لوب" هل من جديد؟ سيكون لي ظهور شرفي في فيلم "ميستة" الذي سيرى النور نهاية هذه السنة بحول الله والذي شارك فيه عدد من الفنانين على غرار احمد بن عيسى.
ما رأيك في اجور الفنانين الجزائريين ووضعيتهم الاجتماعية؟ "حاجة قليلة"، اجور الفنانين الجزائريين ضعيفة وفوق ذلك فهو يعاني وينتظر كثيرا من اجل الحصول عليها وأنا شخصيا تعرضت لمثل هذه الممارسات التي تجعل الفنان يتجنب التعامل معهم وقبل فترة التقيت الفنان عثمان عريوات واخبرني بمعاناته لعدم تمكنه من استكمال فيلمه، "عثمان عريوات وما أدراك" يجد صعوبة في العمل، استغرب كيف لفنان بهذا الحجم يواجه مثل هذه الصعوبات، اما وضعية الفنان في بلادنا فاكتفي بالقول "ما تعجبش"، ولكن من المستحيل ان يبقى الحال على ما هو عليه ويجب تغيير طريقة التعامل مع الفنان في بلادنا.
ما هي الرسالة التي توجهها للقائمين على حقل الانتاج؟ افضل عدم الحديث لأنني قد أتفوه بكلام يحرج بعض الجهات.
احتككت بنجوم الفن العربي خلال مسيرتك الفنية، لماذا تعيش السينما في مصر عصرها الذهبي وعكس ذلك تتجه السينما في بلادنا نحو الحضيض؟ هذا صحيح، عملت مع المخرج العالمي المصري يوسف شاهين، الفنانة نادية لطفي، ماجدة الرومي والحمد لله، كانت لي تجربة رائعة معهم، وأعجز عن ايجاد اسباب للتخلف الذي تعيشه السينما في بلادنا.
يرجع المختصون ذلك الى ضعف السيناريو، ما رأيك؟ المشكل يا بنيتي لا يوجد على مستوى السيناريو ولكن اعتقد اننا نواجه مشكلة "كفاءات"، كيف يحال عثمان عريوات وغيره من الفنانين الذين يشهد لهم المشاهد بمواهبهم الفنية الكبيرة الى التقاعد وهم قادرون على العطاء، من المفروض أن لا يتوقف عن العمل.
انتقدك مخرج وقال في تصريح اعلامي، انك تضع شروطا تعجيزية من اجل المشاركة في فيلمه، هل هذا صحيح؟ تخيلي ان مخرجا لا يملك خبرة كبيرة في الاخراج، يصرح ويقول من يكون "سيد علي كويرات" حتى يشترط مبلغ 100 مليون من أجل المشاركة في فيلم.
هل تعتقد أن فتح مجال السمعي البصري في بلادنا سيأتي بثماره على غرار بقية الدول العربية؟ فتح مجال السمعي البصري مبادرة جيدة من طرف الدولة ومعناها أن البقاء للأفضل، وبالتالي فإن القنوات التي توجد في الساحة اليوم ستعمل على تحسين الانتاج والرفع من مستواه وهذا ايجابي.
كنت من الفنانين الذين عاشوا زمن الثورة، كيف كنتم تعملون في ذلك الوقت؟ كنا نعمل بجد وكانت أعمالنا تعرض تحت رقابة الفرنسيين، نتمرن ونعرضها في بهو المسرح الوطني محيي الدين بشطارزي بالاضافة الى الجولات التي نقوم بها في مختلف انحاء الوطن.
هذا يعني أن الاستعمار لم يمنعكم من العمل؟ هذا صحيح ولكن كان ممنوع علينا أن ننتقده في اعمالنا.
كيف تعيش يومياتك بعد توقفك عن العمل؟ انا في البيت بشكل دائم ولا أخرج منه الا لقضاء حاجتي، والحمد لله اعيش سعيدا مع بنتي وصهري وأحفادي.
ماذا تقول لجمهورك الذي يشتاق اليك؟ أقول لهم إن محبتهم تغنيني عن كل شيء.