اكتشفت مقبرة جماعية تضم مئات الجثث من المسلمين والكروات الذين قتلوا في بداية الحرب الأهلية في البوسنة (1992-1995) بمنطقة توماسيكا التي تضم واحدا من معتقلات ما كان يسمى ب"مثلث الرعب" في البوسنة. يحدق سعاد زيريتش بحزن في الموقع حيث يقوم خبراء في الطب الشرعي بفحص جثة انتشلت للتو من مقبرة جماعية تضم مئات من الضحايا المسلمين والكروات الذين قتلوا في بداية الحرب في البوسنة (1992-1995). ويشعر زيريتش بالحزن الشديد من المشهد الذي يجري امام عينيه وهو الذي كان معتقلا في معسكري اومارسكا وكيراتيم اللذين سميا مع معسكر تيرنوبوليي "مثلث الرعب". وكانت السلطات الصربية اقامت هذه المعسكرات في شمال غرب البوسنة خلال الحرب. هل هو عم او قريب او جار لأحد المفقودين؟ فلائحة الاشخاص الذي فقدوا في هذه المعسكرات طويلة جدا. وقال الرجل النحيل بصوت حزين "آمل ان يتم العثور عليهم هنا لنتمكن من دفنهم. عثر هنا والحمد لله على واحد من اعمامي الاربعة الذين قتلوا بجبن واسمه فهيم". واضاف هذا البوسني المسلم الذي يعيش حاليا في مولوز شرق فرنسا "بقي قاسم وابنه امسود وعم آخر يدعى صالح وثالث يدعى لطيف". وقتل والده ايضا لكن عثر على بقاياه في مقبرة جماعية اخرى. وسعاد (57 عاما) الذي اوقف في نهاية ماي 1992 مر بالمعسكرات الثلاثة. فقد اعتقل في كيراتيرم على بعد 20 كلم عن برييدور قبل ان ينقل بعد اسبوع الى جحيم اومارسكا ثم الى مانياكا. وكان المعهد البوسني للمفقودين الذي يبحث عن 1200 ضحية من اصل ثلاثة آلاف فقدوا في هذه المنطقة، عثر مطلع سبتمبر على مقبرة توماسيكا منجم الحديد السابق. وقالت الناطقة باسم المعهد ليلى سينجيتش لوكالة فرانس برس "انتشلنا حتى الآن 240 ضحية بينها 170 جثة كاملة". اما الهياكل العظمية غير الكاملة فهي لضحايا مزقتها الجرافات في عملية كانت تهدف الى نقلهم الى مقبرة اخرى من اجل اخفاء حجم الجريمة. وقالت سينجيتش انه في هذه المقبرة الفرعية القريبة الواقعة في ياكارينا كوزا تم انتشال 373 جثة في 2001. والمقبرة الجماعية في توماسيكا هي اكبر اكتشاف في هذه المنطقة في السنوات العشر الاخيرة بينما يتوقع خبراء في الطب الشرعي انتشال "مئات الضحايا" الآخرين. وكانت اكبر مقبرة جماعية للنزاع البوسني تضم رفات 629 شخصا وعثر عليها في شرق البوسنة في 2003. وبعد سيطرة القوات الصربية البوسنية على منطقة برييدور في أفريل 1992، لوحق افراد المجموعات غير الصربية وقتلوا. وسجن آلاف الاشخاف في معسكرات اعتقال. وكانت الصور الاولى لمعتقلين بدا عليهم النحول الشديد شكلت في أوت 1992 انذارا للرأي العام العالمي عن حملة "التطهير الاتني" التي كانت جارية في البوسنة. وتفيد تقديرات ان حوالى ثلاثة آلاف مدني اعتقلوا في اومارسكا قتل 700 منهم. وبعد عشرين عاما، ما زالت الجثث التي انتشلت في توماسيكا في حالة تحلل وبعضها شبه سليم في "ظاهرة غير متوقعة"، كما قال خبير الطب الشرعي مويو بيغيتش. واضاف ان "هذا يفسر بطبيعة الارض وكذلك بان الجثث غطتها طبقة من التراب تبلغ سماكتها بين عشرة امتار و12 مترا". واكد انه تم العثور على المقبرة الجماعية بفضل معلومات قدمها عسكريون سابقون من صرب البوسنة. وبعد صدمة اعتقاله في معسكر اومارسكا حيث كان يتعرض للضرب باستمرار، يؤكد سعاد زيريتش انه استعاد هدوءه بفضل الايمان الذي يساعده على مواصلة طريقه. وقال "لن افهم ابدا هذه الرغبة في القتل. اي حيوان يشعر بالسعادة عندما يقتل فريسته. هم (العسكريون الصرب في المعتقلات) لم يشبعوا يوما من القتل. آمل الا يعيش اي شخص في العالم بعد الآن ما عشناه".