سجّل الجزائريون منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حضورا خاصا في نادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي لكرة القدم، وعلى امتداد سبعة عقود ونيف، ظلّ الفريق الأكثر جماهيريا في بلاد الجن والملائكة يستقطب أبرز الأقدام الجزائرية في صورة أربعة عشر محاربا صالوا وجالوا في حديقة الفيلودروم في الفترة ما بين 1936 و2013، دون احتساب أصحاب الأصول الجزائرية أمثال كريم مريام وسمير ناصري. "الشروق أون لاين" تكشف في هذا الملف عديد الحيثيات المتصلة بسيرورة جزائريي مارسيليا. من زاوية كرونولوجية، يعدّ المدافع الجزائري الأيسر "عبد القادر بن بوعلي" أول من انضمّ إلى أولمبيك مارسيليا المتأسس في 1899، وخاض بن بوعلي 3 مواسم مع نادي الجنوب اعتبارا من 1936، حيث أسهم في حصول المارسيليين على لقب البطولة في موسم 1936 – 1938، ثمّ كأس فرنسا خلال الموسم الموالي 1937 – 1938، ولعب بن بوعلي مباراة واحدة وحيدة مع منتخب فرنسا ضدّ إرلندا (0 – 2) في 23 ماي 1937، مع الإشارة إلى أنّ بن بوعلي توفي بعيدا عن الأضواء بمسقط رأسه الشلف في 23 فيفري 1997 عن 84 عاما. ويعدّ الرئيس الراحل "أحمد بن بلة" ثاني جزائري تقمص ألوان مارسيليا في موسم 1939 – 1940، وكان ظهور الراحل مع الكتيبة الزرقاء محتشما بعض الشيء، حيث شارك كمتوسط ميدان في لقاء واحد فحسب، نجح خلاله في تسجيل هدف، قبل أن (تختطف) القضية الوطنية الأمّ بن بلة وتبعده عن ميادين المستديرة. وكان لزاما انتظار موسم 1947 – 1948، لرؤية ثالث جزائري بألوان مارسيليا، ويتعلق الأمر ب"سعيد حدّاد" مهاجم منتخب جبهة التحرير (22 مشاركة) الذي ظلّ يلعب لصالح نادي الجنوب الفرنسي إلى غاية موسم 1951 – 1952. بالتزامن، انضمّ المهاجم الشهير "عبد الحميد بوشوك" إلى مارسيليا بين سنتي 1949 و1951 (41 مشاركة و4 أهداف)، أعقبه الحارس الكبير "عبد الرحمان إبرير" بين عامي 1951 و1954، الذي دافع عن عرين الديكة في ست مناسبات، قبل إشرافه لاحقا على منتخب جبهة التحرير ثمّ المنتخب الوطني بعد الاستقلال. بوعافية كسر صيام 33 عاما استمرّ غياب اللاعبين الجزائريين عن مارسيليا ما لا يقلّ عن 33 عاما، حيث لم تضمّ مختلف تشكيلات النادي الفرنسي الجنوبي أي وجه جزائري في الفترة ما بين 1954 و1987، إلى أن كسر المهاجم الدولي السابق "علي بوعافية" هذا الصيام، بانضمامه إلى الأولمبيك في موسم 1987 – 1988. واللافت أنّ بوعافية الذي كانت له أربع مشاركات مع الخضر في عهد الثنائي روغوف – شرادي، اكتفى بموسم واحد مع مارسيليا، ولم يبرز كثيرا حيث خاض 12 مواجهة فقط سجّل خلالها هدفا يتيما. وتطلب انتظار تسع سنوات أخرى، لرؤية جزائري آخر الذي لم يكن سوى متوسط الميدان "جمال بلماضي" الذي بقي في الأولمبيك لست مواسم (1997 – 2003)، شارك خلالها في 72 مقابلة وسجّل 11 هدفا، علما أنّ بلماضي (9 لقاءات مع الخضر و4 أهداف) برز بشكل كبير مع مارسيليا في موسمي 1999 – 2000، و2000 – 2001، قبل أن يتراجع مستواه بشكل ملحوظ في الموسمين الأخيرين سيما غداة احتقان علاقته مع محيط النادي وحادثة تشابكه مع أحد الأنصار. بالتزامن، التحق متوسط الميدان الدفاعي "إبراهيم حمداني" بمارسيليا اعتبارا من موسم 2001 – 2002 ومكث في الفيلودروم إلى غاية 2005، وكان الأكثر حضورا في تاريخ جزائريي مارسيليا، إذ لعب 122 مقابلة سجّل خلالها هدفين، وتبعا لتعدد مناصب حمداني (شارك مع الخضر في 3 مناسبات فقط عام 2008)، جرى توظيفه في مارسيليا كقلب دفاع وكذا مدافع حرّ، لكنه عانى كثيرا مع نجوم مميزين على منوال البرازيلي رونالدينهو والبرتغالي باوليتا. وكان الأولمبيك استفاد لمواسم عديدة من خدمات الفرانكو-جزائري "كمال مريام" الذي أسهم في إيصال زملاء بارتيز ودروغبا إلى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي في ماي 2004، وكان له ظهور وحيد مع الديكة حطّم مسيرته الدولية، حيث تحسّر مطوّلا قبل سنوات على رفضه في وقت ما نداء الوطن الأمّ. فنان اسمه كريم زياني الست سنوات الأخيرة شهدت حضورا جزائريا مكثفا في مارسيليا، تجسّد ذلك اعتبارا من موسم 2007 – 2008 مع فنان اسمه "كريم زياني" الذي فرض نفسه قائدا للمجموعة رغم أرمادة النجوم كاالفرانكو تونسي حاتم بن عرفة، الفرانكو جزائري سمير ناصري، فضلا عن ماثيو فالبوينا، جبريل سيسي، مامادو نيانغ وغيرهم. وتوصّل زياني في موسمه الثاني والأخير (2008 – 2009) إلى الظفر بلقب أحسن موزع، وصنع عديد اللوحات الجميلة ضدّ الباريسيين وعمالقة ليون وليل، رغم علاقته السيئة آنذاك بالبلجيكي "إيريك غيراتس"، وبلغة الأرقام خاض كريم 68 مقابلة سجّل فيها 3 أهداف، في وقت لعب 61 مباراة مع الخضر وسجل 5 أهداف. من جانبه، اكتفى المهاجم الدولي السابق "سليم عراش" بظهور محتشم مع الأولمبيك، حيث لعب 15 مقابلة في موسم 2007 – 2008، دون أن يمضي أي هدف، ما عجّل بتخلي إدارة الرئيس "باب ضيوف" عن خدماته، وكان لعراش ظهور شاحب مع النخبة الوطنية أيضا، حيث اقتصر حضوره على مواجهة أنغولا في عنابة (جوان 2004) ولم يُظهر فيها أشياء كثيرة أيام البلجيكي "روبير واسيج". وثالث الوجوه الأخيرة هو المهاجم الدولي الحالي "فؤاد قادير" الذي التحق بالأولمبيك في جانفي 2013 ، لكن المتألق مع فالنسيان بين سنتي 2009 وأواخر 2012، لم ينجح في افتكاك مكانة أساسية واستعمله المدرب إيلي بوب في 15 مقابلة غالبيتها كاحتياطي، لم يقدّم خلالها ما كان مرجوا منه، ما سرّع التخلي عنه في شكل إعارة إلى نادي ران الفرنسي في آخر أنفاس الماركاتو الصيفي ل2013. الجيل الصاعد على المحكّ اتسمت الفترة القليلة الماضية بظهور محدود لثلاثة من اللاعبين الجزائريين الصاعدين في صفوف مارسيليا، ويتعلق الأمر بكل من نجيب عماري (10 أفريل 1992) الذي خاض 34 لقاءا مع احتياطيي الأولمبيك بين 2010 و2012، قبل أن يتم تحويله إلى روان ثمّ إلى بورغاس في القسم الوطني (الثالث في فرنسا)، علما أنّ مارسيليا شهدت مرورا خاطفا ل"جوهاد فيريتي" الفرانكو-جزائري-إيطالي (19 عاما) الذي ارتضى شق طريقه في بلاد الرومان إثر إهماله في الأولمبيك، ونجح فيريتي في افتكاك مكانة في النادي الإيطالي "جمعية ميلانو" أين يتواجد حاليا. والناشئ الثالث المرشح للبروز اعتبارا لامكانياته الهائلة، هو عبد السلام بلال عمراني من مواليد 2 جوان 2013، الذي تجرّد في مختلف أصناف النادي الأزرق بين 2007 و2011، ويلعب حاليا على شكل إعارة لنادي آرل أفينيون الفرنسي، ويجدر التنويه أنّ عمراني كما فيريتي رفضا الالتحاق بمنتخب الأواسط برسم كأس إفريقيا للفئة التي احتضنتها الجزائر في مارس 2013.