تشهد العاصمة الفرنسية باريس، السبت، مسيرة دعت إليها 20 منظمة حقوقية للتنديد بتصاعد حدة العنصرية تجاه الأقليات التي تعيش في البلاد وإدانة التصريحات العنصرية التي استهدفت مسؤولين سياسيين مثل كريستيان توبيرا، ويتزامن هذا الحدث مع الذكرى الثلاثين لمسيرة أبناء المهاجرين في 1983. وتنطلق المسيرة من ساحة الجمهورية إلى ساحة "باستيل" بباريس للتنديد بتصاعد حدة العنصرية في المجتمع الفرنسي لاسيما عند السياسيين وممثلي الدولة، كتلك التي استهدفت مؤخرا وزيرة العدل كريستيان توبيرا التي وصفت ب"القرد"، أو تلك التي خصت الأقليات التي تعيش في فرنسا كالغجر الذين قال عنهم وزير الداخلية مانويل فالس بأنه لا يمكن لغالبيتهم الاندماج داخل المجتمع الفرنسي. وتصادف هذه التعبئة الشعبية الذكرى الثلاثين للمسيرة الحاشدة التي شارك فيها عشرات الآلاف المهاجرين الذين جاؤوا من المغرب العربي ودول أفريقية في سنوات الستينيات بحثا عن العمل، وقطعوا فيها فرنسا من مدينة مرسيليا حتى العاصمة باريس مشيا على الأقدام. وكانت الهدف الأساسي من المسيرة التي نظمت في الثالث من شهر ديسمبر التنديد بالعنصرية والعنف والمطالبة بحقوق المهاجرين وأبنائهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفي تصريح هاتفي لفرانس 24، قال دانييل آلان، رئيس اتحاد "دوم توم"، الذي يضم عددا من الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان الناشطة في فرنسا وفي إقليم ما وراء البحار "إن مسيرة السبت هي بمثابة جواب ورد حضاري من المجتمع المدني لكل التصريحات والهجمات العنصرية التي استهدفت الوزيرة كريستيان توبيرا ومسؤولين آخرين ينتمون إلى الأقليات في فرنسا من جهة، ومن أجل التنديد بالتصريحات العنصرية التي أدلى بها بعض المسؤولين في حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الذي تتزعمه مارين لوبان، في الأسابيع القليلة الماضية من جهة أخرى". وأضاف: "طبعا، بإمكان أي شخص انتقاد سياسة كريستيان توبيرا وطريقة تسييرها لوزارة العدل، لكن لا يحق لأحد أبدا أن يصفها بالقرد أو يرسمها على شكل قرد لأن هذا يعتبر تعد على إنسانيتها وعلى أدنى حقوقها كمواطنة". وأعرب دانييل آلان عن خيبة أمله بعد مرور ثلاثين سنة على المسيرة التي نظمها أبناء المهاجرين بفرنسا حيث يقول: "رغم مرور هذا الوقت الطويل، إلا أن وضع الأقليات في فرنسا، سواء كانوا عربا أو من أصول أفريقية لم يتغير كثيرا. فهم يعانون دائما من البطالة والعنصرية، في حين لا تزال أبواب المؤسسات والمناصب السياسية والاقتصادية الفرنسية مغلقة أمامهم". من ناحيته، أشار لينين نيكولي، المسؤول الإعلامي لدى الرابطة الفرنسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن تضاعف التصريحات العنصرية خلال الأيام الأخيرة بفرنسا غير مرتبط بالمواعيد الانتخابية المقبلة- مثل الانتخابات البلدية والأوروبية على وجه الخصوص- بل يعبر عن جو سياسي مشحون وقذر سيستمر إذا لم تأخذ الدولة والقضاء مسؤولية محاربته". وقال في تصريح لفرانس24: "الشيء الذي يصدمني، هو أن التصريحات العنصرية هذه أصبحت لا تثير غضب واستياء الفرنسيين، بل أصبحت تمر مرور الكرام، الأمر الذي يضع الديمقراطية ومبادئ الجمهورية الفرنسية في خطر دائم". واعترف هذا المسؤول الإعلامي بأن مسيرة أبناء المهاجرين التي نظمت في عام 1983 لم تأت بثمارها ولم تحل المشاكل التي كان يعانون منها، عدا ربما منح بطاقة إقامة لمدة عشر سنوات للمهاجرين".