قادة بن عمار النقد الشديد والهجوم الكاسح الذي يتعرض له الرئيس الأمريكي جورج بوش منذ فترة ليس جديدا، فهو لم يقم في عهدتيه بشيء حبّب فيه شعبه أكثر من الوقوف يوما على أطلال برجي التجارة العالمية وإرسال التهديد والوعيد لبن لادن وقاعدته بالقول "سنقبض عليكم أحياء أو أموات"، وبعدها ظهر أن الكاوبوي الأمريكي تعب فرسه من الجري وراء القاعدة وآن له أن يترجّل ويحصي أرباحه من صفقات بيع النفط والأسلحة التي عمل جاهدا على الإكثار منها. بيد أن الوصف الأخير الذي أصبح يلاحق بوش الابن منذ فترة والتصق بذكره أكثر من أي وقت، هو وصفه ب "البطّة العرجاء" وخصوصا بعدما انفض من حوله أقرب مستشاريه وخبرائه إلى درجة أصبح يسرح فيها ويمرح مختالا فخورا لوحده داخل البيت الأبيض، محاولا الظهور في صورة القوي الذي لا تهزمه القاعدة ولا الحزب الديمقراطي، ولا يضعف حتى برحيل أقرب وزرائه ومستشاريه الذين تشبه استقالاتهم المتتالية هروبا متأخرا من سفينة غارقة، رغم كل ذلك يصّر الرئيس بوش القائل يوما أنه لن يغير مواقفه حتى وان بقيت زوجته لورا وكلبته فقط من يدعمانه، يحاول ويصرّ على الاستعانة بحلفائه العرب الذي احترنا في أمرهم، يخافون بوش في بداية عهدته ويخافونه أكثر وهو يلفظ أنفاسه الرئاسية الأخيرة ! بوش أو البطة العرجاء في بحثه عن السلام المفقود في الشرق الأوسط، من خلال مؤتمر أنابوليس ظهر وكأنه يحيط نفسه بسرب من البط مختلف الألوان، لكنه بطّ أعرج وبعضه معاق وكثيره منتوف الريش مثل الحكام العرب الذين قرروا إرسال وزراء خارجيتهم لحضور قمة الحضيض الجديدة رغم أن هؤلاء الوزراء لو كانت فيهم ذرة حياء دبلوماسي واحدة لقدموا استقالاتهم جميعا بعدما فشلت اجتماعاتهم في إقناع زعماء المعارضة في بلد صغير بلبنان بالاجتماع والحوار في الوقت الذي كان فيه وزير خارجية فرنسا وحده يجتمع مع المعارضة والموالاة وكأنه لبناني أكثر من اللبنانيين أنفسهم أو عربي أكثر من العرب مثل رئيسه السابق جاك شيراك ! أمّا وزيرة خارجية إسرائيل التي قالت أنها ليست جرباء حتى يهرب منها زملاؤها العرب، فهي قد أخطأت في حق هؤلاء (رغم أنها أصابت في وصف نفسها)، أخطأت لأن وزراء الخارجية المشاركين رضوا بأن يجلسوا إليها في طاولة واحدة وتقاسموا معها الملح والعشرة في أمريكا، وتبادلوا الغزل الدبلوماسي الفاضح مع وفدها في الصالونات المغلقة، وهم بذلك يرون في شعوبهم التي يرفضون سماع صوتها الرافض بالمشاركة أكثر جربا ووباء من وزيرة خارجية إسرائيل، لا بل إن الفلسطينيين من فتح لا يرون أنّ أبناء بلدهم الحمساويين يشكون الجرب وفقط، ولكن من كل العاهات والأمراض والأوبئة، وهم مخطئون تماما حين يعتقدون أن الشفاء موجود عند بوش الراحل أوأن الدواء متوفر في أنابوليس !