علمت "الشروق اليومي" من مصادر موثوقة أن أزمة صامتة نشبت في المدة الأخيرة بين المتعاملين في استيراد الدواء من جهة، ووزارة الصحة من جهة أخرى، على خلفية تعليمة شفهية صادرة عن مديرية الصيدلة على مستوى وزارة الصحة، تقضي باعتماد ما يعرف بنظام "الكوطة" أو نظام التجزئة في استيراد الأدوية. وهو الأمر الذي دفع بالوزارة إلى الدخول في مفاوضات واجتماعات "ماراطونية" مع الإتحاد الوطني لمتعاملي الصناعات الصيدلانية من أجل إيجاد حل للمشكلة قبل وقوعها، خصوصا وأن النتائج السلبية لمثل هذه القرارات سيدفع ثمنها المواطن. وقد قوبل القرار الشفهي بالرفض من قبل المتعاملين في استيراد الأدوية منذ أزيد من 15 يوما من صدورها عن مديرية الصيدلة، كون الوزارة بهذا الشكل قد فرضت عليهم التقيد بكمية محددة من الأدوية تحت "نظام افتراضي"، أي أن المتعامل يصرح منذ بداية السنة عن كمية الأدوية التي يعتزم استيرادها، وهو ما يعني الحرمان من حقه في المطالبة بالبرنامج الإضافي، الأمر الذي أثار حفيظة المتعاملين في الصيدلة، وقالوا بأن "النظام لا معنى له بتاتا". وحسب مصادرنا، فإن سبب صدور القرار عن مديرية الصيدلة كان بغرض الإلتزام بالكمية المعلن عنها منذ بداية السنة، وكان مبرر المديرية في هذا الصدد هو أن الوزارة قامت بتحليل البرنامج المقدم من طرف المخابر لسنوات 2005 و2006 و2007، وكشفت أن المتعاملين حققوا منه معدل 25 بالمائة منه فقط، فعلى سبيل المثال تم الإتفاق على200 ألف علبة خلال عرض البرنامج السنوي في حين تم استيراد ربع الكمية فقط. أما عن مبرر المتعاملين في التحليلات التي قامت بها الوزارة، هو أنه في السنوات السابقة كانت الوزارة ترفض الإمضاء لهم لاستيراد كميات أخرى من الأدوية خارج البرنامج المعلن عنه في بداية السنة، ولهذا يلجؤون إلى مضاعفة الكمية أثناء عرض البرنامج. وفي ظل وجود عدد كبير من المتعاملين المستوردين لمنتوج واحد، فيجب على كل متعامل ضمان المنتوج، وأن يضع في الحسبان عجز متعامل آخر من استيراد الكمية المعلن عنها. وبما أن البرامج افتراضية، فعلى المتعاملين عرض ما حققوا منه نهاية كل شهر بالرغم من أن التقيد هذا ليس له أي أثر على السوق. ويكمن الهدف الوحيد للوزارة من برنامج تقييد المتعاملين في استيراد الأدوية في مقارنة السعر المتواجد في البرنامج وموافقتها للأسعار المتواجدة في السوق، وإن كانت المستحضرات مسجلة في الجزائر أم لا. أما عن أسباب رفض هذا القرار من قبل المتعاملين، عدم استناد التعليمة على أي مرسوم وزاري، وان تطبيقه لا يعتمد على أي قانون من قوانين اقتصاد السوق والمنافسة، وبالتالي لن يستفيد منه أحد بل بالعكس لأن تطبيقه يزيد من خطر ندرة الأدوية هذا العام. كما لم تؤخذ بعين الاعتبار السياسة التجارية من خلال هذه التعليمة، لأنه من المنتظر أن ترتفع المبيعات هذا العام لوجود الضريبة المرجعية عكس السنة الماضية، ولم يؤخذ بعين الاعتبار أيضا احتمال ظهور شركاء جدد للمتعاملين هذه السنة وأن رقم أعمالهم سيرتفع بصفة مهمة جدا. وتساءل بعض المتعاملين عن سبب الانفرادية في اتخاذ قرار مماثل، لم يتم الإعلان عنه في الأشهر الماضية، وعن التناقض الذي وقعت فيه الوزارة، ففي الوقت الذي يطالبون فيه بحماية منتوجاتهم المحلية يكون رد الوزارة أن منظمة الصحة العالمية تمنع ذلك، وهي الآن تحدد قانون "الكوطة" الممنوع في منظمة الصحة العالمية. سليمة حمادي