من المنتظر أن تدخل الإجراءات الجديدة التي تضمنها قرار الحكومة الأخير القاضي بمنع استيراد جميع الأدوية المنتجة محليا حيز التنفيذ فور صدور النصين القانونيين الخاصين بدفتر الشروط الجديد والقائمة الاسمية للأدوية المعنية بقرار المنع. وأكد مدير الصيدلة بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السيد لوناس سمادحي في تصريح ل "المساء" أن النصين قد تم توقيعهما من طرف رئيس الحكومة قبل يومين، موضحا أن القائمة التي أعدتها الوزارة بالتنسيق مع المتعاملين المحليين التي تضم حوالي 800 دواء تبقى مفتوحة وهي قابلة للمراجعة كلما اقتضت الحاجة أثار قرار الحكومة الأخير القاضي بمنع استيراد جميع الأدوية المنتجة محليا ردود أفعال متباينة بين مرحب بهذه الخطوة الجريئة المتخذة من طرف السلطات العمومية و متخوف من مدى إمكانية ونجاعة تطبيق الإجراءات الجديدة في الميدان في الظرف الحالي وكذا من طرف المنادين بالإسراع في تطبيقها فورا لتفادي سنة أخرى من الفوضى التي يعيشها سوق الأدوية في الجزائر وقد طمأنت الحكومة من خلال وزارة الصحة و السكان وإصلاح المستشفيات، المتعاملين بأنها حرصت على المرور بجميع المراحل الضرورية قبل بداية تطبيق الإجراءات الجديدة، حيث تم تحديد القائمة الاسمية للأدوية المنتجة محليا بالتنسيق مع المعنيين بالأمر مباشرة من خلال دعوتهم إلى عرض إمكاناتهم الإنتاجية نوعا وكما مع الالتزام بتعهداتهم في السوق بداية من السنة المقبلة. نقابة المتعاملين في الصيدلة تدعو إلى الإسراع في تطبيق القرار وتلقى المتعاملون في الصناعة الصيدلانية بارتياح كبير قرار منع استيراد الأدوية المنتجة محليا وفرض الاستثمار في مجال الصناعة الصيدلانية على المستوردين مباشرة عند اقتحامهم السوق الوطنية، إضافة إلى قرار توسيع قائمة الأدوية التي تخضع للتسعيرة المرجعية في إطار تشجيع استعمال الأدوية الجنيسة. وفي هذا الشأن دعا الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة الحكومة إلى الإسراع في تطبيق الإجراءات الجديدة، مشددة على انه من الأصلح تركيز الجهود في الظرف الحالي على تطبيق تعليمة رئيس الحكومة أولا وقبل كل شيء من أجل وضع حد للفوضى السائدة منذ 2005 في قطاع الدواء، خاصة فيما يتعلق بالخلط المقصود والمشبوه بين استيراد الأدوية الأساسية وغير الأساسية التي تمثل هدرا كبيرا للمال العام على حساب الخزينة العمومية وصحة منظومة الضمان الاجتماعي بسبب تعويض عدد كبير جدا من الأدوية غير الأساسية أو ما يعرف بالأدوية الكمالية والتي تم سحبها من طرف عدة دول من قائمة المنتجات الصيدلانية الفعلية بسبب تراجع ميزاتها العلاجية وأثار العديد من الصناعيين في مجال الصيدلة الذين استغربوا عدم اطلاعهم على القائمة الرسمية للأدوية الممنوعة من الاستيراد ونحن في شهر ديسمبر بعض العراقيل التي قد تعترض في مرحلة ما بعد القرار كمشكل صعوبة الحصول على العقار والبيروقراطية المسجلة على مستوى مرحلة تسجيل الدواء، إضافة إلى عدم تجاوب البنوك مع المتعاملين. من جهة أخرى لم يفوت الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة السيد نبيل ملاح فرصة التنويه بالقرار الذي لطالما نادى به منتجو الأدوية المحليين لضمان حماية انتاجهم والكف عن استيراد الأدوية التي يمكن إنتاجها محليا والتي كبلت قدراتهم الإنتاجية لتصبح وحدات تعمل بأقل من 20 بالمائة من قدراتها الحقيقة واعترف المصدر بان ما اتخذته الحكومة من إجراءات تهدف إلى إعادة تنظيم سوق الأدوية في الجزائر والقضاء على الاختلافات التي تسببت في ارتفاع فاتورة استيراد الدواء إلى 1.2 مليار دولار والحفاظ على التوازنات المالية لصندوق الضمان الاجتماعي وخلص المصدر إلى أنه على الجزائر ضمان الإنتاج المحلي للاستهلاك وترك الاستيراد لحاجياتنا من الأدوية التي قد تواجهنا مستقبلا. وعبر بعض الصيادلة العاملين بالعاصمة عبروا ل "المساء" عن ارتياحهم للقرار الحكومي المتخذ في ال 21 من أكتوبر الماضي خاصة وانه يحمي ويشجع في نفس الوقت الإنتاج الوطني من الأدوية بعد خمس سنوات من "القمع" المسلط عليهم من طرف المستوردين وبالتالي تمكين الجزائر من تخفيض فاتورة استيراد الأدوية وبالتالي تحريرها من التبعية الكلية للخارج، إلا أنه في نفس الوقت أبدى هؤلاء الصيدلة استياءهم من عدم التزام بعض الصناعيين بتعهداتهم وبالتالي عجزهم عن تغطيه السوق بدواء ما وهو ما قد يخلق ندرة أو فقدان بعض الأدوية من السوق. 800 دواء ممنوع من الاستيراد والقائمة مفتوحة من جهتها أوضحت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات على لسان مدير الصيدلة السيد لوناس سمادحي في لقاء مع "المساء" أن قائمة الأدوية الممنوعة من الاستيراد والتي تنتج في الجزائر قد تصل إلى حد 800 دواء وبلغة الصيدلة 180 عائلة أدوية "دي سي أي" بمعنى التسمية المشتركة الدولية، علما أنها مفتوحة ويمكن مراجعتها في أي وقت ألزم ذلك. وقد تم تحديدها بعد لقاءات عديدة مع المنتجين المحليين و بعد فحص قدرات كل متعامل ومخازنه وتجهيزاته وذلك للتأكد من التزام هؤلاء بتوفير الأدوية التي ينتجها في السوق. وأضاف المتحدث في السياق ذاته أن القرار الجديد يفرض توفر منتجين اثنين على الأقل لكل دواء وأن في حالة وجود منتج واحد لدواء واحد فإن الدولة تلجا للاستيراد استثنائيا خلال الأشهر أربعة الأولى من سنة 2009 لتكوين مخزون وتفادي أي ندرة في السوق، كما حرصت وزارة الصحة على ضبط قائمة ثانية سميت بالجزئية وتضم حسب نفس المصدر الأدوية التي تنتج محليا ولكن بكمية لا تسمح بتغطية السوق الوطنية كليا، حيث تلجأ الدولة إلى استيراد الفارق من الخارج. من جهة أخرى يجبر الفرار الحكومي الجديد مستوردي الأدوية على الانتقال فورا إلى إنتاج أدويتهم بالجزائر حيث تمنح لهم مهلة ستة أشهر لتقديم مشروع استثماري وبداية الإنتاج بعد سنتين وقد استجابت مخابرو شركات عديدة إلى الدعوة حسب مدير الصيدلة بوزارة الصحة والسكان باستثناء مخبرين أو ثلاثة التي طالبت السلطات بمنحها مهلة للتفكير. وحسب المتحدث فان هذه الأخيرة حتما ستنضم إلى قائمة الموقعين على الالتزام وإلا سيكون مآلها الانسحاب نهائيا من السوق الجزائرية. وفي الوقت ذاته ستشهد الصناعة الصيدلانية انتعاشا ملحوظا لان كل الظروف مهيأة لذلك والدليل حسب مصدرنا هو انطلاق عدد من المخابر الأجنبية في الإنتاج قريبا بالجزائر ثلاثة منها لإنتاج أدوية مرض السرطان مثل مخبر الكندي الأردني السعودي الذي شهد توسعا بإضافة مصنع جديد إنتاج مختلف أنواع الأدوية وثلاث مخابر جزائرية التي ستشرع في إنتاج المضادات الحيوية مع بداية العام المقبل. ولاحظ مدير الصيدلة بوزارة الصحة من جهة أخرى أن الأهداف الأساسية لتدخل الدولة قصد حماية الإنتاج الوطني تكمن في ثلاثة عناصر هي توسيع فئة الأدوية المنتجة محليا والوفرة وخفض التكلفة للمريض والتقليص من فاتورة الاستيراد. للذكر فان الإنتاج الوطني من الأدوية لا يغطي سوى 34 بالمائة من مجموع الأدوية واقل من 15 بالمائة من الأدوية الأساسية. وستمكن الإجراءات الجديدة المتخذة من طرف الحكومة حسب السيد سمادحي من تحقيق نسبة 65 بالمائة من التغطية الوطنية وعلى الأقل 15 بالمائة من الأدوية الأساسية في غضون سنتي 2012 - 2013 وهو ما يخفض من فاتورة الاستيراد بأكثر من النصف. للإشارة وحسب نفس المصدر فإن من بين 81 متعاملا في مجال صناعة الأدوية 57 يصنعون الأدوية انطلاقا من المادة الأولية والباقي يقومون بعملية التعليب، كما بلغ عدد المستوردين 166 مستورد 110 منهم في مجال الأدوية، في حين يوجد 630 نقطة للبيع بالجملة وثمانية آلاف صيدلية. وبلغ عدد الأدوية المسجلة بالجزائر 4750 منتوج 68 بالمائة جنيسة، أما الفاتورة الوطنية لاستيراد المنتوجات الصيدلانية فبلغت مليار يورو، في حين بلغت خلال سنة 2007 حسب وزارة الصحة 1.3 مليار يورو منها 800 مليون يورو للأدوية.