السؤال: هل الغيبة تبطل الصوم؟ الجواب: جمهور العلماء قالوا: إن الغيبة لا تفسد الصوم، ولكنها تنقص الأجر وتُوْجِبَ العذاب والنار، وخالفهم عطاء من التابعين فقال ببطلان الصيام بالغيبة، وهو قول الإمام الأوزاعي، وروى ابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال: "خَصْلَتَانِ مَنْ حَفِظَهُمَا سَلِمَ لَهُ صَوْمُهُ، الْغِيبَةُ وَالْكَذِبُ"، وروى ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي العالية قال: "الصَّائِمُ فِي عِبَادَةٍ مَا لَمْ يَغْتَبْ"، وذكر الإمام السُّبْكِيُّ أن الغِيبَةَ تمنع ثوابَ الصوْمِ إِجماعاً، وورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"، وروى أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ"، فدلّ الحديث على أن الإمساك عن قول الزور وسائر المحرمات من غيبة وكذب ونميمة وغيرها واجب، كالإمساك عن الطعام والشراب، وإن لم يمسك عن ذلك تعرض لسخط الله، ولم يقبل منه صيامه، ولا يلزم من هذا وجوب القضاء، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر من فعل ذلك بقضاء صومه.
السؤال: هل الدردشة في الفيس بوك مع البنات تفسد الصوم مع العلم أنه حديث عادي؟ الجواب: الكلام مع النساء لغير ضرورة من الريبة وأحد أسباب الفتنة، والواقع يشهد بأن الاختلاط بهن وتجاذب أطراف الحديث معهن والاسترسال فيه يؤجج نار الشهوة في القلب، ويجر غالبا إلى الخوض في ما لا يحل ويدفع إلى ارتكاب المحرم، كالنظر إليهن والتلذذ بحديثهن والتفكر في محاسنهن، ولهذا كان منهيا عنه في رمضان وغيره، ويدل على ذلك قوله تعالى: "فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا"، وإنما أُبِيحَ الكلام معهن للحاجة كالبيع والشراء والسؤال ونحو ذلك، وأقل ما يقال في مثل هذه الدردشة أنه شبهة، ونحن مأمورون باتقائها، ففي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ".
السؤال: أنا امرأة موظفة أصلي وأصوم رمضان، غير أنني لا أرتدي الحجاب، فهل ما أفعله من الصلاة والصيام صحيح أو باطل؟ الجواب: التبرج وإبداء شيء من العورة لغير المحارم من المحرمات، وهو من المعاصي التي قد تستوجب النار إن لم تتب المرأة من ذلك، وقد جاء الوعيد الشديد لمن تتبرج وتبدي عورتها، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا"، وصلاتك صحيحة ما دمت تسترين العورة أثناء أدائها، وكذلك صيامك صحيح، لأن ستر العورة ليس من شروطه، غير أن الصحة لا تعني القبول عند الله تعالى، فقد نَصِفُ العبادة بالصحة فقهيا لأن المكلف غير مطالب بقضائها وتبرأ ذمته، ولكن قد يقبلها الله تعالى وربما ردها على صاحبها، والله تعالى يقول: "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ"، والتبرج معصية، والصائم تتناقص حسناته ويُحْرَمُ من الثواب بسبب العصيان، فأخشى أن لا تجدين عند الله شيئا من ثواب الصلاة وأجر الصيام بسبب التبرج، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ"، وهناك شيء آخر يجب التنبيه إليه، وهو أنك بسبب التبرج تساهمين في إفساد المجتمع وانحلال الأخلاق، لأن كشف العورات وإظهارها يثير الشهوات، ويدفع الرجال إلى الفساد، وقد قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ".
السؤال: هل على من أخر غسل الجنابة إلى ما بعد الظهر إثم؟ وهل يؤثر ذلك على صيامه؟ الجواب: ليس في تأخير الغسل إلى ما بعد الظهر إثم، إلا إذا خشي خروج وقت الظهر فيجب عليه أن يغتسل، ويحرم عليه أن يترك الغسل وهو واجد للماء قادر عليه، لأن المحافظة على الصلاة في وقتها واجب، والصلاة لا تصح بدون الطهارة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأما الصيام فلا يبطل بتأخير الغسل، ولو أخره إلى الغروب.