السؤال: شيخنا الفضيل، لقد وقعت في فخ الاستمناء نهار رمضان، فسارعت إلى الغسل واستغفرت ربي وتبت إليه لعله يغفر لي ذنبي، إني في غاية الندم والحزن لاستسلامي للنفس الأمارة بالسوء، عزمت على إطعام ستين مسكينا، فهل هي كفارة لذنبي حتى يغفر لي ربي؟. الجواب: أبواب التوبة مفتوحة لا تُغْلَقُ في وجه أحد مهما كانت معصيته، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: "وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى"، وروى مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى اله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا"، ولا شك أن الفعل الذي ارتكبته من المحرمات وخاصة في رمضان، لأن الإثم مضاعف، ويوجب عليك بعد التوبة أن تقضي ذلك اليوم وتكفر بصيام ستين يوما متتابعة أو تطعم ستين مسكينا كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ: وَمَا شَأْنُكَ؟قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لاَ أَجِدُ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَر مِنَّا، مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَفْقَرُ مِنَّا، ثُمَّ قَالَ: خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". السؤال: والدي رحمه الله تعالى كان مغتربا في فرنسا منذ شبابه، وفي السنوات الأولى التي هاجر فيها لم يكن يصوم لقلة تدينه وجهله بشريعة الله تعالى وتأثره بالصحبة السيئة التي عاشرها، ولم يقض تلك الأيام ولم يكفر عنها حتى فاجأته الموت، فهل يجوز لنا نحن الأبناء أن ندفع عنه الكفارة؟ الجواب: الكفارات المالية يجوز فيها النيابة، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى للرجل الذي تعمد الفطر في رمضان عَرَقًا من تمر وقال له: "تَصَدَّقْ بِهَذَا"، وأنتم مأجورون على فعلكم هذا، لأنه صدقة، ولأنه من البر بالوالدين والإحسان إليهما بعد موتهما. السؤال: لما كنت في سن الشباب أجبرني زوجي على الجماع في نهار رمضان، وحصل ذلك مرة واحدة فقط، وقد قضيت أنا وزوجي ذلك اليوم ولم نصم الكفارة، وأنا اليوم أبلغ من العمر سبعين سنة وأجد مشقة كبيرة في الصيام، وزوجي توفي منذ أعوام، ولا أعرف ماذا أفعل، أرشدوني يرحمكم الله؟ الجواب: الجماع في نهار رمضان حرام وهو من مبطلات الصوم، لقوله تعالى: "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ"، وفعل ذلك يوجب القضاء والكفارة باتفاق الأئمة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ، أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا"، ولكن في حالتك هذه يجب عليك القضاء فقط ولا تجب عليك الكفارة وإنما هي واجبة على زوجك، يكفر عن نفسه وعنك، لأن الإكراه عذر شرعي، وليس على المكره شيء، لما صح عند ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى اله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَااسْتُكْرِهُواعَلَيْهِ"، وجاء في المدونة الكبرى عن مالك رحمه الله أنه قال: "وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ عَنْهُ وَعَنْهَا، وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْقَضَاءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ"، وبما أن زوجك قد مات فإن الإثم يتحمله هو لتفريطه في الكفارة وهي دين عليه، إلا إذا تَكَرَّمْتِ وتفضلت عليه فتخرجين الكفارة عنه وعنك وتبرئين ذمته وتؤجرين على ذلك. السؤال: هل الاستماع إلى الأغاني في رمضان يفطر الصائم، مع العلم أنها لا تحمل كلمات غير أخلاقية؟ الجواب: الاستماع إلى الأغاني في رمضان لا يفطر الصائم لكنه ينقص من أجره وثوابه، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ"، وأخرج ابن خزيمة في صحيحه وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ"، والرفث هو فحش الكلام، والحديث عن الجماع ودواعيه، واللغو هو كل قول أو فعل قبيح باطل لا خير فيه، والغناء مشتمل في غالبه على فحش القول، ويلهي الإنسان ويصده عن ذكر الله، ويُقسي القلبَ، وقد قال الإمام التابعي الحسن البصري رحمه الله: "أنزلت هذه الآية: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ"، في الغناء والمزامير". السؤال: أريد أن أسأل عن حكم بلع الريق في رمضان؟ الجواب: بلع الريق من جائزات الصيام، ولو اجتمع في فمه وابتلعه لم يضره ذلك، سواء حصل منك ذلك سهوا أو عمدا، لأنه مما لا يمكن الاحتراز منه، فَعُفِيَ عنه رفعا للمشقة. السؤال: هل الرعاف يفطر؟
الجواب: الرعاف لا يفطر الصائم ولو كثر، فإن خشي الصائم على نفسه بعد الرعاف أو وجد مشقة في الصوم وتعبا شديدا فله أن يفطر لأنه صار في حكم المريض.