يباح لأصحاب الأعمال الشاقة التي عليها مدار معيشتهم - إذا كانوا يتحمّلون مشقة شديدة بالصيام - أن يفطروا ويطعموا عن كل يوم يفطرونه مسكينًا؛ لأن الحرج مرفوع من الدين بنص القرآن وقد ذكر ذلك الفقهاء، كما في شرح المنهاج للرملي (ص339 ج2)، وبه فسّر الأستاذ الإمام “محمد عبده” قوله تعالى : “وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين”(البقرة : 184)، وأقل ما يطعمه المسكين مُد من الطعام، وقدر بملء كفي الرجل المعتدل من القمح، وإذا غذاه أو عشاه معه أو أعطاه ما يكفي لذلك من الطعام الذي يأكله هو كفى. والله أعلم. قضاء الصوم عن الميت مات والدي وعليه صيام من رمضان فهل يجوز أن أصوم أو أكفّر عن ذلك؟ من مات وعليه صيام واجب، فإن كان قد فاته لعذر كمرض لم يمكنه من القضاء بأن استمر حتى مات صاحبه فلا إثم عليه، وليس على ورثته فدية ولا قضاء. وإن فاته بغير عذر أو بعذر وتمكّن من القضاء وتكاسل عنه فلم يقضه حتى وافاه الموت يخيّر وليه بين أن يصوم عنه بدل اليوم يوما، أو يطعم مسكينا عن كل يوم، فإن لم يكن له تركة لم يلزم ورثته قضاء ولا إطعام. تبييت النية قبل رمضان يجب على الصائم تبييت النية (قبل طلوع الفجر الصادق) فى صيام الفرض (شهر رمضان)، ولا يُشتَرَطُ في صوم النافلة أن يبيّتها (كصيام عاشوراء مثلا، أو صيام الاثنين والخميس)، بل يمكن أن ينوي الصيام في أثناء النهار، شريطة ألاّ يكون قد أكل أو شرب قبلها، وهو رأي الجمهور. الدليل: بالنسبة للفرض: عن حفصة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يُجْمِع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) [رواه أبو داود والترمذي وغيرهما. وأما بالنسبة للنافلة: فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل قال: ((هل عندكم طعام؟))، فإذا قيل لا، قال: ((إني صائم)). [صحيح الجامع]، كما ورد ذلك عن بعض الصحابة، كأبي الدرداء، وأبي طلحة، وأبي هريرة، وابن عباس، وحذيفة –رضي الله عنهم جميعاً-.[أورده البخاري في صحيحه]. قضاء الواجبات عن الميت كثُر السّؤال عن حكم قضاء ما فاتَ الأموات من واجبات، وهل ينتفعون بما يُهدَى إليهم من قُرُبات؟ الواجبات التي لم يؤدِّها الميت ديُون عليه، وهي نوعان: ديون للعباد، وديون لله، فأمّا ديون العِباد فالإجماع على مشروعيّة قضاء الحي لها عن الميت، والأخبار الصحيحة كثيرة في خطورة الدَّين وأثره على الميت، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا جاءت جنازة ليصلِّي عليها سأل: هل عليه دَين أم لا، فإن كان عليه دَين لم يصلِّ عليه. وجاء الخبر بأن رحمة الله معلَّقة عن الميت حتى يُقضى عنه دينه وسيجيء قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن سألته عن قضاء الحج عن أمها: “أرأيتَ لو كان على أمِّك دين أكُنْتِ قاضيتَه”؟ رواه البخاري.