قانون التعبئة يرمي إلى توفير عوامل القوة    عطاف في كوالالمبور    اتفاقية للوقاية والتحسيس    صناعة السيارات.. رسالة قوية للمتعاملين    رزيق: الجزائر ملتزمة بتحقيق التكامل القارّي    إيني تستثمر في الجزائر    الجزائر.. واقفة    هل يعود عوشيش إلى الخضر ؟    اليقظة ثم اليقظة    المغرب بوابة مخدّرات    500 طالب بالجامعة الصيفية لقسنطينة    طبق الفول التقليدي.. رمز للكرم والأصالة    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    متعاملون خواص في النّقل البحري للمسافرين قريبا    رهانات تنتظر الشباب على ضوء المكاسب المحققة    المنحة الدراسية.. إيداع الملفات قبل 15 جويلية الجاري    المغرب يمنع صحفيين وناشط حقوقي إسبان من الدخول إلى العيون المحتلة    "عدالة" البريطانية تتهم المغرب بالاستثمار في التضليل الإعلامي    "بيت حانون".. ضربة جديدة لهيبة جيش الاحتلال    مسابقة الكترونية في السيرة النبوية لفائدة تلاميذ الطورين الابتدائي والمتوسط    السيد أوباسانجو يشيد بمستوى التحضيرات لمعرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر    صناعة السيارات: وزارة الصناعة تؤكد التزامها بتسريع وتيرة المشاريع وتعزيز الإدماج المحلي    المغرب: تواصل الإدانات لقمع المخزن للنشاطات الداعمة لفلسطين والمناهضة للتطبيع    البطولة الوطنية المدرسية للرياضات الجماعية: انطلاق النهائيات بوهران بمشاركة 4000 رياضي    جيدو/ البطولة الافريقية للأواسط: مشاركة الجزائر ب17 مصارعا في موعد لواندا    دعوة إلى تكفل نفسي فعال بالأطفال    حملة لترسيخ الوعي البيئي لدى المصطافين    مجلس الأمة: المصادقة على نص القانون المحدد للقواعد العامة لاستغلال الشواطئ    أسامة قدور أول الموقعين لمولودية وهران    15 فرقة في الطبعة ال15    تيميمون بزخمها الثقافي وتقاليدها ضيفة على عنابة    حليمة لمين ترسم الألم بجرأة وصدق    سونلغاز: ذروة قياسية جديدة في استهلاك الكهرباء لليوم الثاني على التوالي    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57575 شهيدا و 136879 مصابا    "أوريدو" تطلق مسابقة سيناريو سينمائي حول الثورة التحريرية    "المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة : ندوة حول "تعزيز المواطنة لدى الشباب    كأس افريقيا للأمم للسيدات 2024 (المؤجلة إلى 2025): المنتخب الوطني يستأنف تدريباته بعد بداية موفقة أمام بوتسوانا    الكيان الصهيوني يطلق عملية العلم الأسود ضد الحوثيين    هل سيغادر بلايلي الترجي؟    البليدة تتعزّز بمشاريع تنموية هامة    الصيدلية المركزية للمستشفيات تطمئن    بشار: انجاز خط السكة الحديدية تندوف-غارا جبيلات    اللعاب البولوري لن يلطخ بياض الجزائر    نحو تعيين مدرب أجنبي لقيادة الفريق    طبق الفول التقليدي.. رمز للكرم والأصالة    ورشات وندوات فكرية، ثقافية وعلمية : المهرجان الوطني للثقافة والتراث النايلي .. لقاء الأصالة بالتكنولوجيا    المنتخب الأوغندي يسابق الزمن للإطاحة بأشبال بوقرة    شراكتنا مع الجزائر متميّزة واستثماراتنا ستتجاوز 8 مليار دولار    تحذير من استعمال دواء مقلّد    مسرحية النصف الآخر تفوز بجائزة العنقود الذهبي    الصيدلية المركزية للمستشفيات تؤكد التزامها بضمان وفرة المستلزمات الطبية عبر التراب الوطني    سوق أهراس : إعادة فتح المسرح الجهوي مصطفى كاتب بعد أشغال تهيئة شاملة    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    من اندر الاسماء العربية    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    توقرت: قطاع الصحة يتدعم بعيادة طبية نموذجية متعددة الخدمات    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناقدة اللبنانية يمنى العيد :جائزة مالك حداد قدمت الرواية الجزائرية بشكل جيد
نشر في الشروق اليومي يوم 19 - 01 - 2008

يمنى العيد.. ناقدة وأستاذة جامعية وباحثة لبنانية لها باع طويل في الحركة النقدية العربية، معروف عنها صرامتها الأكاديمية وعدم ميلها للمجاملات التي تعج بها الساحة العربية في مجال النقد خاصة، لها عدة مؤلفات.
أبرزها "في النفاق الإسرائيلي" و"تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيوي" وهي أيضا عضو لجنة تحكيم وقراءة الاعمال المرشحة لجائزة مالك حداد منذ تأسيسها، "الشروق" التقتها في عبورها من الجزائر التي زارتها لحضور حفل توزيع الجائزة في دورتها الرابعة، فكان هذا اللقاء.
*‬‮ انت عضو في لجنة تحكيم جائزة مالك حداد،‮ ما‮ هو انطباعك عن الرواية الجزائرية‮ من خلال النصوص التي اطلعتي عليها؟
- من خلال قراءتي للنصوص المقدمة للجائزة اعتبر ان مجرد الاقبال على الكتابة باللغة العربية شيء ايجابي والفضل في ذلك يعود للكاتبة الكبيرة أحلام مستغانمي التي اسست الجائزة والذين تحملوا فيما بعد مسؤولية المشروع من التلفزيون الجزائري والديوان الوطني لحقوق التأليف ورابطة الاختلاف، انطلاقا من هذا اقول ان مستويات الروايات المقدمة متفاوتة، فهنلك روايات عندما نقرؤها نحس انها لأشخاص لهم قدرات على بناء عالم متخيل فيه كل مكونات العمل الروائي، والشيء الذي لفتني في هذه الجائزة أن هناك أعمالا جيدة عوالمها ثرية نستطيع ان نتعرف عبرها على الجزائر في تاريخها ونضالها ومواقفها التحررية، ولكن ايضا على تفاصيل الحياة اليومية ومعيشة الانسان الجزائري، وهي بهذا المعني تقدم رسالة ادبية تعرف العالم والقراء خارج الجزائر بالعوالم الوطنية للإنسان الجزائري.
وانطلاقا من هذا أعتقد ان الرواية التي يكتبها الجزائري اليوم هي في مستوى الرواية العربية بكل معنى الكلمة، لهذا كانت لجنة التحكيم دوما تقع في حيرة من أمرها في منح الجائزة لأن كل الاعمال التي كانت تقدم كانت تستحق الاشادة بمستويات مختلفة.
*‬‮ يقال‮ اليوم ان الرواية صارت ديوان العصر نقديا، الى أي حد استطاعت الرواية ان تعوض الشعر جماهريا؟
- في الحقيقة ان استئثار التلفزيون اليوم بأنظار الناس وانتشار الأمية الثقافية في الوطن العربي تجعلنا نقول "يا ريت" الرواية تكثر عدد القراء، لكن ليس هناك شك، فالرواية استطاعت ان تأخذ مكانا لا بأس به، لأن حسب اعتقادي السرد لعبة جميلة لها ارتباط بواقع الناس وزمن تاريخي بالمعنى المعيش وحياة الناس اكثر من الشعر الذي يتعامل مع زمن ميتافيزيقي واستشرافي يرتبط بالحلم. في حين الرواية تتعامل مع الزمن المعيشي والإنسان بطبعه ميال لقراءة واقعه وحياته والتأمل في حوافها، فالنقطة الأولى تتعلق بالعلاقة مع الزمن والنقطة الثانية تتعلق بالسرد، لأن السرد كما يقال هو الحياة.
وبهذا المعنى نقول ان الرواية اخذت اليوم مكان الشعر رغم انه لا يجب ان نتجاهل مسألة تاريخية مهمة وهي كون الشعر كان يقوم مقام السرد قديما، وكان للسرد دائما مكان كبير في تراثنا، لهذا لا يمكن ان نجزم اليوم بموت الشعر ونقول ان هذا الزمن هو زمن الرواية، لأنه قد يأتي شاعر ما مثل محمود درويش ونزار قباني ويحقق ما لم يحققه العديد من الروائيين، لهذا اقول ممكن وليس اكيدا انه من الصعب ان يصل الشعر اليوم لمكانة الرواية جماهيريا وهذا يرتبط بقدرة الشاعر على التعبير على حاجات وطموحات الناس، وأن يكون شاعرا مهما‮ ان يكون صدى لزمانه وعصره ولا يتخلى عن شعرية الشعر‮.‬
*‬‮ إلى إي مدى يمكن‮ للمناهج‮ النقدية المستوردة‮ من الغرب ان تقرأ الرواية العربية؟
- صحيح ان الرواية هي فن حديث مرتبط بالمدينة وعوالمها، لأنها تتطلب شخصيات وتعدد مستويات الكلام واللغة، وهذا موجود بالمدن الكبرى، ولكن فيما يخص قراءة النقاد للرواية لا ينبغى ان نعمم هذه النظرية على جميع النقاد، انا انطلق من النص الروائي لمحاولة قراءة النص بمرجعية من مرجعياته‮ بمعيشه او بما اسميه انا "‬بالمرجع الحي" الذي‮ يشكل عنصرا مهما من عناصر الحكاية.‬
في البداية، مع نجيب محفوظ كانت شعرية الرواية الفنية تحاكي قواعد الرواية الغربية، اي الحبكة والنسج الروائي كان قائما على المقدمة والعقدة والحل، لكن لا شيء يضير الرواية في ان تتبنى قواعد عامة وليس لها بالضرورة هوية وطنية او قومية، فالرواية هي الرواية وهذه القواعد تتغير وفقا لمراحل التاريخ، وعندما يشعر الروائي ان هذه القواعد لم تعد تلبي حاجتة لحكايات بلده أو مجتمعه، هذا يدفعه لكسر هذه القواعد والبحث عن قواعد بنائية جديدة، فالنقد من المفروض ان يقرأ الرواية وفق تحولاتها التاريخية، وممكن ان يستفيد من مفاهيم نقدية تتعلق مثلا بعناصر او بشعرية الرواية، اما الاسقاط المباشر لهذه المناهج على العمل الروائي غلط، وهنا يطرح السؤال التالي "الى اي حد الناقد متمكن وهاضم للمفاهيم العامة للرواية مثل مفهوم الشخصية ومفهوم الراوي وتعدد مستويات الكلام، والعلاقة بالزمان والمكان، وهذه مفاهيم عامة يقرأ عبرها الناقد العمل الروائي انطلاقا من تاريخيته‮ من شعريته الخاصة‮ وإلا سيكون الناقد "‬يصب عمله خارج‮ اطار العمل النقدي" وهذا طبعا لا يفيد لا النقد ولا العمل الروائي‮.‬
*‬‮ تتحدث الساحة النقدية اليوم عن "‬ظاهرة الكتابة النسوية" كيف تقرئين كناقدة‮ هذه الظاهرة؟
- انا ضد مصطلح "الرواية النسوية"، انا مع الرواية كروايةو لأن هناك قواعد عامة وشعرية عامة، من هذا المنطلق الرواية هي الرواية سواء كتبتها المرأة او كتبها الرجل والابداع هو ابداع مع وجوب الاشارة الى ان المرأة اقدر على الحكي، قديما كان هناك نوع من الخلط بين الراوي وشخصية الكاتب، لهذا كانت المرأة تخاف من الكتابة حتى لا يقال إن التي تروي القصة هي المرأة وإن القصة هي ربما قصتها، فكان ممنوعا ومحرما على المرأة ان تكتب، لكن اليوم هناك نوع من الادراك للمسافة بين النص وكاتبه، فالكتابة حتى لو كانت حية فيها الكثير من المتخيل، وهكذا أصبح للمرأة الجرأة الكافية للكتابة والحكي، وهذه ظاهرة ايجابية ان تعبر المرأة عن نفسها ورؤيتها للحياة والاشياء المفترضة بالنسبة لها وتحمل منظورا نقديا للحياة وموقفا كامرأة في هذا الاطار مثلا موسوعة نور التي اصدرها المجلس الاعلى للثقافة اشارت الى ان عدد الكاتبات في أواخر القرن العشرين يكاد يعادل عدد الكاتبات منذ بداية القرن؛ اي تقريبا 100سنة، وبعد ان كانت عدد النساء الكاتبات يعد على الاصابع اصبح الآن مظهرا من مظاهر حرية التعبير والوجود وتحقيق الذات، لأن الكتابة مرآة وحوار وأنا أعتبر ان هذه الظاهرة‮ يجب ان تشجع، لكن ليس على حساب قيمة النص الفنية.‬
*‬‮ إلى إي مدى‮ لعبت الانكسارات السياسية في لبنان دورا في ميلاد جيل روائي جديد؟
- اعتقد ان الحرب اللبنانية انجبت رواية، لكن من منظور نقدي فكل الذين كتبوا الرواية في لبنان بعد 1975 كتبوا رواية نقدية. من المهم ان نشير الى ان رواية الحرب التي انجبت اعمالا مميزة من ناحية شعريتها وتعاملها مع الزمن وحبكتها والشخصية التي قدمتها "ملتيسة متوترة" بحيث كسرت الزمن والأبطال وبنت عالما متناثرا ضمن حبكة فنية "كانت ضد الحرب، ضد الدمار، الحرب لم تدمر فقط المدينة لكن أيضا دمرت القيم الثقافية وكانت الرواية تعيش زمن البحث عن قيم مختلفة، حيث حطمت الحرب كل القيم الموروثة والتقليدية كقيمة البطل وقيمة النضال.
ولا اعتقد ان ما حدث مؤخرا على الساحة اللبنانية ترك اثرا على الرواية لأننا لا نستطيع ان نتحدث عن ظاهرة روائية في السنتين الأخيرتين؛ أي منذ حرب تموز (جويلية) 2006 مع ان هناك ميلا للرواية التي تتعامل مع التاريخ كما فعل مثلا ربيع جابر في "بيروت مدينة العالم"؛ اي اصبح الروائيون يعودون الى زمن اخر ماضِ ويتعاملون مع الزمن الحاضر والحياة بشكل آخر يطرح أسئلة بشأن جوهر ومعنى الوجود كأنهم يستمرون على خطى ما ترتب من هذه الحرب من دمار وخراب ويطرحون الاسئلة الوجودية فأثر الحرب ظهر في أدب مسيس سواء على مستوى الشعر او الرواية التي لم تستطع حسب اعتقادي حتى الآن أن تحتل مكانة فنية وإبداعية، اكيد ان هناك كتابات لست على اطلاع كامل بشأنها ولكن اعتقد انها لو كانت ذات قيمة فنية لكان لها حضور ليس فقط على الساحة اللبنانية لكن على الساحتين العربية والعالمية.
فماله حضور هو ليس على ارتباط مباشر بالاحداث والصراعات الطائفية والسياسية الموجودة لأن الكتّاب الذين ظهروا خلال العشرين سنة الماضية وصلوا الى قناعات مهمة ترفض الحرب والاقتتال والنزاع الطائفي، فهي تناصر الانسان والحرية والاختلاف والتعايش مع الآخر المختلف ثقافيا، وهذا هو الابداع في علاقته مع الانسان،‮ والابداع اذا لم تكن له علاقة مع الانسان في أبعاده السامية‮ فهو ليس في حاجة حتى لمن يسقطه لأنه يسقط من تلقاء نفسه.‬
حوار‮:‬ زهية منصر /‬‮ تصوير‮:‬ يونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.