تذكرت بأثر رجعي المعلومات أو الإحصائيات التي تقول والعهدة على الراوي، أن 980 جزائري تحصلوا على الجنسية الفرنسية، خلال ستة أشهر، فيما تمّ تسجيل 20 ألف حالة زواج مختلط بين جزائريين وفرنسيين (رجال ونساء) خلال ثلاث سنوات. بعيدا عن البحث عن "القمل في راس الفرطاس"، تُرى: من هم هؤلاء ال980 جزائري؟ هل هم مواطنون بسطاء؟ هل هم مهاجرون قدماء؟ هل هم اطارات وكوادر؟ هل هم شباب تحصل على الجنسية بعد عقد القران من فرنسيين وفرنسيات؟ هذا الرقم، يُضاف إلى أرقام أخرى، ليس في فرنسا فقط، وإنّما في العديد من الدول التي تمنح جنسياتها ب"سهولة" لبعض الأجانب المقيمين بانتظام فوق أراضيها، أفلا تستدعي مثل هذه الوضعية "المحرجة" التوقف لبحث الأسباب والمبررات التي تدفع جزائري إلى خيار ازدواجية الجنسية؟ قد تكون وراء "الدوافع" أسباب اجتماعية أو مالية أو إنسانية أو سياسية أو "مصلحية"، يُحافظ بموجبها هذا الجزائري على جنسيته الأم، ويكسب جنسية أخرى يوظفها في حياته اليومية بتلك الدولة التي يُقيم بها، إمّا اختياريا أو اضطراريا، وبعدها لكل حادث حديث! بعملية حسابية فإن تجنّس 980 جزائري خلال ستة أشهر، هو رقم مثير وخطير، يستدعي دقّ ناقوس الخطر، على هذا "الهروب" الفردي والجماعي، بعد ما دقّ المختصون والباحثون والسياسيون والمجتمع ناقوس الخطر من التنامي الغريب لظاهرة الهجرة، خاصة في ما يتعلق بهجرة أو "فرار" الأدمغة والكفاءات والإطارات! من الخطير، عندما يخسر أو يضّيع أيّ بلد، مهما كانت ملته وجنسيته ودينه وهويته، الطبيب والمهندس والصحفي والإداري والمسيّر والمفكّر والأستاذ الجامعي والدكتور والمستثمر، والأخطر من كلّ هذه المصيبة، أن تزحف العدوى من هؤلاء وأمثالهم، إلى الفلاح و"الماصو" و"العسّاس" والميكانيكي والحلاق، فماذا بقي إذن؟ عندما تشدّدت ظروف وشروط الاستقبال في البلدان الحاضنة للمهاجرين و"الهاربين" من الحڤرة والبيروقراطية والمحسوبية والتمييز والمفاضلة وعقليات "البن عمّيس" والوساطات الهدامة، تحوّلت الحكاية إلى "حراڤة" تنقلهم قوارب الموت ورحلات المغامرة، وشاعت عندها تجارة جديدة تختصّ في جوازات السفر و"الفيزا" وبيع الأوهام!
لن يجد أيّ كان أمّا ثانية له تعوّضه أمه الأصلية أو تنافسها في حنانها وخوفها عليه، لكن من الضروري أن تتغيّر الذهنيات البائدة حتى يرضى كلّ ابن بقضائه وقدره ورزقه الذي يبقى على الله وحده لا شريك له، وبعدها فإن الهجرة ليست حراما والتجنّس ليس سابقة، لكن نكران الذات والأصل، انتحار يُعاقب عليه الله قبل القانون!