يحاول البعض التسويق لفكرة تعدد الجنسيات في البلد الواحد، انطلاقا من تعدد اللغات والثقافة. ويحاول البعض الآخر اعتبار المهاجرين الجزائريين ممن تجنّسوا أنهم سيشكلون "لوبيا جزائريا" في الغرب. وتتعدد الآراء حول "الهجرة والمهاجرين"، خاصة وأن وصول "باراك حسين أوباما"إلى رئاسة أمريكا يفتح الشهية للهجرة والتجنّس. فهل الهجرة الجزائرية "نزيف" للمال العام أم تسويق للجزائر عبر العالم؟ * كلب الرئيس وكلب السّفير! * يضرب المثل العربي في الوفاء ب»الكلب«، لكن الكلب الأمريكي دخل »البيت الأبيض« صديقا للرؤساء بحيث أن الكلب "بوبي"أكثر شهرة لدى الأمريكيين من أي رئيس عربي. والمثل الأمريكي يقول: * إذا أردت صديقا فاشتر كلباً. ولكل رئيس أمريكي حكاية مع الكلاب، والرحالة العرب حين دخلوا »باريس« في القرن الثامن عشر لم يروا في شوارعها غير الكلاب. ويكفي أن بومدين كان له كلب، كما لمعظم الرؤساء العرب كلاب. و»الكلب والعربي« كانا يمنعان من دخول بعض المطاعم والمقاهي خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر (1830 - 1962). * والمواطن العربي يعامل في الحدود العربية "معاملة الكلاب" في أقطارنا العربية، والمهاجر العربي في الغرب يعامل معاملة أقل من الكلاب حتى ولو حصل على جنسية هذا البلد أو ذاك. * ولهذا فالذين يفتخرون بجنسية غير جنسية بلدهم الأصلي مخطئون، ولكن من يدافعون عن جنسيتهم الجديدة هم مواطنون صالحون، لأن الجنسية يجب أن تحمل قيم البلد الذي تنتمي إليه. * وعلى من يحمل الجنسية الفرنسية أن يدرك أنه إذا تنكّر لفرنسا فإنه يكون بذلك خان أصله وبلده الجديد. * ولا أعتبر من"يفوز" بالجنسية من الجزائريين جزائريا، ولا أعتز بأصوله بقدر ما أعتز بانتمائه للبلد الذي منحه الجنسية. * وأعتز بالكثير من دخول الخليج التي تمنح الجنسيات لأصحاب »المواهب والعبقريات« حتى تكرس حضورها في المنتديات الدولية. * صحيح أن كلب بومدين الذي سمّاه "عنتر" مات بالمرض نفسه الذي مات به رئيسه، ولكن الكلاب التي تأتي مع بعض السفراء، وخاصة سفراء فرنسا، لا نعرف حتى الآن ما هي "الكلاب" التي كانت ترافق من كان يستقبلهم. * المؤكد أن كلينتون كان يرقد بجانب كلبه أثناء مشكلته مع "لوينسكي"، ولكنه لم يغيّر كلبه. * أما "باراك أوباما" فقد أعلن أن كلبه الذي سيدخل به إلى البيت الأبيض من فصيل آخر أو بتعبيره من "فصيل خاص". ومادام المهاجرون الجزائرون، في معظمهم، غير أوفياء للجزائر، لأنهم عكس مهاجري المغرب وتونس، همّهم الوحيد هو قطع الصلة المادية مع الجزائر، بإخراج المال العام والوقوف في وجه إدخال العملة الصعبة للجزائر. * مهاجرو الجزائر ممثلون في المجلس الشعبي وأغلبيتهم يحملون الجنسية الفرنسية، وإذا استثنينا"المهاجرين" الذين لم يحصلوا على الجنسية بسبب عدم تسوية أوضاعهم، نتساءل: هل أعضاء البرلمان ممن يمثلون المهاجرين يحملون الجنسية الجزائرية فقط؟ وإذا كان ذلك هو الحقيقة فهل يمثلون مزدوجي الجنسية؟ * * "نحب فرنسا ونحب اللي يحبها" * لا أدري ما هو المبرر لاختيار اللاعب الفرنسي زيدان ليكون شعارا ل"شركة عربية" ولماذا يتم التسويق لحامل الجنسية الفرنسية في بلد فيها رموز كبار للرياضة أمثال "ماجر وبلومي". * يخيّل لي أن هذه الشركة العربية للاتصالات تريد "غرس حب" فرنسا وليس حب الجزائر، وهي لا تختلف عن شركة عربية أخرى صارت تختار مزدوجي اللغة في عملياتها الإشهارية. * ربما يقول البعض: لماذا لا تعترف لبطل فرنسا زيدان وهو من أصول جزائرية؟ أوَلم يمنحه الرئيس طائرته الخاصة؟ * أعتقد أن الجنسية هي التي تجعلنا مواطنين من هذا أو ذاك، وليس الأصول، فأوباما نجح في الرئاسيات لأنه أمريكي ويدافع عن أمريكا، ولا أعتقد أنه سيفكر في بلده الأصلي وينقذه من الفقر، بالرغم من أنه حوّل تاريخ فوزه إلى يوم وطني.إن أصولنا تمنحنا المعتقدات والعادات والتقاليد، أما جنسياتنا فتمنحنا وجودنا واحترامنا للآخر ودفاعنا عن ثوابته. * وبلد زيدان هو فرنسا وليست الجزائر، وإلا فإننا نكون قد أخطأنا في »حق المعمّرين« والفرنسين الذين استوطنوا الجزائر 130 سنة، ومع ذلك فضلوا جنسياتهم على أصولهم الجزائرية.لو كان هناك قانون للإشهار لما اعتدى أصحاب المؤسسات على لغتنا العربية وقيمنا ولما اعتبروا زيدان رمزا لهم. * لقد وقع إشكال كبير بين الفنانة الكبيرة ومصر حين طلب منها أخذ الجنسية المصرية وترددت، لكن اليوم صار »هم الجميع« هو الحصول على جنسية غير جنسيته.والحديث عن تعود الجنسيات يدفعنا إلى القول بأن بعض مسؤولينا حين يأتي المخاض لزوجاتهم يسافرون إلى فرنسا حتى يضمنوا لأبنائهم جنسية جديدة حتى أن البعض يقدر هذه الجنسيات بأكثر من مليون جنسية. * مازلت أذكر أن أحد المسؤولين الجزائريين من حملة الجنسيات العربية رفض أن يدفع راتبه بالعملة الصعبة حتى تدخلت السلطات لدى زوجته فأجبرته على قبول ذلك. * وإذا أردنا أن نصون بلدنا من أي هزات قادمة فعلينا بالتشدد في الجنسيات بحيث نسحب الجنسية الجزائرية من كل من يحصل على جنسية أخرى. والجنسية إذا لم تتحول إلى "هوية" فإن البلاد تفقد هويتها. وأعتقد أن بعض مسؤولينا ممن يحملون جنسيات أجنبية عليهم بمغادرة "المناصب"، حتى لا يأتي يوم ويذكرنا الفرنسيون »برئيس أول حكومة جزائرية "حيث استغرب ديغول كيف يفاوض "الاندماجي"، وأذكر أن انقلاب 11 جانفي 1992 الذي قاده الجنرال خالد نزار فشل "لأن السفير الفرنسي"رفض دعمه، بحجة أنه ضد"تسلم حزب فرنسا« قيادة الجزائر. * والمهاجرون هم ثلاث فئات: * الأولى، هم أولئك الذين يحصلوا على الجنسيات الأخرى، وهؤلاء يجب أن يتم إلغاؤهم من قائمة المهاجرين. * والثانية هم أولئك الذين يمثلون "الترابندو"، وهؤلاء يمثلون مشكلة مشتركة بين الجزائر والدول التي يوجدون فيها. * أما الفئة الثالثة فهي فئة الأساتذة والأطباء والكتاب والمثقفين والصحافيين... إن هذه الفئة الثالثة لم تستطع أن تتبوأ مكانة محترمة في أوروبا بينما تبوأت أمكنة مهمة في الأقطار العربية وخاصة الخليج. * وهذا يعني أن الكفاءات الجزائرية بلغة العدو ماتزال عليها علامة استفهام في "أرض أمّها"، بالرغم من ثقلها السياسي في الجزائر؟ * فهل يأتي اليوم الذي نتحاسب فيه بعيدا عن الأجنبي؟.