خصص رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، الجزء الأكبر من كلمته أمس، في اختتام الدورة البرلمانية الخريفية، لإبراز الحصيلة الإيجابية لهيئته بعد مرور عشر سنوات على تأسيسها والدفاع عن موقع الغرفة البرلمانية العليا في التعديل الدستوري القادم، داعيا إلى تقويتها ومدها بصلاحيات ومجالات تدخل أوسع. وقال بن صالح، مخاطبا الحضور من كبار مسؤولي الدولة، يتقدمهم رئيسا الحكومة والمجلس الشعبي الوطني: "لقد آن الأوان لتقييم جهد الهيئة وجدواها". وأضاف أن التعددية المؤسساتية لم تعد مجرد تجربة، بل أضحى مجلس الأمة "حقيقة متجذرة يتوجب ترسيخها وتوسيع مجالات عملها"، موحيا بوجود تخوف مما سيأتي به الدستور القادم ورغبة في نفس الوقت في أن يأخذ منحى مرضيا، حيث نبه صراحة مهندسي مشروع التعديل الدستوري الى أنه حان الوقت.. لكي يحكم القانون الأساسي للدولة في دورة (مجلس الأمة) ومهمته بما من شأنه تحوير الأحكام السارية بما يتماشى ومزيد من الانسجام في ظل وضوح مهام وصلاحيات المؤسسات". بن صالح الذي حرص في كلامه على القول إن اقتراحاته تعبر عن "فهمه الخاص للدور والمهمة والآفاق المتصورة"، انتقد الآراء التي ظهرت سابقا تدعو لإلغاء مجلس الأمة والعودة إلى توحيد البرلمان في مؤسسة واحدة، وكان أبرز هذه الآراء قد صدر من رئيس الحكومة، عبد العزيز بلخادم، عندما كرر أكثر من مرة أن استحداث مجلس الأمة جاء لاعتبارات ظرفية خاصة زالت الآن، ويقصد بذلك وضع حاجز أمام سيطرة الإسلاميين على البرلمان. وقال بن صالح، في هذه السياق، إن مجلس الأمة "أنشئ في ظرف تاريخي وسياسي مميز، لكنه أنشئ أيضا في إطار منظور طموح.. وكان فضاء للنقاش وأعطى لمضمون النصوص التشريعية كل الجدية والرصانة المطلوبة". ورد على من قالوا إن مجلس الأمة أثبت عدم جدواه وفعاليته وتحول الى مجرد مكتب بريدي لتسجيل مشاريع القوانين القادمة من الغرفة السفلى، قائلا "البعض اعتبر هذا الهدوء ركودا والبعض الآخر قال إنه تخلى عن المسؤولية.. والحقيقة غير ذلك". ولم يطل رد رئيس الحكومة، عبد العزيز بلخادم، طويلا وقال للصحفيين مباشرة بعد انتهاء خطاب بن صالح إن "التعديل الدستوري القادم لن يلغي مجلس الأمة، بل سيقوي صلاحياته" دون أن يحدد طبيعتها، لكن الحديث في كواليس مجلس الأمة، أمس، كان يدور حول اقتراح بمنح الغرفة حق إدخال تعديلات جزئية على نصوص المشاريع القانونية والمبادرة بلجان تحقيق برلمانية ومساءلة الحكومة واستجوابها، وهي كلها صلاحيات يبقيها الدستور الحالي حصرا في يد الغرفة السفلى. عبد النور بوخمخم