أطلقت الصين حملة واسعة تستغرق ستة أشهر تحت اسم "اصطياد الثعالب" بهدف تعقب المسؤولين الحكوميين المتهمين بقضايا فساد وجرائم مالية واقتصادية والفارين من العدالة إلى خارج الأراضي الصينية. وتأتي الحملة كجزء من حرب أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ لمكافحة الفساد منذ تسلمه زمام السلطة في البلاد قبل عامين، وقد طالت العديد من المسؤولين في قمة الهرم القيادي للحزب والدولة، أو من أُطلق عليهم اسم "نمور الفساد". وكان النائب الصيني العام قد طالب المصارف والشرطة وجميع الوزارات والأقسام المعنية بتوحيد الجهود والتنسيق والتعاون فيما بينها، وتشكيل شبكة قومية عابرة للحدود لإنجاح الحملة. وأضاف في تصريح لوسائل إعلام محلية، أن ذلك يتطلب قدرات فائقة على الإقناع وإلماماً واسعاً بقوانين الدول وبالقانون الدولي لاستعادة الأموال المنهوبة، وفق وصفه. وقال خو للجزيرة نت إن "النفوذ الواسع والسلطات المطلقة الممنوحة للمسؤولين الصينيين تسمح لهم دائماً بالعثور على ثغرات في القانون ينفذون منها، كاستخراج عدة جوازات سفر والعلم المسبق بالتحقيقات وبلجان التحقيق التي ستتولى التحقيق معهم". ويرى الخبير الاجتماعي أنه يجب حل المشكلة من جذورها، وذلك بسن قوانين تلزم المسؤولين الحزبيين والحكوميين بالإعلان عن ثرواتهم والسماح لوسائل الإعلام بمزيد من الشفافية في الكشف عن تجاوزاتهم. ويبدو أن الصين رغم اتساعها باتت تضيق على المسؤولين الفاسدين، فحمل الكثير منهم أموالهم التي اكتسبوها بطرق غير مشروعة ولاذوا بالفرار إلى خارج البلاد. ووفق إحصائيات أجرتها الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، قدرت أعداد مسؤولي الحزب والدولة ومديري الشركات الحكومية الذين تمكنوا من الفرار خارج البلاد خلال السنوات الأخيرة بنحو 180 ألفا نجحوا في تهريب نحو 130 مليار دولار من المال العام. وترجح مصادر مستقلة أن الأرقام الحقيقية تتجاوز ذلك بكثير. غو إي بينغ نائب محافظ مدينة لو يانغ في مقاطعة خنان اختفى عن الأنظار برفقة مدير شركة حكومية في المدينة منذ شهرين، كما اختفى مسؤول آخر في المقاطعة يدعى يانغ خونغ يانغ منذ ما يزيد على سبعة أشهر. "الصين وقعت أكثر من مائة اتفاقية مع نحو 63 دولة في مجال التعاون القضائي وتبادل المجرمين، لكن معظم تلك الاتفاقيات لم يتم تفعيلها بشكل جيد" وأعلنت حكومة المقاطعة عن جائزة تقدر بمائة دولار لمن يدلي بأي معلومات عنهم أو عن مكان اختبائهم، الأمر الذي أثار موجة تهكم وسخرية على مواقع التواصل الإجتماعي، فقد علق أحد المواطنين "يمكننا الحصول على مكافأة مماثلة لو أدلينا بمعلومات مماثلة عن كلب ضائع لأحد الأغنياء، وليس لمسؤول نهب ملايين الدولارات من قوت الشعب"، مما اضطر سلطات المقاطعة إلى إصدار بيان للرأي العام توضح فيه أن الرجل كان قد خضع للتحقيق والاستجواب بتهمة استغلال النفوذ وإهدار المال العام قبل اختفائه. يذكر أن الصين وقّعت أكثر من مائة اتفاقية مع نحو 63 دولة في مجال التعاون القضائي وتبادل المجرمين، لكن معظم تلك الاتفاقيات لم يتم تفعيلها بشكل جيد. وانضمت الصين إلى منظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول) عام 1984، وتمكنت خلال عام 2013 وحده من استعادة نحو 762 من مواطنيها الفارين من العدالة في عدة دول، وكذلك استعادة نحو ملياري دولار من الأموال المنهوبة. لكن لوحظ أن ذلك اقتصر على بعض الدول التي ترتبط بعلاقات صداقة مع الصين مثل كمبوديا وزامبيا اللتين سلمتا أكثر من سبعين مواطناً صينياً لسلطات بلادهم خلال الشهرين الماضيين.