من غير المستحب أن تطرح خلافات المسلمين على صفحات الجرائد ولكن عندما يصبح أمن الناس وحياتهم ومصالحهم ومستقبلهم في خطر فلا بد من تبيان الحق مهما كلف من ثمن، لأن أي ثمن هو أقل بلا شك من حياة المسلمين وكرامتهم وأمنهم. عندما يقول الدكتور الظواهري انه لا بد من طرد المستعمرين الصليبيين من ديار المسلمين في العراق وأفغانستان والصومال وإزالة الكيان الصهيوني من على أرض فلسطين فإنه يجد من كل مسلم حر وعربي غيور تأييدا لما يقول ولايختلف معه في هذا المقصد أحد.. ويبدأ الاختلاف مع الدكتور الظواهري عندما يبدأ التحليل عن الأنظمة والأحزاب فيختصر الدكتور عملية التحليل والفهم إلى إصدار أحكام لا تخلو من قسوة حتى على كثير من الإسلاميين، الأمر الذي يبعده عن خط أهل السنة والجماعة في فلسفتهم السياسية الجامعة غير المفرقة.. فيوسع الدكتور جبهة أعدائه بشكل عدمي ولا ينتظر من أحد تبريرا ولا يفرق بين من ينفذ أمر العدو قهرا وكرها، ومن ينفذه مشاركة ورضا، الأمر الذي يعني مجددا أن قصورا يحيط بموقفه في فهم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفهم خط الأنبياء المعتمد على التدرج والحكمة وتجميد جبهات الصراع والتركيز على حلقة واحدة وتوسيع جبهة الحلفاء والأنصار.. وهكذا نرى الدكتور يجعل من نفسه مرجعا أوحد للموقف الإسلامي لجميع العاملين في حقل الدعوة الإسلامية، يندد بهذا ويطعن في هذا، ويعلن الحرب على هذا وتضمحل الاجتهادات الإسلامية لديه ولا يبقى سوى البندقية التي يصر أن تكون بارزة في الصورة التي تلتقط له.ولو ظل الأمر في حدود الاختلاف الفكري والنظري لهان.. لكن المشكلة أن أفكار الدكتور الظواهري قد أصبحت مسلحة بالبارود وهي تقرأ على لحوم البشر أكثر من قراءتها في الكتب.. ومنذ أعلن الشيخ أسامة بن لادن عن مسؤولية القاعدة في تفجير البرجين في الولاياتالمتحدة ادعاء لا سند له إلا اتهامات إدارة بوش، وان الحسبة الأولية لهذه الفعلة تفيد بأن المسلمين قد خسروا مقابل البرجين بلدين كبيرين العراق وأفغانستان، وبلدين في طريق الضياع السودان والصومال.. ونعيش الفوضى القاتلة في مجتمعاتنا جراء فتح المعركة الشاملة ضد ما يسميه الدكتور أولياء الصليبية، وهكذا تصبح الحرب المفتوحة على الأعداء ومن والاهم حسب تصور ابن لادن والظواهري تقع على عنوانين خطيرين.. الأول باستهداف الأمريكان والأوربيين في بلادهم وهذا خطأ عظيم، لأنه يجر من الكوارث على المسلمين ما لا طاقة لهم به.. أما استهداف من والاهم!! فهذا إثم عظيم، فيه إثارة فتن وبلبلة وقهر وتعطيل مصالح العباد وتمكين للعدو من الديار.لا ادري إن كان الدكتور سيقرأ كلماتي هذه؟ أقول له اتق الله في أعراض المسلمين وفي ضعفهم ودمهم والحكمة ضالة المؤمن.