سالم زواوي يعيش المجتمع الإسرائيلي بكل فئاته هذه الأيام حالة من الذعر والإحباط لم يعشها من قبل في أعقاب نشر التقرير النهائي للجنة التحقيق الإسرائيلية في أسباب هزيمة الجيش الإسرائيلي بكل عدته وعتاده أمام المقاومة الوطنية اللبنانية في عز صيف 2006 بقيادة حزب الله. وهو التقرير الذي سمى الأسماء بأسمائها واعترف ضمنيا وظاهريا بالهزيمة النكراء التي مُني بها الكيان الصهيوني لأول مرة منذ قيامه في قلب الأمة العربية، على الرغم مما لهذا الاعتراف من آثار وخيمة على هذا الكيان المصطنع وعلى مستقبله في المنطقة، وهذا في الوقت الذي كانت كل الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج تتمنى أن تكذب لجنة فينوغراد على الشعب اليهودي. وتخفي عنه الحقيقة وتحول الهزيمة إلى نصر تماما كما تفعل لجان التحقيق التي تنصبها هذه الأنظمة من أجل طمس الحقائق والكذب على الشعوب العربية، وبما يستُر عار هذه الأنظمة في وقوفها إلى جانب إسرائيل وجيوشها في حرب صيف 2006 وتمنيها أن ينهزم حزب الله ويسقط جميع مناضليه وجنوده أسرى في يد اليهود على اعتبار أن هذا الحزب أو هذه الفئة من أخيار المسلمين والعرب، تشكل منظمة إرهابية من وجهة النظر الإسرائيلية والأمريكية، والوقوف ضدها وإلى جانب الجيش الإسرائيلي يُشكل مصدرا آخر للشرعية التي تمنحها إسرائيل وأمريكا لحكام العرب، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وإذا كان هذا الاعتراف الرسمي بأول هزيمة إسرائيلية في تاريخها أمام مقاومي حزب الله لن يثني إسرائيلي وآلتها العسكرية عن الاستمرار في الوجود بنفس الطرق والأساليب اللاإنسانية المعروفة، بل سيدفعها حتما إلى البحث عن تجديد آلاتها الحربية وترساناتها من الأسلحة الفتاكة وإنتاج دبابات أخرى غير الميركافا التي كانت تتساقط الواحدة تلو الأخرى في لبنان، فإن الأنظمة العربية العميلة ستحاول البحث عن طرق أخرى لاستقطاب الشرعية من أمريكا وإسرائيل، بالإضافة إلى ما تحاوله من اندماج وغرق حتى الأذنين في السياسة الأمريكية الإسرائيلية المتعلقة بمكافحة ما يسمى الإرهاب الدولي. ومهما كان، فإن الدرس التاريخي والأساسي من تلك الحرب وهزيمة الترسانة الإسرائيلية فيها وانتصار مقاومة حزب الله وهو أن دحر إسرائيل واجتثاثها من قلب الأمة العربية سيظل ممكنا إن توفر الحد الأدنى من الإرادة والإخلاص وتمّ التحكم في أبسط التكنولوجيا المعلقة بصناعة الصواريخ ولو بواسطة البريكولاج، سيبقى هذا الدرس ماثلا في وعي الشعوب العربية وأجيالها الجديدة، على الرغم مما تلاقيه من الأنظمة العربية ومن إسرائيل وأمريكا من رقابة ومنع.