دق المهندسون المعماريون، ناقوس الخطر بخصوص تهريب العملة الصعبة من قبل لوبيات إنجاز المشاريع السكنية المعتمدون بالجزائر، الذين حظوا بعشرات الآلاف من الشقق، وطرحت بالمقابل لجوء الوزارات الأخرى والمؤسسات الوطنية غير التقنية التي لا تفقه في المشاريع إلى مكاتب الدراسات الأجنبية لإنجاز المشاريع بمبالغ هائلة وعدم التعامل مع المكاتب الوطنية تحت طائلة "داعي الاستعجال". فجر رئيس الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين، جمال شرفي، فضائح من العيار الثقيل، بخصوص نهب المتعاملين الأجانب وعلى رأسهم الصينيون والأتراك لأموال الجزائريين وتحويلها إلى الخارج دون أي رقابة أو متابعة من قبل السلطات الجزائرية، في ظل غياب آليات متابعة للمشاريع المنجزة من قبل هذه المقاولات، وقال شرفي أن مكاتب الدراسات الأجنبية وفي إطار الاحتيال على القانون تتعامل مع مكاتب الدراسات الجزائرية المضطرة للتعاقد معها في إطار التعليمة الصادرة عن وزارة السكن والعمران في 5 مارس 2014، والمتعلقة بضرورة تصديق الهيئة الجزائرية على مختلف الدراسات، غير أنها لا تمنح مكاتب الدراسات الجزائرية النسبة المتفق عليها في القانون، حيث تطلب منها فقط التأشير على الدراسة مع منحها نسبة متدنية من قيمة الصفقة لا تتجاوز في غالب الأحيان 0 .5 في المائة على الرغم من أن القانون يحدد نسبة من 2 إلى 5 في المائة، وتقوم بتحويل ما تبقى من نسبة الأرباح إلى الخارج هي في الأساس حق المهندسين الجزائريين. وتستغل هذه المقاولات الثغرة الموجودة في القانون المتعلقة بكيفية حساب أتعاب المهندس، في شقها المتغير المتعلق بالمتابعة، إذ تمنح المهندس نسبة ضئيلة في الشق المتعلق بالدراسة، وتأخذ الباقي المتعلق بالمتابعة وهو الشق الذي يرفض المهندسون تحمل مسؤوليته بسبب المتابعة الجزائية التي تضع المهندس في واجهة أي خطأ ينجم عن إنجاز السكنات. ودعا شرفي وزارة المالية للإفراج عن مشروع المرسوم المتعلق بمراجعة كيفية حساب أتعاب المهندسين الموجود بأدراج الوزارة منذ سنة كاملة، بما يمكن من استرجاع هذه الفئة لحقوقها، وذكر المتحدث أن بعض مكاتب الدراسات الأجنبية لا تبذل أي جهد في دراسات الانجاز، إذ تقوم بمعاودة النمط المعماري ذاته المعتمد في مختلف ولايات الوطن، ولا تخسر أي دينار في ذلك، إذ ما عليها سوى قص ولصق النموذج وتطبيقه دون الأخذ بعين الاعتبار تضاريس المنطقة أو تقاليدها، معلنا بالمقابل عن استغلال مكاتب الدراسات الأجنبية لتأشيرات سياحية للعمل بالجزائر رغم أن القانون واضح. المشاريع بيد جزائرية والأرباح للأجانب وذكر شرفي أمثلة عن نهب الأجانب للمال الجزائري، حيث حصلت مؤخرا مؤسسة تركية على مشروع وطلبت من مكتب الدراسات الجزائري القيام بكل الدراسات مقابل نسبة 0.2 في المائة من قيمة المشروع رغم التعاقد معه على نسبة 2.2 في المائة، وهو الشأن ذاته بالنسبة لشركة صينية تعمل بالمدية، بومرداس ووهران حيث منحت هذه الأخيرة نسبة 0.5 في المائة لمكتب الدراسات الأجنبي، رغم أن العقد أبرم على أساس 3.5 في المائة، وتستغل في خرق القانون قيام المقاولات بعمليات المخالصة دون رقابة لا قبلية ولا بعدية، وتوجه الأرباح إلى الخارج، رغم أنه من المفروض أن تبقى أموال الصفقات المبرمة بأرض الوطن. وطرح رئيس الهيئة مشكل تعامل القطاعات الأخرى مع المكاتب الأجنبية، إذ يحصل هؤلاء على صفقات حسب نسبة التفاوض أو قيمة الصفقة مستندين إلى ما يعرف بالتحكيم الدولي، حيث تصرف مبالغ ضخمة باختيارها المكاتب الأجنبية تحت غطاء الصفقات الوطنية والدولية "رغم أن الصفقة منذ فتحها موجهة للأجانب" - يقول المتحدث -.
وفتح المتحدث ملفا آخر يتعلق بنهب المال العام من قبل هؤلاء المتعاملين، إذ تؤكد معطيات رسمية أن أغلبهم خصوصا الصينيين منهم يحصلون على تراخيص لإحضار عمال صينيين يتم استغلال عدد قليل منهم في المشاريع المتعاقد عليها، فيما توجه النسبة الباقية للعمل مع الخواص، وذكر أن هناك من يرخص لإحضار 3 آلاف عامل يستغل 200 منهم في المشروع ويؤجر البقية للخواص بالنظر إلى عدم وجود اليد العاملة المؤهلة بالجزائر، ولم يقتصر الأمر على العمالة فقط بل تعداه إلى استغلال مواد البناء والإسمنت بالنظر إلى أن إنجاز المشاريع السكنية من قبل هؤلاء يمنحهم أولوية الحصول على المواد، حيث يقومون بتحويلها إلى السوق السوداء بمبالغ تنافسية تحول أرباحها إلى الخارج، لتبقى المشاريع الجزائرية رهينة التأخير الذي يسجل في كل مرة.