أكد زعيم حركة النهضة الإسلامية بتونس الشيخ راشد الغنوشي أن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة بتونس لا تعد هزيمة للحركة، وإنما دليل على رغبة التونسيين في التعددية والديمقراطية وأنه لا عودة للدكتاتورية ولحكم الحزب الواحد، مؤكدا أن ما حدث في مصر من الصعب أن يتكرر بتونس. وأضاف الغنوشي في حلقة الأربعاء (12/11/2014) من برنامج "بلا حدود" أن فوز حزب حركة النهضة بالمركز الثاني في الانتخابات التي أجريت مؤخرا لم يكن صادما أو مفاجئا للحركة وإنما كان متوقعا في ضوء ما أظهرته استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات. ونفى زعيم الحركة أن يكون تصدر حزب نداء تونس الانتخابات التشريعية يشكل عودة للنظام القديم إلى الواجهة بإرادة شعبية، مؤكدا أن كل من يعمل في إطار الدستور والقانون هو مواطن كامل المواطنة وله حق المنافسة بدون تمييز، معتبرا أن النتيجة تشكل فوزا للديمقراطية في تونس، وتعتبر مثالا يجب أن يحتذى به في العالم العربي. وشدد الغنوشي على أنه لا توجد لدى الحركة مخاوف من عودة النظام القديم، معتبرا أن الحالة الديمقراطية في تونس تفرض على الجميع نبذ الإقصاء، خاصة في ضوء ما اتضح من الانعكاسات السلبية للإقصاء والعزل السياسي في دول مجاورة، وبالتالي يجب ألا نكرر الأخطاء، وألا ننقل ما ورثناه من أحقاد للأجيال المقبلة. وجدد زعيم الحركة تأكيده على أن نتائج الانتخابات يجب أن ينظر إليها باعتبارها انتصارا نسبيا للنهضة، فهي انتخابات تشريعية وليست رئاسية ليكون فيها خاسر وفائز، وقال إن الشعب التونسي أرسل رسالة واضحة، مفادها أنه يريد حكومة ائتلاف وطني وليست حكومة الحزب الواحد التي انتهت إلى غير رجعة. وأوضح أن تونس في هذه المرحلة من تاريخها تحتاج لحكومة وحدة وطنية ائتلافية، لأنها تواجه تحديات كبيرة لا يمكن أن ينهض بها حزب واحد، مضيفا أن النهضة تعتبر نفسها الآن في المعارضة، وستمارسها بموضوعية ومسؤولية وليس بعنجهية، وليس لدى الحركة أي شروط مسبقة للمشاركة في الحكومة مع "نداء تونس" أو مع أي فصيل سياسي آخر. وبشأن تشكيل الحكومة المقبلة، أكد الغنوشي أن الاستبداد بالسلطة غير وارد، وبالتالي فإن المطلوب هو التعددية التي ارتضاها الشعب التونسي، واستبعد أن تتشكل الحكومة من وزراء تكنوقراط، معتبرا أن الأصل أن الأحزاب تنتخب لتحكم، والتكنوقراط استثنائي "ونحن مع الاستعانة بكل الكفاءات التونسية من الأحزاب وغيرها". وبشأن الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 23 من نوفمبر الجاري، قال الغنوشي إن الحركة لم ترشح قائدا لمنصب الرئيس لأن ذلك قد يحدث استقطابا في الدولة "وهو أمر مهلك للديمقراطية، لذلك ضحينا بهذا المنصب الذي أدى بأقطار أخرى إلى الانهيار ولذلك لم ننحز إلى أي مرشح". وأضاف أن النهضة دعت إلى رئيس توافقي وتركنا الحرية لأنصار الحركة أن يختاروا من يشاؤون من المرشحين، ولم نوجه أحدا لاختيار أي من المرشحين الرئاسيين ال27. ولم يستبعد الغنوشي أن يكون رئيس البرلمان أو الحكومة المقبلين من حركة النهضة، وقال "سنكون في الحكم سواء تولينا مناصب أم لا، لأن الشعب التونسي اختارنا". وبشأن ما تشهده العديد من دول الربيع العربي من اضطرابات، قال "هناك تعثرات للربيع العربي، نتيجة تعقد الأوضاع، لكن الربيع التونسي صامد وله إنجازات متكررة تعطي أملا للبلدان الأخرى، ونحن على يقين بأن الربيع العربي سينجح، والأمر يحتاج فقط لبعض الوقت". وأوضح أن ما حدث في مصر كان له أثر بالغ على تونس "وأخذنا العبرة مما حدث هناك"، لكنه أكد أن "الأوضاع المصرية من الصعب أن تتكرر في تونس، فالجيش المصري متغلغل في السياسة بخلاف نظيره التونسي، كما أن الموقع الجغرافي لمصر جزء من صراعات دولية كبيرة". وشدد الغنوشي على تفاؤله بنجاح ثورات الربيع العربي، وقال "الشعوب لن ترضى أن تحكم بأنظمة بالية.. العفريت خرج من القمقم ومستحيل ترجعه، هي مسألة وقت فقط".