إلى أي مدى يشكل الملف الأمني ورقة انتخابية لدى المرشحين للرئاسيات؟ يمكن القول أن الملف الأمني أهم ملف يدخل به المرشحون للانتخابات الرئاسية التي تجرى غداً الأحد، سواء أكان الأمر بالنسبة لهم صدقا او كذبا، السياسيون يتحدثون عن الملف الأمني ومنهم من ساهم في تدهور الوضع الأمني بتشجيع الطرف وإطلاق سراح التكفيريين والمجرمين وقطع العلاقات مع سوريا والموقع وتشجيع النموذح القطري الأردغاني.
يعني أن الملف الأمني أهم من الشأن السياسي والاقتصادي؟ نعم هو أهمّ من الملفين السياسي والاقتصادي؛ ففي ظل الإرهاب لا يمكن الحديث عن استقرار سياسي وبالتالي عدم بناء بنية اقتصادية، ومثلما يقال رأس المال خوّاف، لا يمكن المغامرة بالبدء في مشاريع استثمارية في ظل وضع أمني متردي، وفي الوضع الذي تحياه تونس حيث يتم تهريب السلع الغذائية إلى ليبيا وبالمقابل إدخال المخدرات والسلاح منها، لا أعتقد أن هذه المؤشرات تشجع أي مشروع اقتصادي، وإجمالاً الإرهاب والوضع الأمني غير المستقر ليس من شأنه أن يشجع على إقامة أو بناء أي مشروع سواء كان سياسيا أو اقتصاديا، حضارياً أو اجتماعيا.
هل حديث بعض المرشحين عن مخططات إرهابية لاستهدافهم حقيقة أم مجرد غزل انتخابي؟ يمكن أن يكون غزلا، أو حقيقة، ويمكن أن يجمع السببين معا، مع التسليم أن الجميع معرض للاستهداف من طرف العناصر الإرهابية، وهو الأمر الذي حدث مع باجي قايد السبسي، والمعلومات المتوفرة تفيد بذلك وقد جرى القضاء على إرهابي بمدينة سيدي بوزيد كان من بين العناصر التي تعمل لاستهداف الباجي، وهذا الأمر قد صدر من قبل المرشح الآخر سليم الرياحي، ومن وجهة نظري الإرهاب يبحث عن التموقع والظهور بمظهر القوي عبر استهداف الشخصيات الوطنية. السؤال الذي طرحته، يدفعنا كذلك للبحث عن أسباب توسع الإرهاب، والأخطاء التي حصلت في الإستراتيجية الأمنية وإخفاقات السلطة الحاكمة في التعاطي مع الظاهرة، من خلال قطع العلاقات مع سوريا وبالتالي تفويت الفرصة في التنسيق معها حيال ملف الجهاديين التونسيين هنالك وإمكانية عودتهم وعدم معرفتهم حتى، وإفشال التنسيق الأمني مع الجزائر، حيث سبق للمنظومة الحاكمة السابقة في تونس تخوين الجزائر واتهامها بتدبير عمليات إرهابية داخل تونس وهو أمر مثيرٌ للاشمئزاز، زيادة على تفضيل السلطة الحاكمة كما قلت لحفاء آخرين كقطر وتركيا عبر دعم المشروع الاردغاني تحديدا.
إذن الإرهاب في نظرك صناعة منظومة حكم؟ أقول أن هنالك إخفاقا من النخبة الحاكمة في تسيير الملف الأمني سواء بعجزها أو حمقها أو تواطئها، أنتج تراكمات تدفع تونس ثمنها الآن، فعندما يتم قطع العلاقات مع سوريا، والتشجيع العلني من قبل مسؤولين وأنا هنا أذكر وزير الشؤون الدينية السابق في حكومة النهضة نور الدين الخادمي من منبر مسجد الفتح وسط العاصمة تونس الشباب للقتال في سوريا تحت مسمى الجهاد، وإطلاق سراح أبي عياض بما يمثله من خطر ولأكثر من مرة، والإفراج على المئات من المجرمين والتكفيريين، وكما قلت دعم قطر على حساب الجزائر، وكان آخر ترّهات الإمارة الخليجية الفيلم البائس الذي بثته "الجزيرة" لتقول لنا إن زوجة شكري بلعيد هي من تقف وراء مقتله.
وماهو الحل الآن؟ تجب إعادة هيكلة عمل الدبلوماسية البائسة في تونس، وعلى الرئيس القادم تفعيل منظومة أمن الدولة وإعادة النصاب الدبلوماسي والتعاون مع كفاءات الجيش والأمن الوطنيين.
كيف يمكن تفسير تزامن العمليات الإرهابية مع المواعيد الانتخابية، هل هو مخطط له أم محض صدف؟ الإرهاب صياد، ويبحث عن تنفيذ عمليات في أوقات معينة، سواء في مواسم دينية، أو أيام وطنية، من اجل الظهور الإعلامي، لكن هنالك تحولا كبيرا حصل؛ فقد كان الإرهابي يخطط وينفذ مخططاته، لكن في الفترة الأخيرة صار الإرهابي يخطط ورجل الأمن يجهض المخطط، وهو ما حصل في عمليات واد الليل، أو في سيدي بوزيد في اليومين الأخيرين.