يعود المخرج المسرحي الجزائري المخضرم "محمد شرشال"، الخميس المقبل (18.00) إلى أحضان المسرح الوطني الجزائري، ب"فن الكوميديا"، ولأنّ صاحب "الملك يتماوت" يؤمن بإبداع يزيل أدران المكان، ويحوّل السكون المزمن إلى ديناميكية هادرة في الزمن والفعل، فضّل "شرشال" مشاغبة الصراع المزمن بين صولجان "السلطة" وكينونة "الفنان"، بما سيغطي على نجومية 23 محاربا يملأون الجزائر صخبا هذه الأيام. في إنتاج جديد لتعاونية ضياء الخشبة – مدينة تيارت -، سيكون انبعاث "شرشال" بباكورة مستحدثة اقتبسها وجسّدها عرّاب "هاملت" (جويلية 1998) عن رائعة الدراماتورج الايطالي الشهير "إدواردو دي فيليبو" (24 ماي 1900 – 31 أكتوبر 1984)، ويسعى "شرشال" في ازدواجية الاقتباس والإخراج إلى إعادة صياغة الأشياء، والبحث في الثنايا عن روح التحفز، عبر سيرورة منشط فرقة مسرحية متنقلة، يستدرجه رئيس منطقته إلى مناقشة أزمة المسرح ووظيفيته. ويتحوّل سجال المنشّط والرئيس إلى صراع، فعلى منوال رؤية "دي فيليبو" في المسرح الفكاهي الشعبي: (يمكن سرد تاريخ الإنسانية في خمس تمثيليات)، يندفع المنشط لإقحام عدة شخصيات محلية في الفرقة، دفاعا عن حيوية وفاعلية الركح. ووسط تكثيف درامي، تتداخل الأحداث وتتشابك على نحو مشرّع بحثاً عن الحقيقة في طرق صادقة تفتح مخيلة الآخرين على مصراعيها لتنطلق منها وإليها الحقائق في عصر "انحطاط القيم"، وفق لسان حال "إدواردو" وهو يخاطب العالم قبل وفاته: "في هذه الليلة أريد أن أشاهد المسرح من القاعة، وأريد أن أرى المسرح وهو يسير، أريد أن أرى مسرحاً يستبسل". عمالقة الظلّ يحتدم عرض "فن الكوميديا" بحراك العديد من الشخصيات الهادرة، ك"جلول لعياشي" رئيس الفرقة، وهو أنموذج يحمل همّ المسرح ويرافع من أجل الفنان، في مواجهة الرئيس "سيد علي ركيك"، كما ينبض العمل بشخوص الأمين العام، الصيدلي، الحاجب، شيخ الزاوية وكذا "المدلّلة". ويشارك في العرض كوكبة من المؤدين المتميزين على منوال: "عبد القادر دقيش"، "رابح بن سعيد"، "إبراهيم بوعزة"، "مليكة قيطني"، "إسماعيل جلاّب"، "محمد بن قطيب"، "محمد حاج سعيد" و"علي ركيك"، في حين قام "يوسف ركيك" بتأثيث الفضاء المسرحي بحضور "ديكوري" ل"هواري بورحلة"، وساعد في الإخراج "عبد الحق ساعد". واللافت في طاقم "فن الكوميديا"، استيعابه وجوها "عملاقة في الظلّ" سيكتشفها الجمهور، على غرار "عبد القادر دقيش" صاحب 45 سنة في خدمة المسرح الهاوي، ويصفه "شرشال" ب"الثائر الأبدي على كل ما هو زائف". وإلى جانب "دقيش"، هناك "رابح بن سعيد"، وهو من أقدم العناصر الناشطة في المسرح الهاوي التيارتي، الذي سيؤدي دورا يجمع كل الشخصيات، كما سيعرف العمل ظهورا خاصا ل"محمد حاج مسعود"، وكذا "إبراهيم بوعزة" وهو المنضبط الذي يحسن إضحاك الناس بالوضعية والأداء السليم، تماما مثل "محمد بن قطيب"، الذي يُعتبر "موهبة منسية" في ضاحية "الرحوية" لعاصمة الرستميين التاريخية، وكأيقونة نسوية، تتموقع "مليكة" التي يناديها الأقربون "نينا"، ويؤكد "شرشال" إنّها "تذكّر من يشاهدها بالزمن الجميل عبر أداء صادق يستهوي عشاق الجمال". وسيتسنى لعشاق أب الفنون، ممن لن تسعفهم الظروف لمواكبة عرض الخميس بالقاعة الكبرى للمسرح الوطني الجزائري، للتدارك ومتابعة عرض ثان سيكون متاحا عصر الجمعة المقبل (16.00) على مستوى الفضاء ذاته. تابعوا القصة الكاملة لعمل يرفض التنميط: