التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الثلاثاء، العاهل السعودي الجديد الملك سلمان بن عبد العزيز لتقديم العزاء في وفاة سلفه الملك عبد الله في زيارة تبرز أن التحالف "الأمريكي-السعودي" يتجاوز المصالح النفطية ويمتد إلى الأمن الإقليمي. وكان العاهل السعودي الجديد، وكبار الأمراء والمسؤولين السعوديين في استقبال أوباما وزوجته ميشيل، وكان من بين المستقبلين، ولي العهد الأمير مقرن وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف ووزير النفط علي النعيمي. وقال مسؤول أمريكي، إن الملك سلمان - في أول محادثات رسمية مع وفد أجنبي رفيع المستوى منذ وفاة أخيه غير الشقيق يوم الجمعة - لم يبد تحفظات على المفاوضات التي تقودها الولاياتالمتحدة بهدف كبح البرنامج النووي الإيراني. ولم يتضح ما إذا كانت تصريحات الملك سلمان على المحادثات النووية قدمت إشارة للتغيير. وتشعر السعودية أكبر قوة سنية في منطقة الشرق الأوسط بالقلق إزاء إمكانية أن تؤدي المحادثات إلى تقارب بين الولاياتالمتحدة وأكبر قوة منافسة للمملكة وهي إيران التي يقودها الشيعة. وقال المسؤول الأمريكي للصحفيين على متن طائرة الرئاسة بعد اجتماع بين القادة في قصر عرقة وسط الرياض، إن الملك قال إنه لا ينبغي السماح لطهران بصنع سلاح نووي. وسيكون التوصل لاتفاق نووي مع إيران إنجازاً كبيراً لإرث أوباما. واختصر أوباما زيارته للهند ليتوجه إلى الرياض على رأس وفد كبير يضم 30 عضواً من كبار المسؤولين والجمهوريين المخضرمين وألغى زيارة كانت مقررة إلى تاج محل في الهند. وقال المسؤول الأمريكي، إن العاهل السعودي عبر عن رسالة مفادها استمرارية سياسة الطاقة التي تنتهجها السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. وأضاف أن الملك سلمان أشار إلى أن السعودية ستواصل لعب دورها في إطار سوق الطاقة العالمية وإنه ينبغي ألا يتوقع أحد تغييراً في موقف بلاده. وتجيء الزيارة التي لم يكن جدول أعمال اوباما يتضمنها، بينما تواجه واشنطن صراعاً متفاقماً في الشرق الأوسط وتعتمد على الرياض كواحدة من عدد قليل من الشركاء الدائمين في حملتها ضد داعش، التي سيطرت على مناطق واسعة من العراق وسوريا. وتفاقم القلق الأمني الأمريكي الأسبوع الماضي، بسيطرة الحوثيين الذين تدعمهم إيران على الحكومة في اليمن، في انتكاسة لجهود واشنطن لاحتواء جناح القاعدة هناك والحد من النفوذ الإقليمي لإيران الشيعية. وانهيار الحكومة اليمنية مصدر قلق للسعودية، لأن بينهما حدوداً مشتركة طويلة وبسبب التقدم الذي أحرزته إيران المنافسة الرئيسية للمملكة السنية على النفوذ الإقليمي. وقال المسؤول الأمريكي، إن الزعيمين ناقشا الوضع في اليمن. وعملت السعودية على حشد الدعم العربي، للانضمام إلى الدول الغربية في تحركها ضد داعش، وقوبل ذلك بالثناء من واشنطن التي تقدر هي ودول غربية المملكة كسوق هام للمعدات العسكرية. وعادة ما يحتل الانتقاد الأمريكي لسجل السعودية في حقوق الإنسان مرتبة متراجعة. ومن المتوقع أن يظل كذلك في الأولويات الأمريكية. وفي مقابلة مع شبكة سي إن إن التلفزيونية الأمريكية، قال أوباما، إنه يضغط على حلفاء مثل السعودية في قضايا حقوق الإنسان، لكن عليه أن يوازن بين هذا الضغط وبين المخاوف المتعلقة بالإرهاب والاستقرار الإقليمي. وأضاف: "ما أجده فعالاً مع كل الدول الأخرى التي نعمل معها هو ممارسة ضغط متواصل ومتسق حتى ونحن نقوم بما ينبغي القيام به". وتابع "وفي أحيان كثيرة هذا يجعل حلفاءنا يشعرون بعدم الارتياح. هذا يشعرهم بالإحباط وعلينا في أحيان أن نوازن بين حاجتنا إلى التحدث معهم عن قضايا حقوق الإنسان وبين مخاوف وشيكة لدينا متعلقة بمكافحة الإرهاب أو التعامل مع الاستقرار الإقليمي". وقال المسؤول الأمريكي، إن الرئيس أثار القضية بشكل عام لكنه لم يتطرق إلى قضايا محددة. ورغم التحالف القديم بين البلدين والذي كان حجر زاوية في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، فقد عبرت الرياض عن نفاد صبرها من عدم إقدام إدارة أوباما على بذل المزيد للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وقلقها من السعي الأمريكي لإبرام اتفاق نووي مع إيران. وزاد هذا من شعور بين الحكام السعوديين، بأن أوباما يخذل حلفاءه العرب القدامى وكان أبرز واقعة تخلي الولاياتالمتحدة عن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية عام 2011. وتحسنت العلاقات الأمريكية السعودية حين زار أوباما الرياض في مارس الماضي لرأب الصدع.