"بين هوس تحقيق الشهرة السريعة ونُصرة المنتخب الوطني: خيط رفيع" .. هذا ما كشف عنه أحدث استطلاع أجرته "الشروق" مع عدد من الفنانين والمتخصصين في مجال الأغنية الرياضية، التي أضحت حسب هؤلاء، فنا مناسباتيا و"خبزة" يقتات منها بعض الفنانين. الأمر الذي انجّر عنه في المقابل انسحاب عدد من الفنانين الذين صنعوا ملاحم غنائية في مونديال 2010 على غرار الشاب الياس بوليفان ورضا سيتي 16 والشابة صونيا وغيرهم.. والسؤال المطروح: هل كل من يغني للمنتخب الوطني جدير بذلك؟، ومن هم أكثر الفنانين الذين يصدقهم الجمهور الجزائري في الأغاني الموجهة للخضر؟ .. تابعوا: إلياس بوليفان: "كل من هّب ودب صار يغني للمنتخب الفنان الياس نيزالي، العضو السابق لفرقة "بوليفان"، فتح خلال حديثه ل "الشروق" النار على عدد من الفنانين الذين اتخذوا من مواعيد الخضر في المقابلات الكبرى غطاء ل "البزنسة" بالألوان الوطنية. قائلا: "للأسف أصبح كل من هّب ودب يغني للفريق الوطني. معظمهم يبحثون عن الشهرة والظهور، لهذا قررت أن أكتفي بالأغاني التي قدمتها للفريق الوطني على غرار "من لالجيري قاع نطيرو نروحو لريو ديجانيرو" و"واقفين ما زالنا واقفين" وأن لا أطرح أي جديد". وأضاف الشاب الياس: "في سنة 2010 إبان تأهل الخضر إلى مونديال جنوب إفريقيا بعد 24 سنة من الإقصاء، كان الأمر مشروعا ومقبولا. لكن الأمر مؤخرا زاد عن حده، ولأول مرة شاهدنا مطربين لا علاقة لهم بالغناء الرياضي جرفتهم هذه الموجة، ومن دون ذكر أسماء فالجمهور يعرفهم". ورأى الشاب الياس بوليفان أن فرقة "ميلانو"، "طورينو"، "كاتانيا" هم الأحق بالغناء للفريق الوطني، ومعهم الشابة صونيا وأمين تي تي الذين ارتبطت أسماؤهم بالخضر.
بلال ميلانو: المنتخب مُلك لكل الجزائريين على النقيض من الشاب الياس، رأى بلال ميلانو، صاحب الأغاني الرياضية الأشهر، أن جُل الفنانين من حقهم الغناء للمنتخب الوطني. مُشددا: "كل واحد حُر في التعبير عن حبه وتشجيعه للمنتخب الوطني لأنه منتخب مُلك كل الجزائريين". مشيرا أن لا أحد يستطيع منافسته في مجاله بعد أن ترّبع على عرش الأغنية الرياضية لسنوات، لافتا أن ذلك راجع لطريقته في الغناء التي بإمكان الجمهور أن يميزها ولو من بين ألف أغنية. وكشف ميلانو ل "الشروق"، أنه مباشرة وبعد انتقال الخضر إلى تصفيات الربع نهائي للكان، دخل لأستوديو "أكابيلا" مع الشاب أمين تي تي وسجلا سويا أغنية جديدة يقول مطلعها: "أعطينا عاهد وربي شاهد لالجيري بلاد الشهدا تاريخ وسيادة". علما أن ميلانو شجع الخضر مع الشاب خلاص من خلال أغنية "يا الخضرا عليك نقاسي".
أغنية بمناسبة ربع النهائي وأعرب بلال ميلانو عن تفاؤله بمقابلة يوم غد، مُعتبرا أن أفضل من غنى للفريق الوطني الشابة سهام، مغني الراب "كريم الغانغ"، الشاب كادير المينيو الذي قدم معه مؤخرا "كيما أنت بلادي والله ما شافت عيني" بعد نجاح "الديو" الذي قدماه سويا غداة مونديال البرازيل تحت عنوان "من غيرها شكون اللي بيّا". ويعتبر بلال ميلانو من أكثر الفنانين النشيطين في مجال الأغنية الرياضية الذين غنوا وقدموا ألبومات كاملة لرفقاء بوڤرة في كل المواعيد. حيث سجل خلال الحدث الّإفريقي الحالي ألبوما كاملا بأستوديو "أكابيلا"، حمل عنوان "بلادي الغالية"، من كلماته وكلمات وهيبة بوديب وموسيقى مروان مومو وعبد الله مسوس. وضمّ العمل أغاني جمعته مع كل من الشابة سهام، الشاب مهدي في أغنية "باسطا" التي شهدت مشاركة رفيق صايفي في كليبها المصوّر. كذلك ضمّ الألبوم أغاني لجوباتوري، موبلاك، كلامييتي، الشاب فوزي الحامي وأمين الصغيّر وغيرهم.
نبيل مدني: الظاهرة موجودة منذ جيل الجمعاوي ودرياسة المؤلف الشاب نبيل مدني، الذي وّقع عشرات الأغاني الرياضية على غرار "حل البيبان يامانديلا" و"هذا المقال هذا البيان" و"حبّة حبّة يا لولاد" بصوت سيد علي دزيري، وأغاني مع الشابة نوال وسيد أحمد الحراشي وعز الدين المغرابي.. اعتبر موجة غناء الفنانين للمنتخب الوطني ظاهرة صحية جدا كانت موجودة منذ جيل الصادق جمعاوي والفنان الكبير رابح درياسة: "ما اختلف فقط هو كمية المُغنيين الذين أبدوا حماسا غير عادي لركوب الموجة. فالحدث حاليا هو كأس إفريقيا. بالتالي من الطبيعي أن يكون الفنان سفير لجمهوره.. ومن يبحث عن الشهرة والسوكسيهات فالعام طويل". واختتم مدني كلامه بالقول إنه اكتفى هذا العام بأغنية واحدة هي "بعلامي نجري فيفا لالجيري" بصوت الشاب سيفو.
سيتي 16: يجب مراقبة الأغاني قبل إيجازها نجم أغنية الراب، رضا سيتي 16، كان من رأي الياس بوليفان، حيث فضّل عدم طرح أي أغنية خاصة بالمنتخب الوطني. مكتفيا بأغانيه السابقة مثل "les algeriens des stars" و"الله معاكم" اللتان حققتا متابعة تزيد عن المليون مشاهدة. ولفت سيتي 16 قائلا: "لم أشارك هذا العام بالغناء للخضر بسبب الرداءة الموجودة في الكلمات.. الأمر اختلف كثيرا عن أجواء مونديال 2010، وتحديدا منذ أن بات يغني للفريق الوطني أشباه وأنصاف الفنانين، الذين لا هم لديهم سوى انتشار أغانيهم عبر شاشات التلفاز خصوصا في ظل انتشار القنوات الفضائية. بالتالي العملية صارت سهلة على البعض كي يشتهر. وهنا تتحمل بعض القنوات التلفزيونية مسؤوليتها. المفروض مراقبة الأغنية قبل إيجاز عرضها". وأضاف سيتي 16: "البعض كان يسخر منا وينتقدنا حين كنا نغني للفريق الوطني، منهم لطفي دوبل كانو ، قبل أن يركب هو الآخر الموجة ويغني للفريق الوطني". مُعتبرا أن عادل إيبيزا و"أ.م" برود و"الديجي" عادل قدموا أغاني قوية للخضر.
الشابة سهام: "لولا ظروف حملي لقدمت عدة أعمال للخضر الشابة سهام، وعلى الرغم من وضعها الصحي بسبب ظروف الحمل، إلا أنها لبّت دعوة بلال ميلانو وشاركته في تسجيل وتصوير أغنية "نحبو لبلاد ماشي بالهدرة". قائلة: "والله لولا ظروف شهور الحمل الأخيرة لا قدمت أكثر من أغنية للفريق الوطني وأكثر من فيديو كليب"، معتبرة أن مستوى الخضر صار قويا: "عهد على نفسي لو رجعوا لنا الخضر بالكأس سأسجل لهم عملا خاصا حتى لو كنت على طاولة الولادة، فالجزائر أمنا ودمنا". واستطردت سهام قائلة: "الأزمة الكروية مع مصر خلال سنة 2009، زادت من ارتفاع نسبة تسجيل الأغاني الحماسية للخضر. فجُل الفنانين أرادوا الدفاع عن شرف الجزائر بطريقتهم الخاصة حتى الفنانين المعروفين بالأغاني الرومانسية وأنا واحدة منهم.. لكن أنا مع معك أن بعضهم حوّلها للتجارة والشهرة من دون أن يقدم موضوعا متكاملا من جهة الكلام واللحن.. مثلا: خلال مونديال البرازيل فكرت أن أخرج من جو الأغاني المناسباتية فقدمت أغنية "بلادي لعزيزة"، وكان موضوعها حب الوطن.. وإلى جانبها قدمت "مبروك عليك" و"الفرحة" و"غالية علينا الجزائر" وغيرها.
سيد علي أكلول: إنها وسيلة سهلة للشهرة المنتج الفني، سيد علي أكلول، اعتبر أن فتح القنوات الفضائية ومن قبلها التلفزيون الجزائري المجال لبث الأغاني الرياضية ساهم في تصاعد موجتها، خاصة بعدما صارت هذه الأغاني وسيلة سهلة لصناعة "الاسم". مضيفا: "هناك فنانون نصّدقهم حين يغنون على الخضر وهم معروفون، وهناك من يبحث عن الشهرة ويستغل بلوغ الخضر مواعيد رياضية مهمة ليعرض خدماته ويكون هدفه الترويج لنفسه.. وهناك صنف من الفنانين تكون فرصتهم سانحة لجمع المال من خلال الشركات الراعية لتصوير كليباتهم. ناهيك عن الفرق المغمورة التي تبيع أشرطتها في الطرقات والأرصفة بهدف جمع المال في وجه آخر من أوجه التجارة الموسمية". ولفت أكلول لنقطة مهمة قائلا: "هناك فنانون يسطون على لقطات ومشاهد من مباريات الخضر ويضمونها إلى أعمالهم المصورة، ويكون ذلك من دون دفع حقوق الملكية للفاف أو لناقل المباريات. كذلك اللاعبين الذين يأتي ذكرهم في الأغاني أو تُستغل صورهم في الكليبات، عادة ما يتم استغلالهم رغم ارتباطهم بعقود احتكار. وعليه صار علينا تقنين هذه الظاهرة واحترام حق فكر وملكية الآخر حتى لا يتحول حبنا للمنتحب الوطني ل "بزنسة" فارغة من أي شعور بالانتماء له".
أنور وبلال يرفضان ركوب الموجة عند كل موعد رياضي توفيق وخلاص.. أغاني المدرجات والشاب خالد لتشجيع الخضر شجَع الأداء الرائع الذي يحققه محاربو الصحراء خلال فعاليات كأس إفريقيا المقامة حاليا بغينيا الاستوائية، العشرات من المطربين على التخلي عن ألبوماتهم ومشاريعهم مقابل تسجيل أغنية أو اثنتين، والمثير للانتباه هو لجوء مغنين إلى تعديل لحن مستمد من أغان رياضية للمناصرين في الملاعب، والاكتفاء بوضع كلمات جديدة عليها لتتلائم مع العرس الكروي.. أي دون بذل أي جهد في التلحين وكتابة الكلمات فالمهم هو ركوب موجة الحدث وتحقيق الرواج والأرباح.
توفيق وأمين تي تي وهواري.. من الراي إلى الملاعب ولعل الأمثلة على هذا الصنف كثيرة ومتنوعة، أين نجد مغنين يلجؤون للإشادة بالفريق الوطني وبأداء لاعبيه، واستغلال فرصة التفاف الجمهور على الفريق لطرح أغنية أو حتى ألبوم وهو يعلم مسبقا أنه سيحقق الربح الوفير، بدليل أن جل تلك الأغاني لا تقتصر سوى تعديل لحن رياضي مستمد من أغاني المناصرين في الملاعب، ووضع كلمات جديدة عليها وعلى سبيل المثال ما فعله قبل سنوات الشاب توفيق حين أعاد أغنية يرددها الشناوة في المدرجات والتي يقول مطلعها "الشبكة يا رحموني" في حين استحود المغني أمين تي تي على لحن أغنية "تحيا الخياشة" لصاحبها الشاب هشام ليضع مكانها "تحيا ليكيب ناسيونال تع بلادنا" وهي الأغنية التي عرفت شهرة جارفة، بل نصبته في أيام معدودة إلى مطرب مفضل لمساندة الخضر، وهي نفسها الطريقة التي انتهجها مغني القرقابو "هواري القلب" في ديو غنائي مع الشابة دليلة، حيث استعان بلحن أغنية يا "السي محمد" للشاب رضوان، ووضع عليها كلمات "يا السي بوڤرة" وهي الأغنية التي تعدت شهرتها حدود الوطن وعادت بالنفع الكبير على أصحابها بشهادة هواري القلب الذي صرح في وقت سابق للشروق أن تلك الأغنية فتحت له من جديد أبواب الظهور في القنوات الخاصة والمهرجانات الوطنية .
خلاص يصنع الحدث بأغنية الشاب خالد C'est la Vie كما هو الحال مع العديد من الفرق الموسيقية الرياضية التي صارت تستحوذ على ألحان أغان قديمة لوضع عليها كلمات مناسبة للحدث وأهم أغنية حققت الرواج الواسع "جزاير يا ما" التي هي في الأصل أغنية يا "الخمري ياما" للراحلة صباح الصغيرة، ونفس الشيء تكرر مع الشاب خلاص الذي أدى أغنية Allez jouer و هي في الأصل إعادة لأغنية الكينغ خالد C'est la Vie .
الراب والراي يتحالفان لأول مرة لأجل المنتخب العديد من مطربي الراب تحالفوا مع مغني الراي في عدد من الأغاني التشجيعية وسجلوا أغان مشتركة أهمها أغنية "أعطوني زغرودة " للشابة الزهوانية وDJ Nassim المغترب في فرنسا .
منتجون يلهثون وراء الأغاني الريتمية ويبقى الرابحَ الأكبر في هذه المعادلة المنتجون الذين يسايرون الأحداث في عملهم، فتجدهم يحفزون الشباب على تسجيل أغاني عن المنتخب الوطني، وتدعيمها بفيديو كليب بسيط بساطة كلمات الأغنية، حيث غالبا ما يكون مقتصرا على لقطات مأخوذة من داخل استديو التسجيل، أو على الأقل داخل ملعب شاغر يحمل المغني الراية الوطنية ومرتديا قميص المنتخب، وقد يحقق هذا الكليب ما لا يحققه أكبر المخرجين العرب، والدليل على ذلك أغاني أمين تي تي وهواري القلب والشابة صونيا وغيره.
مطربون يعتبرون الغناء للمنتخب تجارة؟ في حين يرى بعض الفنانين أن الغناء للمنتخب الوطني أو قضية إنسانية مثل فلسطين وغيرها يصب في خانة الترويج الإشهاري ليس إلا ومن أصحاب هذه النظرية الشاب بلال الذي أكد في حوار سابق جمعنا به، أشار أنه لا يهتم للموجة الكبيرة التي تعرفها الساحة الفنية كلما تعلَق الأمر بمشاركة المنتخب الوطني، أو وقوع مجزرة بفلسطين نفس الفكرة يؤيدها جوهرة تلمسان الشاب أنور الذي صرح للشروق عن سبب عزوفه عن الغناء للمنتخب الوطني أجاب قائلا: "السواد الأعظم من المطربين انساقوا وراء فكرة الغناء للمنتخب الوطني، وهذا ما جعلني لا أتشجع للسير معهم لأنه لا يعقل أن يغني كل المطربون الجزائريون عن الفريق الوطني.