أدرجت وزارة العدل، ضمن قانون الإجراءات الجزائية، مجموعة من المواد القانونية الجديدة الكفيلة بمحاربة الرسائل المجهولة، كيدية كانت أو صادقة، وعمليات تصفية الحسابات بين الإطارات داخل الإدارات العمومية، وذلك باستحداث آليات لحماية المبلغين عن جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، في خطوة من شأنها أن تطهر الساحة المالية من المال الوسخ الذي وجد ضالته في عدد من المجالات كالعقار وغيره. مشروع القانون المتمم والمعدل للقانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما الذي صادق عليه أعضاء مجلس الأمة أمس بعد تمريره من الغرفة السفلى الأسبوع المنقضي، ضبط تعريف جريمة تمويل الإرهاب، وحدد في مواده الإجراءات القانونية الكفيلة بفضح الأرصدة المالية التي تضمن تمويل الإرهابيين وتحديد موضع هذه الأرصدة وتجميدها، كما خصص النص القانوني في جانب واسع منه القواعد المتعلقة بواجب اليقظة تجاه العمليات المالية المشبوهة. مشروع القانون الجديد الذي يرجح أن يكون عمليا خلال هذا الشهر بصدوره في الجريدة الرسمية، حسب مصادر أخرى، أكدت طابعه الاستعجالي، جاء ليسد فراغا كان يعانيه قانون سنة 2005، فيما يتعلق بالجهة التي تصدر قرار حجز وتجميد أموال المنظمات الإرهابية أو الإرهابيين، حيث بموجب القانون الجديد أصبح هذا الأمر متاحا، إما بقرار قضائي يصدره رئيس محكمة الجزائر أي محكمة عبان رمضان أو بقرار إداري يصدره وزير المالية، وقراراتهما قابلة للطعن في أجل محدد في القانون. كما ينص القانون الذي جاء ليسد الفراغ الذي كان يعانيه، في سياق إطار تعزيز قواعد الوقاية على تطبيق التنظيمات التي يتخذها مجلس القرض والنقد والخطوط التوجيهية لبنك الجزائر في مجال الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب على مكاتب الصرف التي تخضع للجنة المصرفية بصفة إلزامية وموجبة، بعدما كانت في وقت سابق حكرا فقط على البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية لبريد الجزائر. وضمن هذا السياق، كشف وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح أمس، أن إجراءات خاصة في قانون الإجراءات الجزائية للحماية ستضمن مستقبلا حماية المبلغين عن جرائم تبييض الأموال والإرهاب. وأوضح في رده على تساؤلات أعضاء مجلس الأمة بخصوص مشروع القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها أنه سيتم في قانون الإجراءات الجزائية الذي سيعدل إدراج "تدابير خاصة لحماية الشهود والمبلغين عن جرائم الإرهاب والفساد وتبييض الأموال"، مثلما هو معمول به دوليا. هذا الإجراء سيكون بمثابة إجراء وقائي لمحاربة الرسائل المجهولة التي تلجأ إليها إطارات نزيهة أحيانا وهي في بعض الأحيان صادقة وفي بعض الأحيان كيدية ترمي إلى تصفية حسابات. ومعلوم أن غالبية الإدارات الجزائرية تعاني من الرسائل المجهولة. هذا الإجراء سيمكن العدالة من إنصاف الجميع. مشروع قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الذي يعتبر التزاما دوليا بالنسبة إلى الجزائر، لم يمر بسهوله بالمجلس الشعبي الوطني، بل كان قد أثار زوبعة لم يشهدها البرلمان منذ مدة، وكان أبطالها هذه المرة نواب حزب العمال و"تكتل الجزائر الخضراء" الذين انسحبوا خلال جلستي المناقشة والتصويت على مشروع القانون بعد قرار الحكومة جدولته في آخر لحظة بسبب طابعه الاستعجالي بالرغم من أن الإجراء لا يخالف أحكام المادة 17 من القانون العضوي المحدد لتنظيم غرفتي البرلمان وعملهما وكذا العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.