الناس في باتنة نسوا كل شيء، لا حديث عن الغلاء الفاحش ولا عن السياسة ولا عن انتشار الإجرام وحوادث الموت، الناس في باتنة نسوا مشاكلهم الخاصة والحميمية.. بل نسوا أنفسهم نهائيا، فلا شيء هذا اليوم يملأ العين والأسماع والألسنة إلا مباراة الداربي الأوراسي الكبير الذي يمكن أن نسميه "معركة الأوراس الكبرى" فهو أكبر داربي تعيشه باتنة في تاريخها، لأنه سيضع الفائز به في وقمة الهرم، وأن المنهزم فيه يفقد حظوظه كاملة لأجل بطاقة الصعود. وقد يكون الداربي الأوراسي مفاجأة باتنية كبيرة إذا سارت بقية المباريات بما تشتهيه السفن الأوراسية، كأن تسقط الحراش في وهرانوالعلمة في المحمدية وتتعثر القبة ضد الموك، فيصبح بإمكان باتنة أن تحلم بتحقيق أول تواجد لفريقين باتنيين في القسم الأول دفعة واحدة، ويتحقق الداربي المتميز جدا ما بين الشباب والمولودية ولكن هذه المرة في الدرجة الأولى، وهو ما لم يتحقق في تاريخ الكرة الأوراسية، مع الإشارة إلى أن العاصمة ووهرانوقسنطينة وسطيف هي المدن الوحيدة التي تمكنت في فترة من فترات تاريخها الكروي أن تقدم للدرجة الأولى أكثر من فريق دفعة واحدة!الفريقان الباتنيان سيلتقيان وقد استنفذا سويا مرحلة الإعفاء وسيلتقيان وكل فريق أمامه سبع لقاءات كاملة متبقية، وكل هذا يعني أن أمل الباتنية في التواجد بفريقين في القسم الأول ما زال قائما وقويا، ولكن الحذر مطلوب، لأن انتهاء المواجهة بالتعادل وفوز الحراش في وهرانوالعلمة في المحمدية والقبة أمام الموك قد يبخر كل الآمال، وقد يضيع الكاب أو المولودية الصعود وتخرج باتنة من موسمها هذا المتميز جدا فارغة اليدين، لا بد وأن تكون مع المولودية أو مع الشباب ليس للأمن خيار سوى أن تكون ضمن تيار حمى الداربي التي أتت على كل شيء، فالناس يتكلمون عن المواجهة في المقاهي والجامعات والمؤسسات التعليمية والمصحات والمنازل، بل إن البعض يتحدث عن الداربي مع نفسه كالمخبول بفيروس اسمه "الداربي". نصف مليار.. منحة الفوز بالرغم من أن حديث منحة الفوز قد توقف عند 10 ملايين لكل لاعب من كل فريق، إلا أن المعلومات التي بلغت "الشروق اليومي" تؤكد أن المنح ستكون مضاعفة، وقد تبلغ بالنسبة للفريقين مجتمعة حوالى نصف مليار سنتيم، وطبعا لن يتم صرفها جميعا، لأنه من غير الممكن أن يفوز الفريقان معا، لكن باروماتر المنح قابل لأن يشتعل، وقد يصل مجتمعا إلى رقم المليار سنتيم قبل المواجهة ببعض دقائق، حيث يصبح الفوز حلم كل فريق، بل إنه حلم العمر، دبوشة وبولمدايس من المولودية قالا إن حمى الداربي تجعلهما لا يفكران في المنحة، لأن الفوز هو أجمل منحة، حيث ستصبح المولودية على بعد خطوة من الصعود إلى القسم الأول الذي غادرته منذ بداية الاستقلال، وهو ذات الرد من بن حسان وويشاوي اللذين قررا لعب مباراة الموسم للظفر بالفوز الذي يعيد الكاب إلى مركز الصعود الثالث الذي فقدته على خلفية فوز المولودية ضد جمعية وهران يوم الخميس الماضي. أنصار باتنة طرافة واستفزاز أحد مناصري مولودية باتنة أقسم بالله أنه سيطلق المولودية بالثلاث إن فشلت هذا العام في الصعود، وقال بالحرف الواحد "حرام أن أجبر ابني على تشجيع المولودية إن بقي مصيره معلقا في القسم الثاني، لأن رفقاء بولمدايس لو أضاعوا فرصة العمر هذا العام فإنني سأقتنع بأنهم منحوسون وقدرهم أن يبقوا في هذا القسم الذي ينشطون فيه على الدوام من اجل الصراع على تاجه ثم يخرون صفري اليدين في كل مرة"، لكن الفوز المحقق في المحمدية هو "الشعلة" التي يعيش بها أنصار البوبية الذين لم يقتنعوا في تاريخ صراعهم المرير من أجل الصعود من عهد الحارس الظاهرة (صوالحي إلى ملالة لزهر) بأنهم سيصعدون هذا العام لا محالة، ويرى أحد مناصري البوبية المدعو (زينو) أن المولودية ستعود إلى القسم الأول لتعوض (مولوديات) الجزائرووهرانوقسنطينة التي ستلعب حسب الحسابات جميعا العام القادم في القسم الثاني الممتاز، ولا تبقى من المولوديات حسبهم سوى مولودية سعيدة ومولودية باتنة وربما مولودية العلمة، أي جيل جديد من المولويات تختلف عن المولودية التقليدية (العاصمة وعاصمة الغرب وعاصمة الشرق).. أما أنصار شباب باتنة فهم يركزون أكثر على استفزاز زملائهم في المولودية أكثر من رفع معنويات فريقهم، إذ يؤكدون أن المولودية ستتوقف (كالعادة) أمام محطة النهاية لتكون العام القادم منافسا متجددا على لقب الصعود، فالشباب الباتني متعود على الصعود وركوب مصعد (الصعود والنزول) أما المولودية فهي (مرافق) وفي للصاعدين وليست صاعدة وفية، ولم يحدث أيضا في تاريخ المواجهات المحلية أن فازت المولودية ذهابا وإيابا، وقد تمكنت من الظفر بلقاء الذهاب وعليها الآن نسيان "الإياب".الطرافة والدعابة انتقلت حتى في الأسرة الواحدة وسكنت الحمى العلاقات الزوجية وأيضا بين التلاميذ الأبرياء الصغار، وكل الأمل أن تتوقف هذه التعليقات والردود عند هذا الحد، لأن المنهزم سيحتفظ بكل حظوظه في الصعود والمنتصر لن يضمن الصعود. المباراة في صالونات السياسة"أولاد بن بولعيد" ضد "فريق الشهداء" تعج باتنة بالكثير من رجالات السياسة، ولأن شباب باتنة هو عميد أندية الأوراس فإن غالبيتهم (بسبب السن) كانوا كابيست بدءا بالرئيس الأسبق اليمين زروال (67 سنة) الذي كان من محبي كرة القدم وناصر الكاب، خاصة أن تأسيس المولودية لم يتم إلا عندما بلغ سن (اليمين زروال) 21 سنة، لكن مشاغله السياسية أبعدته عن الملاعب، وطبعا عن تشجيع هذا النادي أو ذاك، وهي ذات الملاحظة بالنسبة لعائلة رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس وأيضا الجنرال المتقاعد خالد نزار اللذين مالا في فترة من فترات حياتهما لشباب باتنة، كما أن الجنرال المتقاعد عباس غزيل لم يكن يخف تعاطفه مع شباب باتنة. وللمولودية أيضا أنصارها المتميزون وأهمهم عائلة الشهيد مصطفى بن بولعيد، حتى أن النادي يسمى الآن "أولاد بن بولعيد" إذ سبق لأحد أبناء الشهيد أن ترأس الفريق الشعبي في الوقت الذي يؤكد أبناء الكاب أن فريقهم منح الثورة الجزائرية 65 شهيدا، وستجلب المباراة المحلية اهتمام الكثير من السياسة والعسكر في الجزائر، لأن اسم (باتنة) موجود بقوة في قمة هرم الحكم في الجزائر قديما وحديثا، ويولي والي باتنة أهمية للمواجهة التي عمل على أن تسير بروح رياضية، إضافة إلى ثلاثة ولاة من أصل "باتني" متواجدين في عدد من ولايات الجزائر وهم نوري "ولاية تلمسان" بوضياف عبد المالك "ولاية قسنطينة" وصالحي "ولاية تيارت".