المرشد العام للإخوان المسلمين: محمد مهدي عاكف في الجزء الثالث والأخير الذي يتحدث فيه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ل»الشروق اليومي« عن التنظيم الدولي بكثير من التحفظ، عن آليات عمله واتخاذه القرارات، معتبرا شأن التنظيم كباقي التنظيمات العالمية للاشتراكيين ولغيرهم من التيارات السياسية، محمّلا الأنظمة الحاكمة مسؤولية الانفتاح على الحركات الإسلامية بدل قمعها أو مواجهتها أمنيا. * ما تعليقكم على من يقول إن تنظيم الإخوان المسلمين قد أصابته الشيخوخة ولم يجدد منذ عقود؟ * من يقول هذا الكلام لا يعرف التنظيم الدولي، آلية التنظيم الدولي يعطي لكل قطر حرية التصرف، وحرية التعامل مع الحكومات وغير الحكومات، التنظيم الدولي يتبنّى سياسات عامة، مثلا نحن ضد احتلال أي بلد، وهذا مبدأ عام. * مهمة التنظيم الدولي الأولى هي توحيد الرؤى في معالجة المشاكل والوقوف ضد العدو أيّا كان، عدو من الخارج سواء أمريكا، أوروبي أو صهيوني أو غيره، نوحّد الرؤى ونوحّد خطوات المقاومة فقط، وإنما لكل بلد يعمل ما يشاء، مثلا في الجزائر ما شاء الله مفتوحين على السلطة، ونحن هنا منغلقين مع السلطة، وفي اليمن يتعاملون مع الحكومة، وفي الكويت وفي الأردن، وفي سوريا، وكل واحد على حسب قدراته وعلى حسب إمكاناته والواقع الذي يعيش فيه، المهم أن تظل دعوة الإخوان المسلمين ومبادئهم وفكرهم هو الذي يجمع بين هؤلاء جميعا. * * يبدو أن فرص معالجة التنظيم الدولي للإخوان في حل بعض المشاكل والأزمات في عدد من الأقطار صار ضعيفا إلى حد ما، كما هو الشأن بالنسبة للكويت أثناء الغزو، وكذا سوريا ولبنان، مؤخرا الجزائر، ما هو تعليقكم؟ * لا يهمني هذا الكلام، لماذا لا يتساءلون عن إنجازات الإخوان المسلمين في مصر واليمن والأردن. * أريد أن أقول شيئا، ما هو دافع الصحافة عندما تتكلم عن مثل هذه القضايا، الإخوان المسلمون يعيشون في قهر عالمي، نحن نعمل للإسلام، هناك إجرام عالمي ضد الإسلام، ونحن لا نعمل إلا للإسلام، كل على حسب طاقته وقدرته. الذي يحدث في أفغانستان، والذي يحدث في العراق، هل أحد من هؤلاء المتحدثين استطاع أن يحصي الدمار الذي حصل في العراق، والدمار الذي حصل في أفغانستان ويقيّمه، والدمار الذي حصل في فلسطين ويقيّمه كذلك، لماذا لا يشغلون أنفسهم بهذا الأمر الذي يدمر الإسلام والمسلمين، ويجعلون التنظيم الدولي هو شغلهم الشاغل. * * نحن نتساءل فقط عن طبيعة التنظيم إذا أردتم أن تجيبوا عن السؤال فمن حقكم، كما أنه من حقكم الرفض؟ * يا أخي التنظيم الدولي مجموعة من البشر آمنت بفكر وبرسالة في وجه هذا الطغيان العالمي، ويوجهون لنا مختلف »المعايب« وأننا غير قادرين. * الإخوان المسلمون هو التنظيم القوي الموجود في مصر "مش قادر يعمل حاجة"، إذا كنت أريد أن أفعل شيئا، أحول البلد إلى شوارع من الدماء، نحن ضد العنف، النظام متمترس ولا أريد صدامه ولا أريد كل هذا، التنظيم الدولي موجود وله كيانه. * * من يمثلون إخوان الجزائر في هذا التنظيم؟ * ماليكش دعوة... * * كيف يشتغل التنظيم الدولي؟ * يا ناس يا طيبين، وأنتم تعرفون كيف يحارب الناس، أليس للاشتراكيين تنظيم دولي؟ أليس للمومسات تنظيم دولي؟ ما معنى أن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين »كخ، بعبع«؟، وأنتم تشاركون هؤلاء بالكشف عن التنظيم الدولي. * أعيد وأكرر التنظيم الدولي عبارة عن فكر الإخوان المسلمين، وهو فكر مكتوب ومنتشر على الساحة العالمية، وكل من يؤمن بهذا الفكر فهو من الإخوان المسلمين، وهو مطلوب منه أن يخدم الوطن الذي يعيش فيه أولا. * نحن لسنا أحرارا، نحن مضطهدون، نحن مطاردون ليس من البلد فقط وإنما من العالم كله. * * يتردد الكثير من الكلام حول العلاقة بين الاخوان المسلمين والحكومة الأمريكية، ما حقيقة هذا الأمر؟ * أعلنت في كم من مرة موقفنا من الأمريكان ومن أوروبا، ونحن نتعامل مع جميع شعوب العالم، الشعب الأمريكي، والشعب الأوروبي، وفي آسيا، يأتون إلينا ونذهب إليهم، الفضائيات جميعا تتعامل معنا، مراكز الدراسات نتعامل معها، كل الجامعات نتعامل معها إلا الحكومات، إذا أرادت أن تتعامل معنا أو تتفاهم معنا لن يكون إلا عن طريق الخارجية المصرية، وذلك لسببين، الأول، أنا احترم بلدي، مهما الظلم الذي وقع علينا، يجب أن احترم بلدي وأقدره، ولن يكون هذا الحوار إلا بعد معرفة الخارجية، ويكون علنيا ثانيا، ولا يكون سريا، حتى لا يقال كذا وكذا. * * هل كان للموقف الأمريكي الضاغط على الحكومة المصرية بفتح باب الحريات أثر في فوز الإخوان في الانتخابات البرلمانية الماضية؟ * أنا أعتقد هذا، لأن لما ضغطت أمريكا على الناس هنا باسم الديمقراطية لإفساح المجال أمام الناس للمشاركة في الانتخابات وتقديم ترشيحاتهم، والحمد لله رب العالمين، تعاملنا مع الواقع كما نراه. إن نظام الحكم في مصر لا يقبل شريكا مهما كانت الضغوط الممارسة عليه من الخارج، لذلك لما جئنا نرشح أعضاءنا لهذه الانتخابات كنا نتوقع الفوز بأربعين مقعدا أو خمسين، فرشحنا 160 من أصل 450 عضوا، ورشحنا هذا العدد البسيط حتى لا نثير النظام، وكانت توقعاتنا كما قلت أقل بكثير، ودارت الانتخابات في المرحلة الأولى والثانية، وحصد الإخوان أكثر من 88 مقعدا، وانقلبت الدنيا، كما قال حسنين هيكل في مقال كتبه، إن أولمرت وبوش اتصلا بحسني مبارك... * * لتهنئته؟ * يضحك... لا، لإطلاق العنان للأجهزة الأمنية، حتى لا ينجح الإخوان في المرحلة الثالثة، في هذه المرحلة كنا نتوقع أن نفوز بخمسين مقعدا فقط، كما قال رئيس الوزراء نفسه، أن للإخوان أربعين مقعدا آخر من 160 مرشح، وذهبت الديمقراطية إلى الجحيم، وعادت ريمة إلى عادتها القديمة. * * أين وصلت فكرة إنشاء حزب للإخوان المسلمين؟ * ليست من أولوياتنا الآن، الحزب السياسي كان مطروحا منذ سنة 1984، وعندنا بدل البرنامج 10، ولكن ليس مطروحا الآن. * * هل سحبتم الموضوع أم ماذا؟ * نحن نريد أن نرى الجو كيف يتفاعل معنا، وعملنا برنامج حزب سياسي وطرحناه على الناس، وجاءتنا ردود محترمة واستفدنا منها كثيرا، وأخرى للتهريج على أعمدة الصحافة. * * يواجه حزب العدالة والتنمية مصير الحظر كما هو واقع الإخوان المسلمين منذ عقود؟ * يبتسم... صديقي نجم الدين أربكان، هذا إنسان عظيم، كان صاحب الفضل في النهضة الإسلامية في تركيا، وكان آخر حزب عمله هو الرفاه الذي بعد انتصاره في الانتخابات البرلمانية أصبح رئيسا للوزراء وتعرض لما تعرض للضغوط، وحزب العدالة والتنمية كلهم أبناء أربكان، وممكن بعد غلق حزبهم أن يؤسسوا حزبا جديدا، وأردوغان فعلا شخصية قيادية رائدة منذ أن كان رئيسا لبلدية اسطمبول، وقد اتصلت بي الصحافة التركية فور إعلان النتائج الباهرة التي حققها الحزب في الانتخابات التركية، للتعليق حول النتائج قلت: »أهنئ الشعب التركي على هذه الديمقراطية العظيمة، واهنئ السيد رجب طيب أردوغان بثقة الشعب فيه، وقلت إن الشعوب العربية والشعوب الإسلامية لن تستفيد من هذا العمل الجاد، لأن ليس لديهم لا ديمقراطية ولا حرية، وسبب هذا النهوض توفر مناخ الحرية والديمقراطية«. * * كلمة أخيرة؟ * أقول لأبناء الحركة الإسلامية في الجزائر، اتقوا الله في دينكم واجعلوا قبلتكم هي خدمة هذا الدين بهذه المعاني، وإياكم والانصراف عن منهجكم وأخلاقكم وسلوككم وحبّكم لبعضكم البعض وحبّكم للجزائر.