"الخطر قادم إلى الجزائر...حذاري من الكارثة" عبارة رددها العديد من الخبراء والمختصين الذين استجوبناهم بخصوص ظاهرة المخدرات الرقمية، التي أصبحت في متناول الأطفال والمراهقين، بأخذ جرعات موسيقية عبارة عن موجات صوتية لها نفس تأثير المخدرات التقليدية على الشخص، فكل الدراسات العلمية والبحوث أكدت على خطورة هذا النوع من المخدرات. وكإجراء تحذيري ووقائي، وقبل ما تقع الكارثة، يؤكد المختصون الذين اتصل بهم موقع "الشروق أون لاين" على تشكيل لجنة قضائية لدراسة الموضوع تمهيدا للوصول إلى تشريع للوقاية من هذا الإدمان الجديد الذي سيتسلل ويعشش في بيوتنا دون إذن مسبق، وهي المخدرات الجديدة التي لا يعلم عنها الديوان الوطني لمكافحة المخدرات شيئا. تتربص المخدرات الرقمية بالشباب الجزائري وتقبع خلف الأبواب المفتوحة في انتظار دخولها الذي هو مسألة وقت فقط إذا وجدت الأبواب مفتوحة دون أصفاد، وهي أشد فتكا من المخدرات التقليدية، حيث اتفق المختصون والخبراء في مجال التكنولوجيا والطب والقانون والدين على شدة خطورتها وسهولة الوقوع في مصيدتها، حين يظهر على المتعاطي أو المستهلك الافتراضي تشنجات وحركات غير اعتيادية للجسم في صمت وداخل غرف مغلقة وأحيانا على بعد أمتار من أنظار الأهل، وسهولة الولوج إليها كونها يتم تداولها بأسعار زهيدة وتتعداه إلى الاستغلال المجاني عبر برامج صوتية تبث على موقع التواصل الاجتماعي "اليوتيوب" قصد إثارة خلايا الدماغ، بل تعرض بعض المواقع تحميلها مجانا كنسخة تجريبية، وبعد ضمان المستخدم لتأثيرها بعد التجربة سيكون عليه شرائها، حيث تنعش من يسمعها وتجعله في حالة غير طبيعية بصفة آلية باستخدام كومبيوتر أو هاتف ذكي وسماعة ومنشفة إضافة إلى غطاء يستعمل لتغطية العينين قصد الوصول المركز للموسيقى والذبذبات التي قد تفوق قوتها 1000 إلى 1500 هيرتز بفرق 30 إلى 50 هيرتز في الدقيقة والتوهم بأن النشوة هي الفرق بين الترددين حيث يصاب مدمنو هذه الموسيقى بتشنجات عصبية قد تؤدي إلى فقدان الوعي والسيطرة على الذات، فبعض المدمنين لديهم قابلية للإيحاء لأنفسهم ب"نشوة شديدة" يدخلون من خلالها في حالة هلوسة كونهم على استعداد نفسي داخلي للتفاعل مع الموسيقى والأصوات العالية وبالتالي تتحول إلى أعراض حركية مثل رجفان اليدين أو الأرجل وأحيانا يصل الأمر إلى الصرع أو الإغماء.
يونس ڤرار، الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال المخدرات الرقمية حرب الكترونية جديدة الحديث عن "المخدرات الرقمية" من الناحية التقنية ليس جديدا، في نظر المختصين في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، كون الظاهرة سبق وانتشر صيتها في بعض الدول الغربية والشرق الأوسط بشكل متذبذب، وأطلق التقنيون على مروجيها بأنهم "وحوش إلكترونية" يتمتعون بدقة في اختيار نوع المخدرات الصوتية عن طريق الشبكة العنكبوتية ويعرفون جيدا اصطياد ضحاياهم البشرية ممن يفكرون في البحث عن مخدرات جديدة أقل تكلفة وغير معرضة للمراقبة للوصول إلى النشوة التي يبحثون عنها دون مواد كيميائية، وتدخل الظاهرة ضمن فئة الحرب الالكترونية التي يباشرها قراصنة وهواة التقنية على شبكة الانترنت حرب الكترونية، مثلما قال الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال والمستشار السابق لوزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال يونس ڤرار، الذي أضاف أنها تحمل في برامجها وخططها ما يسمى بالترويج التكنولوجي للمخدرات الافتراضية عند طريق شبكات مختصة في صناعة البرامج وهي صناعة مقننة ومدمرة لحياة الإنسان والفئة المستهدفة "المراهقين". ويصف الخبير ڤرار، ظهور ما يصطلح عليه "المخدرات الإلكترونية أو الرقمية" بأنها حرب "السايبر الرقمي" وهو ما يعني حرب نسبتها الكبيرة تنصب ضمن ظاهرة الجرائم الإلكترونية، ويقول الخبير معلقا على الظاهرة أنه من الضروري الحديث عن مثل هذه المخدرات غير الكيمياوية التي تدخل ضمن الظواهر السرية الفردية على أكثر تقدير. ويقول يونس ڤرار إن المخدرات الرقمية ظاهرة جديدة في العالم العربي لها تأثير يفوق ما تخلفه المخدرات التقليدية أو الكيمياوية وهو ما أثبتته بعض الدراسات التي أكد أصحابها أن مروجي مثل هذا النوع من المخدرات يقومون بتصنيع تقني لأصوات موسيقية بذبذبات معينة تسمع بطريقة مختلفة وموجهة للإذن اليسرى واليمنى وفق حسابات دقيقة تخلف بعدها تأثيرا مباشرا على دماغ المتعاطي على قدر الجرعة الصوتية الالكترونية التي يتناولها الضحية مثلها مثل المخدرات العادية، مشيرا أن الظاهرة أثبتت صحتها دراسات وبحوث أثبتت أن نتائجها كارثية للعقل البشري كون متعاطي المخدرات الرقمية سيدخل في عالم الهلوسة واللاوعي مثل مستهلك الكوكايين والهيروين أو أي مسكر خطير آخر.
الجزائر ليست في منأى عن انتشار المخدرات الرقمية ويضيف ڤرار بأن الترويج لمثل هذا النوع من المقدرات قد انتقل من الترويج التجاري عبر الانترنت إلى الترويج الإشهاري عبر مواقع خاصة، بالإضافة إلى تلقي روابط الكترونية أو تسجيلات على موقع اليوتيوب للاستخدام المجاني، فالجزائر ليست بمنأى عن الظاهرة وقد تنتشر إذا تم غض الطرف على محاربتها أو إيجاد حلول لمنع انتشارها وهو دور السلطة والمصالح الأمنية والمجتمع المدني والعائلة، وبدء العمل التوعوي كخطوة أولى، فالمحاربة مباشرة- يقول ڤرار - ممكن أن تكون نتائجها عكسية قد تتسبب في تسهيل انتشار الظاهرة دون علم السلطات. ولهذا كان لزاما على الدولة الجزائرية إيجاد حلول وبناء جدار صلب لمنع مثل هذه الظاهرة من دخول حدودنا الالكترونية عبر شبكة الانترنت - وذلك بإصدار نصوص قانونية ردعية محيّنة ضد مروجي هذا النوع من المخدرات والتحضير لحرب سلمية استباقية للتعريف بخطورة المخدرات الرقمية النفسية والمجتمعاتية والأسرية عن طريق التحضير لندوات ولقاءات علمية ودينية قصد التحضير النفسي لمعرفة الظاهرة بعدها وجوب التصدي ومحاربتها بوسائل التقنية بحجب المواقع المروجة لها وترصدها على غرار مواقع التواصل الاجتماعي من طرف المصالح المختصة وتطبيق القانون على الترويج الدولي عن طريق اتفاقيات دولية تجمع الجزائر مع أكثرية الدول، ووسائل الحجب عند طريق مجمع اتصالات الجزائر ومتعاملي الهاتف النقال، وتأسيس لجنة مختصة أعضائها من مختلف القطاعات (العدالة، التربية، المصالح الأمنية والقانونية وعلماء الدين والمختصين في تكنولوجيات الإعلام والاتصال)، فمحاربة مثل هذه الظواهر لا تكون من وراء المكاتب وداخل الغرف المغلقة عند طريق بيانات أو اجتماعات ولكن يتم محاربتها داخل الشبكة ومواقع التواصل الاجتماعي للتوعية وبناء مجتمع الكتروني يحارب بدوره ظاهرة المخدرات الرقمية والعديد من الظواهر التي انتشرت في العالم لتتسنى معالجة الظواهر بطريقة علمية وإعلامية جيدة ستقي الكثير من النتائج السلبية، وقد حذر الخبير من دخول الظاهرة أو انتشارها كونها ظاهرة لا رقيب عليها مدقا بذلك ناقوس الخطر.
علي كحلان، رئيس جمعية مزودي الأنترنت وخبير في أمن تكنولوجيا المعلومات الأنترنت والجيل الثالث طريق سريع لانتشار المخدرات الرقمية الدراسات والأبحاث القليلة التي أجريت للتعريف بظاهرة المخدرات الرقمية أو الإدمان الإلكتروني، أوضحت أن المجتمع العربي عموما والمجتمع الجزائري على وجه الخصوص غير واع تجاه مثل هذا النوع الجديد من المخدرات، والخطاب العام، يكون غالبا لمرحلة تكبر المرحلة المستهدفة بالتوعية، فيما أثبتت الإحصائيات أن مستوى الوعي لدى الشباب عن خطورة تعاطي المخدرات لا يتجاوز 31 بالمائة فيما جاء الوعي لدى المثقفين عن المخدرات بجوانب القضية حوالي 51 بالمائة، واستنتجت الدراسات التي قامت بها بعض الدول العربية التي مستها الظاهرة كالمملكة العربية السعودية ولبنان، أن الآباء والمعلمين ليس لديهم أساليب بناء الوعي لدى متعاطي المخدرات الرقمية، وهو دور الذي يجب أن تلعبه الدولة بقطاعاتها المختلفة وسائل الإعلام من خلال تكثيف العمل المشترك والاهتمام بهذا النوع الجديد من المخدرات. ويبرز علي كحلان المدير العام لشركة Satlinker لخدمات الإنترنت، وأمن تكنولوجيا المعلومات وحلول الأعمال، ورئيس جمعية مزودي الأنترنت، أن التحكّم في التكنولوجيا سيساهم في تنمية التدفّق عبر شبكة الأنترنت، معتبرا نجاح الأنترنت والطلب المتسارع ساهم في انتشار العديد من الظواهر الجديدة على المجتمع العربي والجزائري على الخصوص بانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أن المعلومة قد تقطع مسافة ثواني قليلة للوصول إلى صاحبها وبالتالي كان لزاما على الدولة تطوير الشبكة بالموازاة تطوير الوسائل لمحاربة النتائج العكسية التي يظهرها التطور غير محدود للانترنت، داعيا السلطات المعنية إلى الحذر أكثر من أي وقت مضى من دخول بيوتنا سموما الكترونية بما فيها الظاهرة الجديدة على مجتمعنا المتمثلة في المخدرات الرقمية التي تروج حاليا بالمجان عبر أروقة سرية عبر شبكة الانترنت بعد أن كانت تجارية، حيث تباع برامج موسيقية مصنعة بدقة كبيرة تقدم للمتعاطي بدون مجهود وتكلفة وبطرق مختلفة كنظيرتها من المخدرات العادية. وربط مدير العام لشركة ساتلينكير لخدمات الإنترنت، وأمن تكنولوجيا المعلومات وحلول الأعمال، انتشار ظاهرة المخدرات الرقمية بدرجة التحكم في الشبكة العنكبوتية وعليه يجب على الأولياء مراقبة أبنائهم وتجنب ترك الحواسيب داخل غرفهم واستخدامها لساعات متأخرة من الليل فأغلب الحالات التي اكتشفت في السعودية كان ورائها الأولياء الذين لاحظوا تغييرات جذرية في طباع وتصرفات أبنائهم، ولهذا لزاما على الدولة والسلطات المعنية التعريف بالظاهرة وإنشاء صفحات وإعلانات اشهارية للتحذير منها. كما يحذر كحلان من استعمال تقنيات الجيل الثالث والرابع للهاتف النقال لنشر هذه الظاهرة بسرعة أكبر.
البروفيسور ڤنان لخضر، أخصائي في جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى الجامعي سليم زميرلي المخدرات الرقمية أخطر من المورفين والكوكايين المخدرات الرقمية ظاهرة جديدة ليس في الجزائر فقط ولكن في العالم ككل، تم اكتشافها منذ سنوات قليلة ماضية، وتتلخص في تعرض الأذنين إلى ذبذبات موسيقية مختلفة بشكل طفيف، مثل تعريض الأذن اليمنى إلى ذبذبة قدرها 300 هرتز وتكون الأذن اليسرى معرضة لذبذبة تقدر ب 304 هرتز، مثلما يقول البروفيسور ڤنان لخضر، أخصائي في جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى الجامعي سليم زميرلي بالحراش. ويضيف البروفيسور ڤنان، في اتصال بموقع "الشروق أون لاين"، أن هذا الاختلاف في الذبذبات الموسيقية يسبب اضطرابا في الخلايا العصبية والدماغ بصفة عامة، هذا الأخير يحاول إيجاد ذبذبة موحدة وهنا يتخيل المتعاطي لهذا النوع من المخدرات أنه يحس بالسعادة واللذة أو الاسترخاء. ويشير إلى أن المخدرات الرقمية اكتشفت لأول مرة في سنة 1839 من طرف العالم الألماني الفيزيائي هينريش دوف، واستخدمت لأول مرة عام 1970 في علاج بعض الحالات النفسية، لشريحة من المصابين بالاكتئاب الخفيف في حالة المرضى الذين يرفضون العلاج السلوكي (الأدوية)، ولهذا تم العلاج عن طريق ذبذبات كهرومغناطيسية، لفرز مواد منشطة للمزاج. ويقول ڤنان إن الشباب يتعاطونها حاليا للحصول على نفس نتائج المخدرات التقليدية من المورفين والكوكايين، رغم أن متعاطيها – يضيف البروفيسور- يتوهم فقط أنها تخفف عنه معاناته لأنه هيأ نفسه مسبقا لمثل هذه المخدرات. وأوضح أن الظاهرة خطيرة وتبقى محل بحث لإثباتها علميا من طرف المختصين، بعدما تم الإعلان عن حالة وفاة في السعودية بسبب تعاطي هذا النوع من المخدرات. ووجه البروفيسور نصيحة للشباب في الجزائر بعدم زيارة المواقع الإلكترونية التي تروج لمثل هذا النوع من المخدرات، حتى ولو بدافع الاكتشاف، خصوصا وأن هذه المواقع تقدم جرعات مختلفة تتفاوت من 15 أو20 دقيقة من الموسيقى يسمعها الشخص للحصول على النشوة واللذة والشعور بالارتياح، مشيرا أن هذه المواقع غرضها الإشهار فقط.
البروفيسور محمد تيجزة، رئيس مصلحة الطب العقلي بمستشفى دريد حسين بالعاصمة حالات إدمان مزدوج على المخدرات التقليدية والرقمية في الجزائر تتنوع أنواع المخدرات التي يدمن عليها الأشخاص حاليا من المواد الصلبة إلى الغازات التي يستنشقها المدمنون، إضافة إلى وجود إدمان بدون مخدرات مثل الإدمان على القمار أو عادة الشراء وغيرها، مثلما يؤكد البروفيسور محمد تيجزة، رئيس مصلحة الطب العقلي بمستشفى دريد حسين بالعاصمة، ورئيس الجمعية الجزائرية للطب النفسي. ويوضح البروفيسور تيجزة في اتصال بموقع "الشروق أون لاين"، أنه بداية من الثمانينات ظهر نوع جديد من الإدمان وهو الإدمان على التلفزيون والألعاب الإلكترونية والأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، والمخدرات الرقمية، أين يقضي الشخص ساعات طويلة في استعمال هذه الوسائل ويضيع عمله وصحته وهو ما يؤدي به إلى العدوانية والإنطواء والإنعزال. ويؤكد وجود مرضى بمصلحة الأمراض العقلية مصابين بنوعين من الإدمان على المخدرات التقليدية والرقمية في آن واحد، حيث توجد لديهم شهوات للمخدرات التقليدية والإلكترونية في وقت واحد، وتسبب الإدمان الرقمي في كثير من الأحيان في نوبات صرع للأشخاص لأن الخلايا العصبية للدماغ حساسة جدا لمثل هذه المؤثرات. ومن الناحية الطبية، يوضح البروفيسور تجيزة أن الدماغ البشري مكون من فصين أيمين وأيسر وكل منهما مختص في وظائف معينة، وعند تسليط ذبذبات صوتية مختلفة على الأذن فإن الدماغ يحاول تصحيح الذبذبات الصوتية الموسيقية، لأن هناك علاقة بين ما يسمعه ويشاهده الإنسان وبين العقل الواعي. وأعطى المتحدث مثالا عن ذلك بمريدي الطرق الصوفية الذين يصلون إلى حالات اللاوعي والسكر بالاستماع إلى نوع معين من الموسيقى، مشيرا إلى وجود جهاز على مستوى الدماغ يتأثر بأنواع معينة من الموسيقى ويتوهم الشخص إثرها بأنه وصل إلى درجة اللذة والنشوة. ويشير البروفيسور تجيزة إلى أن الشخص المدمن على المخدرات الرقمية يصنع لنفسه حاجة اصطناعية لمثل هذه المؤثرات الخارجية التي لا تتعلق بالحاجات الطبيعية للإنسان. ويحذر تجيزة من ظهور حالات إدمان على المخدرات الرقمية في الجزائر بسبب التطور التكنولوجي الرهيب الحاصل في العالم، مؤكدا أن الدور الأكبر لمواجهة الوضع يقع على عاتق المؤسسات التربوية ووسائل الإعلام للتحسيس بخطورة هذا النوع من المخدرات والإدمان.
الأستاذ نوي محمد، محامي لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة المشرع الجزائري مطالب بسن قوانين ردعية تفتقد الجزائر لنصوص قانونية تختص بموضوع المخدرات الرقمية لأن الموضوع جديد على المستوى الوطني رغم أن خطورتها حسب الأخصائيين تعادل خطورة المخدرات العادية المتعلقة بالأعشاب وغيرها لأنه القوانين في الجزائر التي تنظم المؤثرات العقلية والمخدرات تحكمها الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة لسنة 1971 المتعلقة بالجداول الخاصة بالأعشاب الطبية والمواد الصيدلانية وغيرها والمخدرات الرقمية ليست ضمن هذه الجداول، وهو ما أكده الأستاذ، محمد نوي، المحامي لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة. ويشير الأستاذ نوي محمد أن الأمر تقني وجديد وهو ما يفسر عدم معالجة حالات على مستوى المحاكم الجزائرية، مضيفا أن الجرائم المتعلقة بالمعلوماتية موجودة وتتم معالجتها بصورة عادية. ويقول إن المشرع الجزائري لم يتطرق إطلاقا إلى هذا الموضوع وهو ما يطرح إشكالا كبيرا في حال اكتشاف حالات تعاطي لهذا النوع من المخدرات في ظل التطور التقني السريع الذي يعرفه العالم والعولمة الرقمية. ويضيف أن دخول مثل هذه المخدرات إلى الجزائر مسألة وقت فقط، حينها سيجد المشرع الجزائري نفسه أمام إشكالية كبيرة لتنظيم وإصدار نصوص قانونية أو على الأقل الوقاية من هذه المؤثرات العقلية الجديدة. ويؤكد المحامي محمد نوي، أن المشرع الجزائري مطالب من الآن بالتدخل على الأقل لدراسة الظاهرة من خلال الاتصال بالدول التي اكتشفت فيها لتفادي وصولها إلى الجزائر والتحضير بعدها لسن قوانين على غرار ما حصل مع الجرائم الرقمية والإلكترونية، لأن التطور السريع لهذه الجرائم يستدعي تطور أكبر للمشرع الجزائري لمسايرة الظاهرة والوقاية منها والحد من انتشارها والتحسيس بخطورتها بالتنسيق مع المجتمع المدني والإعلام الذي يلعب دورا هاما في إثارة مثل هذه القضايا. ويقول إن الدور الأساسي للمشرع هو التدخل بسرعة ومسايرة الظواهر الجديدة، غير أن الملاحظ هو تأخر المشرع الجزائري في التدخل المتأخر أو المتسرع، رغم أن الجرائم الإلكترونية ثابتة وخطرها محدق ولا تثير أي إشكال لدى المجتمع، إنما ترتبط بحماية الشباب من مثل هذه الظواهر. كما دعا مصالح الأمن بمختلف تخصصاتها، سيما الشرطة العلمية والشرطة المختصة بمكافحة الجرائم المعلوماتية إلى مسايرة التطور الحاصل، لأن الأصل في المخدرات استعمالها في العلاج لكن الاستعمال السلبي لها هو الذي يجرم مرتكبيها، والشيء ينطبق على المخدرات الرقمية التي تكون في أصلها عبارة عن مقاطع موسيقية استعملت في بداية الأمر للعلاج لكن تأثيراتها العكسية والجانبية أخذتها إلى مجرى آخر، وعليه فمصالح الأمن مطالبة بدق ناقوس الخطر بشأن هذا النوع من المخدرات، ما دام العلم أثبت تأثيراتها الموازية لباقي أنواع المخدرات الرقمية.
الشيخ كمال بوعروة، إمام مسجد العربي التبسي بحسين داي بالعاصمة إذا أذهبت المخدرات الرقمية العقل فهي حرام المخدرات الرقمية موجودة في السابق لكنها انتشرت بكثرة في هذا العصر نظرا لتطور الآلة والتكنولوجيا، وحسب المختصين فإن الظاهرة لا تزال في مرحلة البحث الذي يجب أن يكون مستمرا لتبيان ضررها ونتائجها لدى استعمالها مثلما يقول الشيخ كمال بوعروة إمام مسجد العربي التبسي بحسين داي بالعاصمة. ويوضح الشيخ كمال بوعروة في اتصال مع "الشروق أون لاين"، أنه يتوجب متابعة هذه الظاهرة من الناحية العلمية والصحية وإظهار خطر المخدر الرقمي كما هو مروج بأن له عدة نتائج سلبية على حياة الفرد والمجتمع. ويضيف أن المختصين يشيرون إلى أن المخدرات الرقمية تسبب ألما في الرأس والأذن لأنها تعتمد على موسيقى متباينة تسلط على الأذن مما يجعل الدماغ غير مستقر ويفرز مواد كيميائية تؤثر على العقل وقد يؤدي ذلك إلى درجة الإدمان، كما أن هذه المخدرات تسبب التشنج العضلي أو الصراخ اللاإرادي والإغماء والرجفة وغيرها وهي نفسها نتائج الإدمان على المخدرات التقليدية. ومن نتائجها كذلك - يقول الشيخ كمال بوعروة – نقص كفاءة الذاكرة إلى درجة الخروج من الوعي وهو أخطر شيء ويصبح المتعاطي خطر على نفسه وعلى أهله والمجتمع ككل لأنه يصبح كالمجنون والرسول صلى الله عليه وسلم قال "رفع القلم عن ثلاث" وذكر المجنون حتى يعقل. ويحذر من خطورة تعاطي مثل هذا النوع من المخدرات الرقمية لأنها تعد مقدمة سهلة للشخص لتناول المخدرات التقليدية الكيميائية بأنواعها لأنه يكون في حالة اللاوعي وكذلك بوجود جليس السوء ويرتكب مختلف الممنوعات مثل تناول الخمور وغيرها. يقول الشيخ كمال بوعروة أنه من الناحية الدينية فالأمور على حسب نتائجها والأصل في الأشياء الإباحة إلا إذا جاء نص يحرم هذا الشيء، لأن الله حلل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، ولو نظرنا إلى نتائج هذه المخدرات الرقمية لوجدناها أقرب إلى التحريم كالتدخين مثلا الذي لم يكن ضرره بيّنا في الأول لكن مع الوقت تبينت أضراره على صحة الإنسان فتم تحريمه لأن الشريعة الإسلامية جاءت للمحافظة على خمسة كليات وهي حفظ العقل والنفس والدين والنسل والعرض فإذا كانت هذه المخدرات الرقمية فيها ضرر لأحد هذه الكليات الخمس فحكمها التحريم. ويضيف أنه إذا ثبت علميا أن هذه المخدرات الرقمية تسبب ذهاب العقل وتضر بالناحية النفسية للشخص فحكمها التحريم تبعا لقاعدة فقهية تقول "أينما دارت العلة دار الحكم" بمعنى إذا لم تكن هناك علة فلا يوجد حكم.
الأستاذة سهام إيغيل، أخصائية نفسانية ومديرة تنفيذية لمؤسسة بصمتي نور البتول التخدير الرقمي مجرد "إيحاءات" ووهم دائم ليس له علاج المخدرات الإفتراضية أو الرقمية من منظور الأخصائيين النفسانيين ظاهرة خطيرة ليس لها علاج دقيق لشدة الأعراض التي يصاب بها متعاطي مثل هذا النوع الجديد من الإدمان الإفتراضي، هذا ما أكدته الأستاذة سهام إيغيل أخصائية نفسانية ومديرة تنفيذية لمؤسسة بصمتي "للشروق أونلاين". وتقول سهام إيغيل إن أعراض مثل هذا النوع من المخدرات يفتقد لنظام التشخيص الذي قد يَحرم الشخص المتعاطي للمثل هذا النوع من المخدرات الرقمية من العلاج النهائي، إذا فات الآوان ليُحوّل هذا الشخص إلى مصالح الأمراض العقلية التي بدورها ستجد صعوبة في تشخيص الظاهرة، التي قد تدمر وظائف الدماغ البشري بالكامل وتقضي على نفسية المتعاطي، بسبب النتائج الوخيمة التي تسببها الجرعات الموسيقية المختلفة الأصوات على الدماغ الذي يؤثر بدوره على الجسد كله وهو ما يؤدي إلى الانهيار التام لنفسية الضحية وربما "الوهم الدائم". وتدعو الأخصائية النفسانية كل الأولياء والسلطات المعنية إلى أخذ الحيطة والحذر من هذا النوع الجديد من المخدرات التي يصعب مراقبته وكشفه وذلك بتضافر الجهود بين الأولياء ومصالح الأمن للكشف السريع والتحري عن الحالة وعلاجها في الوقت المحدد، مشيرة إلى أن كل الباحثين في ميدان علم الإجتماع وعلم النفس مطالبون بالتطرق إلى الظاهرة التي قد تدخل إلى الجزائر بعد ظهورها في دول عربية شقيقة من خلال دراسات وملتقيات للتعريف بالظاهرة حتى يتسنى للأولياء والمعنيين مكافحتها من كل الجوانب الأمنية والاجتماعية والتكنولوجية والقانونية. وتابعت قائلة "لابد من وجود دراسة علمية للوصول إلى إجابات دقيقة"، وأن تأثيرها مجرد" إيحاء" يعتمد على مدى تقبل الشخص لها، وأن منشأها نفسي وليس كيمياوي، حيث "لا يصل إلى حالة الإدمان على الموسيقى الرقمية إلا من وصلوا إلى حالة الإدمان الشديد والتدهور الصحي وخاصة النفسي". وتشير إلى أن أغلب من يلجأون إلى الموسيقى الرقمية هم المدمنون المصابون بحالة من الهوس والشرود الذهني ويشعرون أن المخدر الذي يتعاطونه لا يكفيهم، لذلك يذهبون للصخب والموسيقى الماجنة ذات الصوت المرتفع حتى يطفئوا حالة اللاوعي أو الفوضى العبثية داخلهم. وتضيف أن من يدمن المخدرات الافتراضية تنتابه حالة هستيريا ويصاب بخلل في تفكيره ونتيجة لتلف بعض خلايا المخ لا يعرف ماذا يريد، لذلك يريد أي شيء يخرجه من عالمه فيلجأ للموسيقى المرتفعة والمختلفة في الترددات الهرتزية ومنها الموسيقى الرقمية.
الوقاية خير من العلاج يؤكد جميع الخبراء والمختصين أن المخدرات الرقمية كارثة اجتماعية جديدة تواجه العالم العربي، بدأت بتركيا التي تجاوز المدمنون فيها ل20 ألف، والعثور على حالتين في لبنان، فضلا عن تأهب وزارة الصحة السعودية بعد الاشتباه في وفاة شخص بسبب تعاطي "المخدرات الرقمية". إنه الخطر الذي لا يعلم أحد من يقع الدور عليه وتقف الجزائر في طابور الانتظار تترقب انتشار المخدر كالنار في الهشيم، يتوغل بسرعة مرعبة كالسرطان في جسد الشباب عبر الشبكة العنكبوتية، بعد أن احتل العالم العربي المرتبة الثالثة في استخدام هذه الموسيقى بعد الآسيويين والأمريكان. للوقاية، يجب عدم ترك أجهزة الكمبيوتر داخل غرف الأطفال الصغار بل يجب وضعها في أماكن مفتوحة، وتشجيع الأبناء على الاندماج في أنشطة اجتماعية وتطوعية لإفراغ طاقاتهم بشكل إيجابي، وكذا بناء روابط إنسانية مع الأبناء خاصة في فترة المراهقة بما يضمن مصارحتهم للوالدين، إضافة إلى توعية الشباب بأن موضوع المخدرات الرقمية مجرد وهم يؤدي لفقدان المال ويؤثر على الصحة النفسية وأخيرا تشجيع الشباب على الاندماج في أنشطة بناءة على أرض الواقع بدلا من الغرق في بحور العالم الافتراضي.