طبّي يؤكّد أهمية التكوين    الجزائر حاضرة في مؤتمر عمان    بوغالي يشارك في تنصيب رئيسة المكسيك    استئناف نشاط محطة الحامة    السيد بلمهدي يبرز بتيميمون امتداد الإشعاع العلمي لعلماء الجزائر في العمق الإفريقي والعالم    افتتاح الطبعة ال12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    الرابطة الثانية هواة (مجموعة وسط-شرق): مستقبل الرويسات يواصل الزحف, مولودية قسنطينة و نجم التلاغمة في المطاردة    صحة: تزويد المستشفيات بمخزون كبير من أدوية الملاريا تحسبا لأي طارئ    مجلس الأمن: الجزائر تعرب عن "قلقها العميق" إزاء التدمير المتعمد لخطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و 2    رابطة أبطال إفريقيا (مرحلة المجموعات-القرعة): مولودية الجزائر في المستوى الرابع و شباب بلوزداد في الثاني    قرار محكمة العدل الأوروبية رسالة قوية بأن كفاح الشعب الصحراوي يحظى بدعم القانون الدولي    إيطاليا: اختتام أشغال اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة ال7    الجزائر-البنك الدولي: الجزائر ملتزمة ببرنامج إصلاحات لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة    لبنان: الأطفال في جنوب البلاد لا يتمتعون بأي حماية بسبب العدوان الصهيوني    طاقات متجددة : إنتاج حوالي 4 جيغاوات بحلول 2025    اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة ال7 بإيطاليا: مراد يلتقي بنظيره الليبي    اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة ال7: السيد مراد يتحادث مع نظيره الايطالي    مجمع سونطراك يؤكد استئناف نشاط محطة تحلية مياه البحر بالحامة بشكل كامل    ضبط قرابة 94 كلغ من الكيف المعالج بتلمسان والنعامة قادمة من المغرب    ديدوش يدعو المتعاملين المحليين للمساهمة في إنجاح موسم السياحة الصحراوية 2025/2024    زيارة المبعوث الأممي لمخيمات اللاجئين: الشعب الصحراوي مصمم على مواصلة الكفاح    وهران: انطلاق الأشغال الاستعجالية لترميم قصر الباي    الأعضاء العشرة المنتخبون في مجلس الأمن يصدرون بيانا مشتركا بشأن الوضع في الشرق الأوسط    سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل قاطني المناطق التي شهدت حالات دفتيريا وملاريا بالجنوب    السيد بوغالي يترأس اجتماعا تحضيريا للمشاركة في أشغال اللجنة الأممية الرابعة    أدوية السرطان المنتجة محليا ستغطي 60 بالمائة من الاحتياجات الوطنية نهاية سنة 2024    تبّون يُنصّب لجنة مراجعة قانوني البلدية والولاية    عدد كبير من السكنات سيُوزّع في نوفمبر    يوم إعلامي حول تحسيس المرأة الماكثة في البيت بأهمية التكوين لإنشاء مؤسسات مصغرة    السيد حماد يؤكد أهمية إجراء تقييم لنشاطات مراكز العطل والترفيه للشباب لسنة 2024    ليلة الرعب تقلب موازين الحرب    لماذا يخشى المغرب تنظيم الاستفتاء؟    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    افتتاح مهرجان الجزائر الدولي للشريط المرسوم    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    افتتاح صالون التجارة والخدمات الالكترونية    ديدوش يعطي إشارة انطلاق رحلة مسار الهضاب    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    كأس افريقيا 2025: بيتكوفيتش يكشف عن قائمة ال26 لاعبا تحسبا للمواجهة المزدوجة مع الطوغو    حوادث المرور: وفاة 14 شخصا وإصابة 455 آخرين بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    شرفة يبرز دور المعارض الترويجية في تصدير المنتجات الفلاحية للخارج    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: سينمائيون عرب وأوروبيون في لجان التحكيم    توافد جمهور شبابي متعطش لمشاهدة نجوم المهرجان    هل الشعر ديوان العرب..؟!    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب:الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    تدشين المعهد العالي للسينما بالقليعة    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    قوجيل: السرد المسؤول لتاريخ الجزائر يشكل "مرجعية للأجيال الحالية والمقبلة"    إعادة التشغيل الجزئي لمحطة تحلية مياه البحر بالحامة بعد تعرضها لحادث    بيتكوفيتش يكشف عن قائمة اللاعبين اليوم    منتخب الكيك بوكسينغ يتألق    حرب باردة بين برشلونة وأراوخو    هذا جديد سلطة حماية المعطيات    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    مونديال الكيك بوكسينغ : منتخب الجزائر يحرز 17 ميدالية    الحياء من رفع اليدين بالدعاء أمام الناس    عقوبة انتشار المعاصي    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن... الطريق إلى الجنوب هل يبدأ من «صعدة»؟
من بعيد
نشر في الشروق اليومي يوم 30 - 07 - 2008

كل المؤشرات والدلائل في اليمن تشير إلى تلك المحاولات الجادة، التي تبذلها الحكومة اليمنية للخروج من تراكمات الخلافات الداخلية، مصحوبة بمحاولة لإثبات الوجود، وذلك من خلال المشاركة في القضايا القومية كمحاولتها حل الخلافات بين حماس وفتح، أو مساهمتها في القضايا الدولية مثل التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة الإرهاب.
*
غير أن تلك المحاولات لم تحل دون وقوع مصادمات داخلية محدودة الآن، لها جذورها في تراث العنف اليمني خلال السنوات الماضية، حيث الاحتماء بالسلاح وبالمناطق الجبلية، ولها أيضا مقومات تمدها بالحياة في بيئة منفّرة للمصالحة، ودافعة لمزيد من التأزم على المستويات السياسية والأمنية والاجتماعية.
*
ولنا أن نضرب مثلا بالعمليات التي وقعت بين الحوثيين والجيش، صحيح أنها توقّفت حاليا، إلا أنها مؤهلة للتحول في المستقبل المنظور إلى حرب أهلية شاملة، قد تعبّد الطريق وتفتح المجال أمام قوى مختلفة للتحرّك على الصعيد السياسي، كما هي الحال بالنسبة للأحزاب المعارضة المشروعة، التي تراهن على المطالب الاجتماعية لتحقيق أجندتها السياسية، حتى لو كان ذلك على حساب الوحدة الوطنيّة.
*
إلا أن تلك الأحزاب خاصة المتقاطعة مع شعارات يرفعها أهل الجنوب من أجل المساواة في الحقوق مع سكان الشمال، ليست على درجة الخطورة التي شكلتها جماعة الحوثيين خلال الفترة السابقة، كما أن هذه الأخيرة على درجة أقل من تلك من الخطورة التي تأتي من الأعمال الإرهابية التي تقوم بها القاعدة، آخرها العملية التي وقعت الجمعة الماضية في مدينة سيؤن شرق اليمن.
*
الواضح أن اليمن يواجه جملة من المخاطر، تتطلب حلولا عاجلة، أخطرها في نظر المراقبين العلميات الإرهابية التي تقوم بها القاعدة وتجد مؤازرة من بعض القبائل، يضاف إليها الشعور بالغبن لدى سكّان بعض المناطق، خاصة في الجنوب، وإن كانت الحكومة ترى أن الحل للمشكلات الراهنة يبدأ من تكامل دور السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في تنفيذ سياسة جنائية تأخذ في الحسبان التشريع وتشديد العقوبات، بالإضافة إلى دور المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام، بحيث يكون هذا الأخير عونا للسلطة التنفيذية في أداء مهمتها.
*
ويبدو أن الحكومة اليمنية تضع أعمال العنف المسلّح والاحتجاجات السلمية في سلّة واحدة، وتتخذ الموقف نفسه منهما، فالحكومة كما جاء في تصريحات سابقة للدكتور علي محمد مجّور، رئيس مجلس الوزراء اليمني: »واجهت الأعمال التخريبية والإرهابية خلال الفترة الماضية بعدد من الإجراءات الحازمة، أدت إلى ضبط أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية، وأحالتها إلى النيابة، كما يجرى إعداد ملفات لبقية تلك العناصر تمهيدا لتقديمها إلى النيابة العامة«.
*
وكان يقصد هنا أعمال العنف والتخريب التي وقعت في محافظة »صعدة«، ومحاولة نقل الأعمال التخريبية، كما تسميها الحكومة، إلى مناطق أخرى مثل تلك التي ارتكبت في مديرية »بني حشيش«.
*
وقد نتج عن تلك الأعمال الإرهابية والتخريبية، حسب تصريحات المسؤولين اليمنيين، تحديات واجهتها الأجهزة الأمنية بقوة، تمثلت في أعمال الحرابة والاختطاف، وغيرها من الجرائم ذات الخطورة الاجتماعية الكبيرة، ولا شك أن تلك الجرائم الإرهابية والأفعال الجنائية تتطلب إجراءات أمنية حازمة وصارمة، وهو ما اتخذته الحكومة اليمنية، اعتقاداَ منها بأن ذلك يمثل الحل الأمثل.
*
غير أن انتشار ظاهرة السلاح، وعدم البتّ في قضية التعديل القانوني المعروض على مجلس النواب، بالإضافة إلى انتشار الأسلحة المتوسطة في أيدي المواطنين يجعل من مهمة الأمن غاية في الصعوبة.
*
وإذا كانت الاحتجاجات وأعمال التخريب قد توقّفت في محافظة صعدة بإعلان الرئيس اليمنى »علي عبدالله صالح« قراره إيقاف العمليات العسكرية وبدء مرحلة التنمية والإعمار، فإن الأعمال الإرهابية الأخرى، لاتزال تهدد استقرار الدولة اليمنية وعلاقتها الدولية وتأثيرها في محيطها، وهو ما تخشاه الحكومة كما جاء على لسان عدد من مسؤوليها.
*
ويرى المراقبون أن إزالة بؤر التوتر يتطلب الاستجابة إلى مطالب المعارضة، من ذلك إنهاء التضييق على حرية الرأي والتعبير، ووقف عسكرة الحياة السياسية، ووقف الاعتقالات والمحاكمات ضد ناشطي النضال السلمي، من ذلك المحاكمات التي يتعرض لها قادة الحراك الشعبي والسياسي في بعض محافظات الجنوب، حيث ترى أحزاب اللقاء المشترك أنها محاكمات »سياسية«، وكذلك ترى المنظمات الحقوقية، كما جاء واضحا في تصريحات صحفية للمدير العام لمنظمة هود للدفاع عن الحقوق والحريات المحامي »خالد الآنسي« بقوله: »أن المحاكمات سياسية وصورية، القصد منها التنكيل بالخصوم السياسيين والمعارضين أكثر مما تهدف إلى تطبيق القانون، كما أنها تنظر أمام قضاء استثنائي، في ظل عدم وجود سلطة قضائية مستقلة، في حين تؤكد المصادر الحكومية أن الإجراءات المتخذة قانونية«.
*
على العموم، فإن المدخل لمصالحة شاملة في اليمن تبدأ من مد جسور بين أحزاب المعارضة اليمنية المنضوية تحت اللقاء المشترك وبين السلطة وحزب المؤتمر الحاكم بهدف إزالة التوتر المستمر بينهما، وتوقيف المحاكمات التي يتعرض لها قادة الحراك الشعبي والسياسي في بعض محافظات جنوب اليمن.
*
لهذا يأمل كثير من اليمنيين، خصوصا المهتمين بالشأن السياسي، في إعلان مبادرة رئاسية بالعفو عن معتقلي المعارضة في إطار تصفية المناخ السياسي المحتقن منذ أشهر طويلة، وتزامنا مع إعلان إيقاف الحرب في صعدة، والعفو عن المتمردين الحوثيين.
*
مهما تكن السبل والطرق والمناهج المتبعة للخروج من أزمة متشعّبة في اليمن، فإن الطريق إلى جنوب اليمن لجهة قبول أهله بقدر الوحدة دون الشعور بالغبن، قد بدأ من صعدة، وعلى روح التعايش والحكمة اليمنية القديمة، ولغة الحوار وميراث السلاح والّدم يمكن بناء وحدة لا يؤثر فيها تغير السياسات، واتساع المصالح وطغيان المطامح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.